تونس | ما زالت تداعيات زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى تونس، متواصلة في الشارع التونسي، بعد تسريب معلومات عن طلبه من الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي استضافة قادة الإخوان المسلمين مؤقتاً، حتى انتهاء الأزمة القطرية مع دول الخليج، وبينهم الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي.
هذه المعلومات التي يجري تداولها على نحو كبير في الصحف ومختلف وسائل الاعلام، وصفحات التواصل الاجتماعي على موقع «الفايسبوك»، دفعت عدداً من المثقفين والحقوقيين والناشطين إلى المطالبة بتحرك احتجاجي لرفض دخول القرضاوي وقادة «الإخوان» إلى تونس.
وقد بدأ هذه التحركات الشاعر محمد الصغير اولاد احمد، الذي حرّك الدعوى القضائية التي رفعها ضد القرضاوي منذ خمس سنوات، بعدما كفره على شاشة «الجزيرة»، وعدّه ملحداً. رد الفعل الغاضب للنخب التونسية على ما تسرب من أخبار، دفع رئاسة الجمهورية إلى التكذيب الرسمي لخبر احتضان تونس للقرضاوي، على لسان مدير ديوان الرئاسة عدنان منصر، الذي نفى في ندوة صحافية أن يكون الأمير تميم قد تقدم بأي طلب للمرزوقي في هذا الاتجاه.
نفي عاد وأكده وزير الخارجية وزير الخارجية منجي الحامدي أمس، مشددا على أن هذا الأمر لم يطرح خلال لقاء أمير قطر مع الرئيس منصف المرزوقي.
كذلك اضطرت حركة «النهضة» إلى تكذيب الأنباء الصحافية على لسان رئيسها راشد الغنوشي، الذي ظهر في برنامج على قناة «نسمة»، ليتبرأ من انتماء حركته إلى التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، كما نفى الغنوشي دعوة قادة «الإخوان» إلى الإقامة في تونس، او التوسط لدى المرزوقي للسماح لهم بالإقامة في تونس. ونفى الغنوشي أيضاً أن يكون مرشحاً لمنصب المرشد العام للتنظيم الدولي، وهو ما تداولته العديد من وسائل الإعلام التونسية والعربية. الرفض الشعبي والثقافي للدور القطري في تونس، ولتنظيم الإخوان المسلمين في الشارع، يزداد كل يوم. وقد كشف استطلاع للرأي نشرته أخيراً مؤسسة «سيغما» المتخصصة في استطلاعات الرأي، أن حركة النهضة المحسوبة على إمارة قطر، وتنظيم الاخوان المسلمين، هي الحزب الأكثر كرهاً وسط التونسيين. ويفسر خبراء علم الاجتماع في تونس موجة الكره غير المسبوق في الشارع التونسي لقطر والمحسوبين عليها، بخوف التونسيين من ضياع النموذج الاجتماعي الذي عرفوا به، ومكاسب الجمهورية. من جهة أخرى (أ ف ب، الأناضول، رويترز)، وللمرة الاولى في تاريح تونس، ومع وصول البلاد إلى حافة الإفلاس، اضطرت الحكومة التونسية إلى الاقتراض من القطاع الخاص، لتوفير أجور الشهر الجاري لموظفي القطاع العام. وأعلن رئيس الحكومة مهدي جمعة أن حكومته اقترضت حوالى 222 مليون دولار من السوق المحلي، لتسديد أجور موظفيها لشهر نيسان أبريل الجاري. وأضاف جمعة أن «مداخيل الدولة خلال شهر نيسان في حدود 2 مليار دينار (1.2 مليار دولار)، فيما تقدر المصاريف بـ 3 مليار دينار (1.9 مليار دولار)».
في السياق، أظهرت بيانات للبنك المركزي التونسي أن احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية انخفضت إلى ما دون المستويات المقبولة، لتغطي واردات 99 يوماً مدفوعة بتفاقم العجز التجاري، وهو ما يعمق الأزمة المالية للبلاد. وقالت البيانات، التي نشرها البنك أمس على موقعه على الانترنت، إن الاحتياطيات تراجعت إلى 11.01 مليار دينار (6.97 مليارات دولار) في الثامن من نيسان الماضي، أي ما يغطي حاجة الواردات في 99 يوماً، مقارنة بما يغطي الواردات في 103 أيام، في الفترة نفسها من العام الماضي.
ويقول البنك المركزي إن المستوى المقبول من الاحتياطيات هو ما يغطي واردات 100 يوم على الأقل. وبرغم الارتفاع النسبي في عائدات السياحة وتحويلات المغتربين، تفاقم العجز التجاري إلى 36 % في الربع الأول من 2014، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما أسهم في هبوط احتياطيات تونس من العملة الأجنبية.