غزة | رغم إصدار رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مراسيم الانتخابات المنتظرة منذ أشهر، لا تزال الضبابية تحوم حول الانتخابات بسبب عقبات كبيرة تهدّد إمكانية إجرائها أصلاً، ومنها عراقيل قانونية وأخرى أمنية، مع سؤال كثيرين عن الضمانات بعد عقد ونصف على الانقسام وفقدان الثقة. ستجري الفصائل سلسلة حوارات في القاهرة الأسبوع المقبل لبحث هذه العوائق، بدعوة من السلطات المصرية التي اتّفقت معها «فتح» و«حماس» مسبقاً على اللقاءات، علماً أنه لم يجرِ حتى الآن تواصل مع أي من الفصائل أو دعوتها، طبقاً لمصدر سياسي تحدث إلى «الأخبار».أمام الانتخابات عقبات قانونية أولها أن مراسيمها تخالف القانون الأساسي على نحو يسمح للخاسرين بالطعن أمام «المحكمة الدستورية» وإمكانية إبطال الانتخابات، ما يُعطي ميزة لـ«فتح» تمكّنها من التراجع عن النتائج إذا كانت في غير مصلحتها، ولا سيما أن «الدستورية» مشكوك في نزاهتها كون عباس من عيّنها، إضافة إلى تعيينه «المجلس الأعلى للقضاء» في الضفة، وكل ذلك جرى قبيل إصدار المراسيم بأيام وسط اعتراض واسع من القضاة والمحامين. ويرى خبراء في القانون أنّ التلاعب في القضاء ومرجعيات الانتخابات سيعطي الفتحاويين أيضاً القدرة على رفض الطعون في حال جاءت النتائج لمصلحتهم. في هذا السياق، دعا خبير القانون الدستوري أحمد مبارك الخالدي لحل هذه الإشكالية قبل بدء الانتخابات، خاصة أن «القانون الأساسي المُقرّ عام 2005 ينص على حق الفلسطينيين بالترشح أفراداً وجماعات، فيما خالف الرئيس ذلك بنصه على الترشح وفق القوائم فقط».
أعاد عباس تشكيل القضاء و«الدستورية» قبل مراسيم الانتخابات بأيام


العقبة القانونية الأخرى التي تعترض الانتخابات وجود نظامَين قضائيَّين في غزة والضفة، ما يعني أصلاً أن الاحتكام إلى القضاء سيكون فيه معضلة كبيرة بالنسبة إلى القطاع الذي لا تعترف رام الله بـ«مجلس القضاء الأعلى» فيه. وعلمت «الأخبار» أن مقترحاً تعدّه فصائل يشمل حلولاً لهذه الإشكالات ضمنها الاتفاق على تشكيل مرجعية قضائية بجانب المحكمة تجمع بين القضاء في غزة والضفة، وتمثل توافقاً يمكن الاحتكام إليه في الاعتراضات والطعون، على أن يُطرح هذا المقترح في حوارات القاهرة.
إلى جانب الأزمة القانونية، تمثل الأزمة الأمنية تحدّياً كبيراً، إذ تختلف الأجهزة الأمنية في غزة عن نظيرتها في الضفة، وتدير الأولى حكومة «حماس» فيما تدير الثانية حكومة «فتح»، الأمر الذي قد يطعن في نزاهة العملية، وحمايتها من التزوير أو التلاعب. هنا تشمل مقترحات الفصائل حلولاً بإيجاد «ضمانات أمنية مشتركة» يجري التباحث حولها في الحوارات المقبلة، بجانب المرجعيات وآليات الانتخابات، والهدف كما تنقل المصادر «منع إحباط أي من الأطراف للانتخابات». كما ستدرس تجاوز العقبات التي قد يفرضها الاحتلال في الضفة فضلاً عن وضع القدس، خاصة أن عدداً من الفصائل ترفض إقامة الانتخابات دونها، فيما لا يزال الاحتلال يتجاهل طلبات السلطة بخصوص الانتخابات فيها.
تعقيباً على الحوارات، قال أمين السر لـ«اللجنة المركزية لفتح»، جبريل الرجوب، إنها تهدف إلى «ترتيب الانتخابات لضمان الدخول فيها على أسس لا تتعارض مع القانون لكن بتوافق وطني... سنتحدّث عن الحريات وخلق البيئة المطلوبة للانتخابات وآلياته والقضاء والأمن وكل القضايا اللوجستية كي تكون هناك سياسة واحدة وآليات عمل متّفق عليها». وتعوّل الفصائل على لقاءات القاهرة كثيراً مع النظر إلى مصر كضامن خارجي جراء غياب الثقة بعد انقسام دام 14 عاماً وعدد كبير من اتفاقات المصالحة غير المنفذة. ومن باب ترطيب الأجواء عامة، أفرجت السلطات المصرية أمس عن الصياد ياسر الزعزوع من دير البلح الذي استشهد أخواه الاثنان قبل شهرين برصاص الجيش المصري وقد كان ثلاثتهم في مركب لصيد السمك.



مديرا المخابرات الأردنية والمصرية في رام الله


بجانب زيارة الملك الأردني، عبد الله الثاني، إلى الإمارات أول من أمس، وزيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، المقررة اليوم إلى الأردن، استقبل محمود عباس في رام الله رئيس جهاز «المخابرات العامة» المصرية، عباس كامل، ورئيس «المخابرات الأردنية»، أحمد حسني، ووفدين مرافقين لهما، بحضور نظيرهما ماجد فرج. تفيد المعلومات بأن الزيارة ترتبط بأكثر من ملف داخلي وخارجي، على رأسها الانتخابات الفلسطينية والنتائج المتوقعة منها، وبالتوازي إدخال السلطة في حلف التطبيع المستجدّ. خلال اللقاء، جرت مناقشة قضية المصالحة مع القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان، والضغط باتجاهها، لكن المصادر تنقل أن عباس لا يزال رافضاً للفكرة من أصلها، وقد عرض أسبابه في ذلك.


دحلان إلى الانتخابات مع «فتح» أو من دونها
قال المسؤول الجديد لـ«التيار الإصلاحي» التابع لمحمد دحلان في غزة، سفيان أبو زايدة، إن التيار سيخوض الانتخابات منفرداً برئاسة دحلان «إذا لم نتمكن من الاتفاق على قائمة موحدة لحركة فتح». يأتي ذلك في وقت عمّم فيه «الإصلاحي» على كوادره ما مفاده أن التيار وقائده يعملان على النزول في قائمة مشتركة مع «فتح»، وفي حال رفض عباس، «سنكون جاهزين لخوض هذه الانتخابات بقائمة وطنية جامعة».