القاهرة | بعدما اشترت شركته مساحات واسعة من الأراضي بالأسعار الرسمية الهادفة إلى دفع الشركات نحو الاستثمار في العاصمة الإدارية الجديدة والمشروعات التي يبنيها النظام، عاد رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، المدان بالتحريض على قتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم، إلى الأضواء، لتحوم حوله شبهات فساد على خلفية توقيعه عقداً مع الحكومة لشراء خمسة آلاف فدان في مدينة حدائق العاصمة الواقعة على أطراف العاصمة الإدارية. ففي تلك المدينة، إضافة إلى مدينة بدر، سيسكن جزء من الموظّفين الحكوميين، بعد تعذّر إقامة مساكن لهم في العاصمة التي يصل فيها سعر المتر إلى أكثر من ألف دولار مقارنة بأقلّ من النصف خارجها، خاصة أن الدولة قصَرت الإقامة في هذه المنطقة على طبقات محدّدة.هكذا، فجأة، أعلنت وزارة الإسكان توقيع عقد مع الشركة التي يمتلكها هشام طلعت، لبيع 21% من أراضي المدينة التي صدر قرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل مدّة بإنشائها بتكلفة استثمارية تصل إلى 500 مليار جنيه. وبلغ إجمالي ما حصلت عليه الشركة 21 مليون متر مربّع، سيجري البناء على نصفها فيما يُخصَّص النصف الآخر للخدمات. وفي وقت لم تُمنَح فيه أيّ فرص للمطوِّرين العقاريين لبحث المشروع وجدواه، قبل إسناده مباشرة إلى هشام طلعت الذي يسعى للاستفادة منه في توسيع الخدمات التي يُقدّمها في مشروعه القريب من المدينة الجديدة، «مدينتي»، الذي سبق أن أنشأه إبّان حكم محمد حسني مبارك، طُرحت تساؤلات عن التعاقد المفاجئ الذي خرجت حوله بيانات محدودة، من دون توضيح ما نصّ عليه الاتفاق، علماً أن المتر بِيعَ للشركة بنحو 70 دولاراً أميركياً فقط، مع تحمُّل الدولة كلفة توصيل المرافق وما يخصّ البنية التحتية.
أُسند المشروع بالأمر المباشر إلى المدان في قضية الفنانة سوزان تميم


شبهات الفساد مرتبطة بطبيعة الاتفاقات بين هشام طلعت و«الإسكان»، وكذلك «الهيئة الهندسية للقوات المسلحة» التي لا تَظهر في الصورة مباشرة لكنها تتولّى توصيل المرافق، وتتعامل مع الوزارة التي ستحصل بدورها على وحدات سكنية ومرافق في المدينة من شركة رجل الأعمال الذي يَتوقّع تحقيق مليارات الجنيهات كأرباح مستعيناً بشركات أخرى للعمل، وهو بذلك يقوم بالدور الذي يُفترض أن يكون من مهمّات «الإسكان». وعلى رغم الفساد الذي شاب تعاقده مع الدولة خلال حكم مبارك، والأحكام القضائية التي أبطلت التعاقد وما شابه من خلل، ثمّ تسوية الموضوع وفق سياسة الأمر الواقع، فإن الاتفاق الجديد لن يُطعن فيه أمام أيّ جهة قضائية بعد التعديلات التشريعية التي حصّنت العقود المبرمة مع الحكومة، بحجّة «تشجيع المستثمرين وإزالة مخاوفهم بشأن مصير التعاقدات».
يقول مصدر في وزارة الإسكان لـ«الأخبار» إن الجزء الأكبر من عائدات الأرض سيُوجَّه للإنفاق على مشروعات المدينة خلال الأسابيع المقبلة، «بعدما واجهت الوزارة عجزاً مالياً كبيراً بسبب طول مدّة السداد المقترحة للوحدات الجديدة التي يجري بناؤها، والرغبة في سرعة الإنجاز التي طلبها السيسي». وهذا هو المبرِّر للاستعانة بهشام طلعت الذي فُرض عليه قبل أشهر فقط شراء 500 فدان في العاصمة الإدارية للسبب نفسه، وقد قُدّر سعر الأرض بنحو 44 مليار جنيه ليكون أكبر مستثمر مصري في العاصمة الجديدة! وكلّها مبالغ سيجري تقسيطها خلال خمسة عشر عاماً بما يضمن للشركة تحقيق أرباح كبيرة، مع زيادة حصّتها في السوق العقارية بصورة غير مسبوقة. وخلال الأشهر الماضية، أنفق رجل الأعمال، الخارج بعفو رئاسي لأسباب صحّية، ملايين الجنيهات على الانتخابات البرلمانية، داعماً قوائم المخابرات التي فازت بالغالبية. وبينما اقتصر دوره على الإنفاق، استطاع تزكية بعض الأسماء، وبينها شقيقته سحر طلعت مصطفى التي جُدّد انتخابها.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا