غزة | «قللو شو اللي رماك ع الم؟ قللو الأمر منو»، يقول النازح من مخيمات سوريا للفلسطينيين. يقولها وهو يتنهد تنهيدة طويلة ثم يضيف «بالأول صاروا يقولولنا: رح نعلمكم وراح نكون معكم، بس اليوم؟ ما حدا مدور، تصوروا بيقولوا للطلاب النازحين: المصاري قبل لا تدخل الامتحان حتى لو أنت لاجئ سوري او غيره، ما بيطلع بإيدنا شي! لازم تدفع رسوم الجامعة».من مخيم اليرموك إلى مخيمات قطاع غزة معاناة لاجئين وروايات فقر وصعوبة إكمال التعليم. تتكرر القصص، وكل واحدة منها مصيبة بحد ذاتها. هكذا يخبرنا سامح سلمان من مخيم اليرموك، ان عائلته اختارت الذهاب إلى قطاع غزة، حيث يقيم اليوم في مخيم بيت لاهيا في منزل صغير بالإيجار.

هكذا، تسجل الشاب في الجامعة الإسلامية ليكمل دراسته، فدخل الفصل الأول بمنحة دراسية بسبب ظروف السوريين، كما تلقى وعدا بأن تساعده الجامعة في باقي الفصول على أنه حالة خاصة، لكنه فوجئ بإصرار الجامعة على أن يدفع ثمن … فصله الثاني، اي مبلغ 400 دينار اردني! صدم الشاب. كيف يدبر مبلغا كهذا وهو على ابواب الامتحانات.؟ «الحكومة في غزة وعدت بالوقوف بجانبنا. حتى إن شخصيات مهمة قالت لنا بالحرف: راح نعلمكم وراح نكون معكم .. بس اليوم ما حدا مدور! لقيت الجامعة بتخبرني غير هيك وبتقول: المصاري قبل دخول الامتحان حتى لو أنت لاجئ سوري او غيره، ما بيطلع بإيدنا شيء، لازم تدفع رسوم الجامعة!. رحت دفعت 400 دينار أردني (ما يعادل 800 دولار اميركي) وأسرتي في غزة غير قادرة إطلاقاً على توفير هذا المبلغ، ولكوني لست ابن البلد الأصلي (!!!!!!) كنت أحاول الوصول إلى عميد الكلية في الجامعة لاعفائي من رسوم التسجيل، لكونهم يقومون بهذا الإعفاء من وقت لآخر، لكن من دون جدوى. فالمقابلات كلها كانت ترفض إما بحجج او حتى من دون حجج! والحل؟ لم يكن امامي الا أن اعمل قصارى جهدي على تدبير المبلغ».
كوني لست
ابن البلد الأصلي لم يعفوني
محمد يوسف من مخيم اليرموك أيضاً، انتظر وعائلته مع الكثير من العائلات السورية الهاربة رد حكومة حماس بالنسبة إلى مصيرهم. هكذا، دعوا الى مؤتمر جمعهم في فندق مع رئيس الحكومة ووزرائه. ويضيف يوسف انه «بخصوص الطلاب السوريين قال لنا هنية إنهم يدرسون مجاناً هنا في القطاع، وان ذلك بقرار منه شخصياُ، كما طلب من وزير التربية والتعليم، الذي كان بجانبه، تسجيل هذا القرار». ويتابع الشاب روايته لما جرى فيقول «قال لنا بالحرف: أحضرت الوزراء لتسجيل مطالبكم لينفذوها جميعها! الأمر الذي جعلنا نعود إلى بيوتنا سعداء، لكن حالما مضى يومان ووصلنا الى مرحلة التسجيل في الجامعات، فاجأنا أن يقولوا لنا إنه لم يصلهم أي قرار من أي طرف! مع العلم بأن هذا الاجتماع كان قبل 3 اشهر!».
محمد، وهو المسؤول عن ملف الطلاب التابع «للجنة شؤون اللاجئين من سوريا الى غزة»، والطالب في الجامعة الإسلامية، له ولعائلته قصة ورواية في غزة. يتحدث بعيداً عن شؤون وشجون التعليم، يقول «والدي اصبح يردد دائماً: شو رماك ع المر الا اللي أمر منو؟ شو الي بيصير في غزة يا جماعة؟ أول ما جينا كل الدنيا تيجينا وتقلنا لا تهكلوا هم ولا تفكروا كتير ..لكن لقينا العكس! فمنذ دخولنا غزة لا اتذكر ان بيتنا دخلته فواكه او لحوم او حلويات إطلاقاً! تلقينا بدل بطالة كمنحة من رئيس الوزراء إسماعيل هنية، لكنها لا تكفي لشيء إطلاقا! لانها قرابة 200 دولار فقط، ونحن في العائلة كلنا كبار، والمبلغ الذي تدفعه الشؤون الاجتماعية بالكاد يكفي إيجار المنزل! لهذا لا أعلم كيف تمر علينا الأيام كي نأكل ونتعلم وكيف سنجد ما يسد جوعنا».
بدوره منسق الحملة الوطنية للمطالبة بخفض الرسوم الجامعية الجامعات الفلسطينية إبراهيم الغندور، طالب الجامعات بضرورة تحمل مسئولياتها الوطنية والأخلاقية تجاه الطلبة اللاجئين الفلسطينيين الآتين من مخيمات سوريا إلى قطاع غزة، قائلا للأخبار «تواصلنا مع العديد من الجامعات الفلسطينية للوقوف مع العائلات السورية الهاربة إلى غزة، ووعدونا بأنهم سينظرون إلى هذه الفئة! لكن دون جدوى! فلغاية الان لم نر تحركا حقيقيا في هذا الموضوع، وإننا في الحملة الوطنية نناشد الجامعات ووزارة التعليم العالي اتخاذ قرارها الفوري بتحمل رسوم هؤلاء الطلبة، الذين لن يشكلوا بأي حال عبئاً على ميزانية أي منهما».
غير أن الجامعة الإسلامية التي تتبع لحركة حماس، ردت على طلب رئيس لجنة متابعة شؤون اللاجئين من سوريا الى غزة عاطف العيماوي بالرفض، حيث بررت بأن الظروف المادية حاليا لا تسمح لها بإضافة أي فئات جديدة إلى قائمة الإعفاءات والمساعدات، متعللة بالسبب المعتاد، وهو الحصار الخانق المفروض على غزة، والوضع الاقتصادي السيئ الذي تعانيه معظم شرائح المجتمع. وأضافت ادارة الجامعة قائلة إنّ بإمكان هؤلاء الطلبة التقدم إلى عمادة شؤون الطلبة للاستفادة من نظام القروض والمنح التي تقدمها العمادة.