يبدو أن موسم التطبيع سيشهد مزيداً من الازدهار، في ظلّ رغبة الإدارة الأميركية الجديدة البناء على الأساسات التي أرساها الرئيس السابق، دونالد ترامب، في هذا المجال، بعدما رعى أربعة اتفاقات "سلام"، لم يتأخّر المغرب قبل الانضمام إليها. والرباط، آخر الملتحقين بقاطرة التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي بعد أبو ظبي والمنامة والخرطوم، تبدو على عجلةٍ من أمرها للسموّ بالعلاقات بين الجانبين إلى أعلى المستويات، وتسريع مسار التطبيع الذي منحتها الإدارة الأميركية السابقة السيادة الكاملة على الصحراء الغربية في مقابله، فيما لم تُبدِ الإدارة الجديدة أيّ ملاحظات في هذا الخصوص. علاقاتٌ ارتقت، اعتباراً من الثلاثاء، إلى مستوى التمثيل الدبلوماسي، إثر وصول السفير الإسرائيلي إلى الرباط لتدشين مكتب الاتصال بعد 20 عاماً على إغلاقه.ديفيد غوفرين، السفير السابق لدى مصر (2016 - 2020)، سيترأّس البعثة الإسرائيلية إلى المغرب، وسيعمل مع طاقمه "من أجل التقدّم المستمرّ للعلاقات الثنائية في جميع المجالات، بما في ذلك كلّ ما يتعلّق بالحوار السياسي والسياحة والاقتصاد والعلاقات الثقافية"، وفق ما جاء في بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية. الخطوة التي جاءت بعد شهر ونصف شهر على استئناف العلاقات في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عدّتها إسرائيل بمثابة "يوم احتفال"، ولا سيّما أن المغرب الذي أَغلق، في عام 2000، مكتب الاتصال في تل أبيب، قرّر، أخيراً، المجاهرة بالعلاقات التي لم تنقطع يوماً. في هذا الوقت، تعمل الرباط على تجديد مبنى إداري في شارع هيركون في تل أبيب، ليكون مكتب الاتصال الخاص بها، على أن يتمّ افتتاحه في وقتٍ قريب. إحياء العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين جاء في أعقاب توقيعهما، في كانون الأول الماضي، أربعة اتفاقات ثنائية، ركّزت على الرحلات الجوية المباشرة، وإدارة المياه، وإعفاء "مواطنيهما" من التأشيرات، وتشجيع الاستثمار والتجارة بينهما. وأعلنت وزارة الاقتصاد الإسرائيلية، قبل أيّام، أن الطرفين توصّلا إلى اتفاق لتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي في مجالات تتضمّن التنظيم والابتكار، لافتةً إلى أنهما مهتمّان بتوقيع الاتفاق في غضون أسبوعين.
هناك اتصالات جارية بين مكتب نتنياهو وقصر الرباط لتنسيق زيارة محمد السادس إلى إسرائيل


هذه التطوّرات المتسارعة سبقها، قبل أسبوعين، إعلان مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن الأخير دعا الملك المغربي، محمد السادس، إلى زيارة إسرائيل خلال محادثات هاتفية بينهما. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في هذا السياق، أن الاتصالات جارية بين مكتب رئيس الحكومة وقصر الرباط لتنسيق الزيارة الملكية في الأسابيع القليلة المقبلة، والتي اشترط الملك زيارة رام الله والاجتماع برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لتلبيتها. وبحسب الصحيفة العبرية، يضغط نتنياهو لإتمام هذه الزيارة، التي يعدّها بطاقة "مهمّة" في حملته الانتخابية، لكن مصادر دبلوماسية تقول، في حديثها إلى الصحيفة، إنه "لا يوجد يقين وتأكيد أن ملك المغرب سيوافق على المجيء قبل الانتخابات الإسرائيلية، وهو يعلم أن نتنياهو سيستخدم هذه الزيارة للدفع قُدُماً بحملته الانتخابية"، فيما يلفت مسؤول إسرائيلي إلى أن "هناك اتصالات ومحاولات، لكنّني أجد صعوبة في رؤية هذا يحدث... لكن الملك ربّما يُحدِث مفاجأةً ويأتي".
ويبدو أن إدارة بايدن تنفّست الصعداء بفعل الشغل الهائل الذي أنجزه ترامب قبل رحيله؛ إذ تعتزم البناء على منجزاته في مجال اتفاقات التطبيع، والعمل عن كثب مع إسرائيل في شأن قضايا الأمن الإقليمي، بحسب ما أبلغ مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، نظيره الإسرائيلي مائير بن شبات. وناقش الطرفان "فرص تعزيز الشراكة خلال الأشهر المقبلة، بما في ذلك من خلال البناء على نجاح اتفاقات التطبيع الإسرائيلية مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب". وقبل يوم واحد من تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، قال وزير الخارجية الأميركي الجديد، أنتوني بلينكن، إنه خلال توليه الوزارة سيبقي على السفارة الأميركية في القدس المحتلة، وستواصل إدارته الاعتراف بالمدينة عاصمة للكيان الإسرائيلي. كما شدّد على أنها ستواصل الدعم الذي تُقدّمه لإسرائيل بصفتها "أهمّ حليف للولايات المتحدة في المنطقة".