تبدأ البعثة الأممية إلى ليبيا من اليوم وضع جدول زمني لإجراءات واستمارات الترشح للمسؤولين الراغبين في شغل المناصب السيادية في السلطة الانتقالية بعدما توافَق أعضاء «ملتقى الحوار السياسي»، بسرعة وبصورة غير متوقعة، على آليّة لتسمية المرشحين، وفق مقترح اللجنة الاستشارية المتفق عليه في جنيف. المقترح حاز موافقة الأكثرية لتمريره من المرة الأولى بالتصويت السرّي (من بعد) الذي نظّمته البعثة، وذلك بمشاركة 72 عضواً وافق 51 منهم، أي ما يمثل 73%، على الآلية الجديدة التي ستسمح بتعيين سلطة انتقالية تتولى التمهيد للانتخابات المقررة نهاية العام الجاري.تتضمن الآلية الجديدة تسمية الأقاليم الثلاثة مرشحها، كل على حدة، لـ«المجلس الرئاسي» وفق مبدأ التوافق في الاختيار. وإن لم يتحقق التوافق، يجري التصويت في كل إقليم بين المتنافسين، على أن ينال الفائز 70% من الأصوات. وفي حال التعذر، تُجرى الانتخابات عبر تشكيل كل إقليم قائمة من أربعة أشخاص، على أن يكون في كل قائمة تحديدٌ للمناصب التي سيترشح لها الإقليم: رئاسة «الرئاسي» أو الحكومة، أو عضوية «الرئاسي،» على أن تدخل القائمة للتصويت بين أعضاء «ملتقى الحوار». ويُشترط في القائمة الفائزة الحصول على 17 تزكية: 8 من الغرب و6 من الشرق و4 من الجنوب، مع حصولها أيضاً على 63%من الأصوات بجانب التزكيات العددية، ما يجعل المسألة أكثر تعقيداً وغير قابلة للمراهنات، كما يجنب المفاوضات إخفاق التصويت بسبب الرشى. وتتميز هذه المقترحات بالاحتكام إلى الغالبية في الفوز (50+1) في الجولة الثانية التي يفترض أن تُجرى بعد يومين فقط من الأولى، وتكون بين القائمتين اللتين تحصلان على أعلى نسبة، الأمر الذي يفرض التوافق بين ممثلي الأقاليم الثلاثة لتقاسم السلطة التي ستقود بلاداً موحدة.
تستمر الاجتماعات في الغردقة لبحث المسار الدستوري الأفضل


في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، ستقدّم المبعوثة الأممية بالإنابة، سيتفاني ويليامز، إفادة إلى مجلس الأمن حول تفاصيل الاتفاق والخطوات المقبلة في الجلسة المقررة، على أن تُعرض في الجلسة نفسها توضيحات حول مخرجات الاجتماعات التي تستضيفها مصر بشأن المسار الدستوري وتُختتم غداً في مدينة الغردقة، بعدما شهدت مناقشات مطوّلة حول أعقد المسارات بين الليبيين حالياً بعد الانفراجة في المسارين السياسي والعسكري. وسبق أن قدّمت حكومة «الوفاق الوطني» وقوات خليفة حفتر تسهيلات لإنجاح المسار العسكري عبر اجتماعات «5+5» المستمرة في تنظيم طبيعة العلاقات ومناطق سيطرة كل طرف وغيرها من التفاصيل. أما المسار الدستوري، فيواجه تعقيدات جمة؛ بداية من غياب الرؤية حول الأولويات وصولاً إلى انتظار آراء بعض القيادات غير المشاركين في الغردقة، إذ شهدت اجتماعات أمس نقاشات لم تسفر عن نتائج.
مع ذلك، تعوّل البعثة الأممية والمراقبون المصريون المشاركون بصورة ودية في هذه اللقاءات على الساعات الأخيرة من أجل التوصل إلى اتفاق، مع احتمالية التمديد لساعات أو حتى أيام للوصول إلى حلول يمكن البناء عليها، على أن يُضمن الالتزام الكامل بموعد الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر المقبل دون إرجاء أو تعديل، وسط مقترح بأن تكون السلطة المنتخبة أيضاً مؤقتة حتى كتابة دستور جديد والتصويت عليه، لتُجرى بعدها انتخابات تشريعية ورئاسية في موعد يُتفق عليه. هذا المقترح لا يلقى دعماً كبيراً لأن إجراء انتخابات جديدة في غضون عامين بعد الانتخابات هذا العام لن يدعم الاستقرار وسيعيق تشكيل سلطة انتقالية (حتى نهاية العام) يفترض أن تتسلم مهماتها خلال شهرين على الأكثر، وفق مخرجات «ملتقى الحوار» .
بالعودة إلى المسار السياسي، تشتدّ المنافسة على مناصب عدة؛ في مقدّمها رئاسة الحكومة، بين رئيس «الوفاق» فائز السراج، ووزير داخليته، فتحي باشاغا، إضافة إلى رجل الأعمال عبد الحميد الدبيبة، فيما يسعى رئيس البرلمان، عقيلة صالح، إلى الاحتفاظ بمنصبه مقابل منافسة قوية من المستشار عبد الجواد العبيدي الذي يحظى بتأييد كبير، علماً بأن غالبية المناصب ستكون بالتوافق وضمن تنازلات تقدمها الأقاليم الثلاثة. أخيراً، ينتظر المسار العسكري جلسة مجلس الأمن المقبلة من أجل استكمال الاجتماعات بعد القرار المنتظر بتوسيع مهمات البعثة الأممية لتشمل الإشراف على وقف النار ونشر المراقبين من أجل متابعة انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية، وهي النقطة التي يراها حفتر محورية في الحل.