يعمل الجيش السوري على تأمين البادية السورية وطريق دمشق ــــ دير الزور عبر السعي الى تنظيف هذه المناطق من أي وجود لخلايا تنظيم «داعش» الإرهابي، التي كرّرت هجماتها في المدة الأخيرة، وذلك عبر عمليات عسكرية محدودة. في هذا السياق، أطلق الجيش بدعم من الطائرات الروسية حملة تمشيط واسعة في البادية التي تربط محافظات دير الزور وحمص وحماة والرقة لتعقّب نشاط خلايا التنظيم والقضاء عليها، ومنعها من شن أي هجمات جديدة. وظهر ذلك في العمليات العسكرية المحدودة التي نفذها بالتعاون مع قوات «الدفاع الوطني» في بادية دير الزور المتاخمة لحقل التيم النفطي، حيث نجحت عملياته في القضاء على ثمانية من مسلحي التنظيم وتدمير آليات لهم.وفق مصادر عسكرية سورية تحدّثت إلى «الأخبار»، تهدف هذه العمليات العسكرية إلى «القضاء على نشاط خلايا داعش، ورفع مستوى حماية طريق دير الزور ــــ دمشق»، مضيفة أن «التمشيط البرّي والجوّي مستمر لمراقبة أي تحرّكات مشبوهة في المنطقة». لكن لا يبدو نشاط خلايا التنظيم في البادية السورية منفصلاً عن خلاياه في العراق، ما يعطي مؤشّرات عن مساعٍ لإعادة إحياء التنظيم في البلدين، والهدف ضرب استقرار المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في المنطقة. وتُوجّه أصابع الاتّهام إلى الأميركيين الذين يستثمرون وجود قواتهم على مقربة من الحدود السورية ــــ العراقية لتقديم الدعم الاستخباري إلى «داعش» وأيضاً الدعم البشري عبر نقلهم سجناءَ من «داعش» من سجون «قسد» إلى منطقة التنف والحدود العراقية ــــ السورية. لعلّ هذا يبدو منطقياً مع حاجة واشنطن إلى ذريعة للحفاظ على وجودها في العراق وسوريا، وتحديداً مناطق سيطرة «قسد»، بحجّة ملاحقة خلايا «داعش» هناك، ولإثبات استمرار خطر التنظيم على البلدين.
عاود العدو الإسرائيلي القصف جنوب سوريا مساء أمس


ما يعزّز هذه الفرضية تصريحات صدرت أخيراً عن الخارجية الأميركية حول «عجز قسد وحدها عن حماية السجون التي فيها معتقلو داعش في محافظة الحسكة». ومن هنا، قد يُفهم هذا التصريح على أنه بداية لتعزيز القوات الأميركية في الحسكة ودير الزور، خاصة أن المعتقلات التي تحوي مقاتلي التنظيم تتواصل مشكلة تأمينها، ولا تزال دولهم ترفض إعادة استقبالهم. يعلّق مصدر ميداني سوري بالقول إن كل المؤشّرات تؤكّد «تنامي نشاط داعش في البادية، ولا سيما بعد نقل سجناء التنظيم عبر الحوّامات الأميركية إلى مناطق قريبة من نقاط الجيش السوري» هناك. وينقل المصدر أن هناك «معلومات مؤكّدة عن استخدام إرهابيي داعش مناطق قريبة من القاعدة غير الشرعية للأميركيين في التنف ومنطقة 55 كلم، لشنّ هجماتهم الأخيرة على طريق دير الزور ـــ دمشق»، مستدركاً: «الجيش السوري قطع الطريق على محاولة إنعاش داعش عبر حملات تمشيط مكثّفة مع ضرب أوكارهم في البادية بهدف القضاء على أي نشاط مستجدّ لهم». والأهم هو «التنسيق مع الجانب العراقي لضبط الأمن على حدود البلدين في البوكمال والبادية، وذلك للقضاء على أي محاولات لإعادة إحياء داعش»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «عمليات الجيش السوري المحدودة في بادية دير الزور أسهمت في زيادة تأمين المنطقة... العمليّات ستستمرّ، والطريق سيبقى مقطوعاً أمام أي محاولات لضرب أمان المنطقة من جديد».
من جهة أخرى، يسعى الأميركيون إلى استغلال نشاط خلايا التنظيم في زعزعة أمان الطريق الذي يربط دمشق ببغداد عبر بادية دير الزور ومعبر البوكمال، في محاولة لقطع أي تواصل عسكري وميداني بين البلدين وصولاً إلى طهران. يُضاف إلى ذلك سعيهم إلى استخدام هذه الخلايا لضرب القوات المدعومة من إيران في البلدين، ليكون ذلك مكمّلاً للغارات التي يشنها العدو الإسرائيلي بصورة متكرّرة ضد أهداف لهذه القوّات، في محاولة للضّغط عليها للانسحاب من هذه المناطق. وحتى وقت متأخر مساء أمس، وردت تقارير من الإعلام العبري، القناة الـ13، عن هجوم إسرائيلي في منطقة الجولان، فيما قالت «وكالة الأنباء السورية» (سانا)، إن الدفاعات الجوية تصدت لهجوم استهدف المنطقة الجنوبية من البلاد.



«غزوة» جديدة لـ«داعش» في حماة
في هجوم جديد شنّه «داعش» في منطقة البادية أمس ضدّ مواقع لقوات الجيش السوري شرق حماة، قُتل نحو عشرة عناصر من الجيش و«الدفاع الوطني» ممن كانوا متمركزين في تلك المنطقة، مع مقتل عدد من المهاجمين. واندلعت إثر الهجوم اشتباكات عنيفة بين الطرفين انتهت بانسحاب مجموعات «داعش» شرقاً باتجاه البادية. ويصعّد التنظيم في المدة الأخيرة وتيرة هجماته على الجيش، ما يعكس وفق المراقبين صعوبة القضاء الحاسم على خلاياه التي تنشط في البادية الممتدّة من شرق محافظتي حماة وحمص وصولاً إلى أقصى شرق محافظة دير الزور.