أعلنت وزارة الخارجية السويسرية أمس أن فلسطين أصبحت عضوا في اتفاقات جنيف الأربعة والبروتوكول الإضافي الأول، التي هي نصوص أساسية في الحق الإنساني. وقال المتحدث باسم الوزارة بيار ايلتشينغر إنهم أبلغوا كل الدول الأعضاء دخول فلسطين في هذه الاتفاقات.
وتسلم الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسالة من رئيس الاتحاد السويسري، بصفة دولته الحاضنة لهذه الاتفاقات، يؤكد فيها أن صك انضمام فلسطين أُودع في مواثيق جنيف، فيما رأى عباس أن خطوة الأمس «إعلان عن تاريخ جديد لفلسطين».
بناءً على ذلك ستصبح فلسطين عضوا كاملا في 11 ميثاقا يوم الثاني من أيار المقبل، وعضوا كاملا في ميثاق حماية الطفل في السابع من الشهر نفسه، ثم في الميثاق ضد الإبادة الجماعية في الثاني من تموز، كما قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات.
وأضاف عريقات أن «فلسطين ستنتقل من مربع إملاءات الاحتلال إلى القانون الدولي». وثمّن مواقف سويسرا والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، معبرا عن الأمل في مسارعة هولندا حاضنة ميثاق لاهاي إلى «قبول فلسطين في أقرب وقت ممكن عضوا متعاقدا في اتفاقية لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب».
ومن الاتفاقات التي جرى الانضمام إليها: مناهضة التعذيب وضروب العقوبة القاسية، والقضاء على التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وحقوق الطفل. أما عن مواثيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فأوضح وكيل وزارة الخارجية الفلسطينية تيسير جرادات أن «هذه الاتفاقات السابقة قُبلت فلسطين عضوا فيها، فيما تحتاج المعاهدات الأخرى إلى بعض الوقت للعضوية فيها».
إسرائيل لجأت
سابقاً إلى معاقبة السلطة مالياً
وتعزز هذه الخطوات من وجهة نظر فلسطينية مكانة السلطة، وتجعلها تستند إلى القانون الدولي في الرد على أي تصرف قد تقدم عليه إسرائيل ضدها.
في جانب آخر، وصف عريقات قرار إسرائيل تجميدَ تحويل عائدات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية ردا على الخطوة الدولية للأخيرة «قرصنة إسرائيلية وسرقة لأموال الشعب الفلسطيني».
وقال: «هذا انتهاك بحق شعبنا، وخاصة دافعي الضرائب، وهو اعتداء واضح تمارسه إسرائيل ضد القانون الدولي»، مستدركا: «بينما تعزز دولة فلسطين مكانة القانون الدولي، تستمر إسرائيل في انتهاكاتها بحق هذا القانون».
وكان مسؤول إسرائيلي قد صرح بأن تل أبيب اتخذت سلسلة إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين، بينها تجميد تحويل أموال الضرائب التي تجبيها لمصلحة السلطة، ووقف مشاركتها في تطوير حقل غاز قبالة سواحل قطاع غزة متاخم لحقل غاز إسرائيلي، وهو مشروع سعى إليه منذ سنوات المبعوث الخاص للرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط توني بلير، بالشراكة مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا.
خطوة أخرى أعلنها ذلك المسؤول، هي وضع حكومته سقفا للودائع المصرفية الفلسطينية في المصارف الإسرائيلية، مبينا أنهم أبلغوا الفلسطينيين هذه القرارات عن طريق رئيس الإدارة العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
وتبلغ قيمة الضرائب التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة حوالى 80 مليون دولار شهريا.
في المقابل، رأى المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية في رام الله إيهاب بسيسو أن إعلان الجانب الإسرائيلي وقف تحويل تلك الأموال «ورقة ضغط قديمة جديدة سرعان ما تستخدمها إسرائيل عند أي ارتباك سياسي». وقال: «تل أبيب لن تنفذ هذا الإجراء مدة طويلة، لأنها تعلم أن الوضع الاقتصادي والمالي للسلطة في تراجع». وعزا بسيسو ذلك إلى أن تبعات القرار الإسرائيلي ستعود بالضرر على حكومة بنيامين نتنياهو أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، «لأنها في نظر الأوروبيين والأميركيين السبب في انهيار المفاوضات، وفوق ذلك تفرض عقوبات على الفلسطينيين».
ومن دون هذه الإيرادات، فإن السلطة ستكون عاجزة عن دفع رواتب نحو 160 ألف من موظفيها في الضفة وغزة، ما يعرض السوق الفلسطينية لانتكاسة وركود أكبر مما تعانيه في الآونة الحالية.
وتابع المتحدث باسم رام الله: «لن يكون الوضع أسوأ مما هو عليه الآن إذا حجبت إسرائيل أموال المقاصة الشهرية... الاقتصاد الفلسطيني ليس في أفضل حالاته، ومع ذلك فإن الاحتلال معني ببقاء هذا الاقتصاد على قيد الحياة».
وفي رأي بسيسو، فإن المواطنين الفلسطينيين أصبحوا يملكون خبرة في التعامل مع الأزمات المالية وانقطاع الرواتب، «فهذه التهديدات نُفذت أكثر من مرة خلال السنوات الماضية». ومضى قائلا: «أظن أن الركود الاقتصادي خلال المدة الماضية كان نتيجة وعي الفلسطينيين بإمكانية تدهور المفاوضات، ما دفعهم إلى الادخار أكثر من الإنفاق».
(أ ف ب، رويترز، الأناضول)