رام الله | مع اضطرار السلطة الفلسطينية إلى إجراء انتخابات قريباً بضغط أوروبي وإقليمي، كشفت مصادر مطّلعة في رام الله أن جملة من الإجراءات تتعلّق بتحسين وضع موظّفي السلطة في قطاع غزة باتت على الأبواب، وذلك في أجواء التحضير للانتخابات التي «تنتظر مرسوماً رئاسياً خلال أيام» لتحديد موعدها، إثر موافقة «حماس» عليها. وبحسب المصادر، فإن من بين القرارات عودة الرواتب كاملة لموظفي غزة، بدءاً من آذار/ مارس المقبل لمساواتها برواتب موظفي الضفة المحتلة، عقب حسومات تراوحت بين 30% و50% منذ أربع سنوات. وأضافت إنه «سيُحلّ أيضاً موضوع الترقيات والعلاوات لهم، مع إلغاء التقاعد» الجبري. وفي السياق، يؤكد القيادي في حركة «فتح»، عبد الله عبد الله، أن هناك قراراً بحلّ أزمة موظفي غزة، مستدركاً: «السلطة كانت بانتظار السيولة المالية»، في إشارة إلى قبول السلطة أخيراً تسلّم أموالها التي تَمنّعت عن أخذها من الاحتلال الإسرائيلي. وفي شأن عودة المساعدات الأميركية في عهد الإدارة الجديدة، قال عبد الله: «الرئيس (جو) بايدن وعد بذلك، لكنّ لديه كثيراً من المشكلات عليه حلّها»، مضيفاً: «في ما يتعلّق بدعم (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين) الأونروا، سنستغلّ مؤتمر المانحين في أبريل (نيسان) المقبل لإعلان عودة المساعدات الأميركية إليها... بخصوص السلطة ومشاريع USAID تأتي بعد إنهاء القضايا الملحّة في أميركا مثل كورونا والاقتصاد ولملمة الوضع الداخلي».
لكنْ لدى المحلّل السياسي، طلال عوكل، رأي آخر يقول إن تحسين نسبة صرف الرواتب يأتي لتمهيد الطريق أمام «فتح» في الانتخابات. ويضيف: «كلّ هذه الأخبار يجب التعامل معها بحذر، فالسلطة تَعِد منذ مدّة بإلغاء التقاعد، فيما يدور حديث في أجواء المصالحة عن أن الحكومة ستعيد إلى موظفيها مستحقّاتهم ورواتبهم، لكن لم يتغيّر شيء... أرى ألّا يراهن الناس على صدقية تنفيذ هذا القرار في مارس (آذار)»، لأن «الهدف هو الانتخابات التي سنشهد فيها موجة من الوعود والكلام المعسول من كلّ الفصائل» المشارِكة.
يدور حديث عن ضغط إماراتي لعقد مصالحة بين عباس ودحلان


وكان رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، قد بعث برسالة خطّية إلى رئيس السلطة، محمود عباس، يعلن فيها قبول حركته إجراء الانتخابات بالتوالي، في تراجع عن موقفها المطالب بأن تُجرَى بالتزامن (البرلمان والرئاسة والمجلس الوطني)، وذلك بعد أيّام من المصالحة الخليجية بين قطر والسعودية (راجع: الفلسطينيّون يترقّبون المكاسب... والخسائر! في 9 كانون الثاني). كذلك، استقبل هنية، قبل يومين، الأمين العام لـ«الجهاد الإسلامي»، زياد النخالة، في العاصمة القطرية الدوحة، لبحث «التطوّرات المتعلّقة باستعادة وحدة الشعب الفلسطيني وإنهاء الانقسام على قاعدة إجراء الانتخابات بمستوياتها الثلاثة».
على خطّ موازٍ، يدور حديث «فتحاوي» عن مصالحة بين عباس والقيادي المفصول من الحركة، محمد دحلان، بضغط إماراتي، وهو ما تنفيه قيادات كثيرة، لكنّ مصدراً متابعاً يلفت إلى أنه «بعد المصالحة الخليجية، وعودة العلاقات التركية ــــ الإماراتية، هناك توجّه مشترك، مصري ــــ أردني ــــ سعودي ــــ إماراتي ــــ قطري، إلى تفعيل ملفّ السلام في المنطقة، ولإتمام ذلك يجب حلّ موضوعين: الأول المصالحة بين عباس ودحلان، والثاني الانتخابات التشريعية، وهذا مطلب أميركي صرف»، والسبب أن «الإدارة الجديدة اشترطت أنها لن تتعامل إلّا مع أجسام شرعية منتخبة، كما أنه ليس لديها مشكلة في دخول حماس إلى منظّمة التحرير بعدما صار برنامجها واضحاً للجميع في ما يتعلّق بقبول دولة على حدود 67».
يضيف المصدر نفسه: «يُتوقّع قبل نهاية هذا الشهر أن يَصدر المرسوم الرئاسي لتحديد موعد الانتخابات، وحتى تجرى في أجواء سليمة تشمل الضفة وغزة والقدس، يجب أن تكون هناك مصالحة فتحاوية، لكن لا يعني هذا أن دحلان سيُرشّح نفسه للرئاسة، بل سيبقى على موقفه ويُرشّح مروان البرغوثي... أتوقّع أن تتمّ المصالحة الفتحاوية قبل يونيو (حزيران) لأن المرسوم سيكون أن تُجرى الانتخابات التشريعية بعد عيد الفطر في مايو (أيار)، والرئاسية في أغسطس أو سبتمبر (آب أو أيلول)»، على أن ذلك سيترافق مع «تغييرات كبيرة في مراكز مهمّة في السلطة ووزاراتها بتعليمات رئاسية، وخاصة وزارات المالية والصحة والخارجية والسياحة... «لتحسين وجه السلطة». كما أجرى عباس منذ يومين تغييرات في السلك القضائي بما يعزّز سلطته على القضاء.