القاهرة | على مدار يومين، استقبلت الكويت، تباعاً، وفدَين، إماراتي ومصري، في محاولة لاستئناف وساطتها التي دفعت نحو إعلان المصالحة بين «الرباعي العربي» وقطر في «قمّة العلا» الشهر الماضي؛ إذ إن هذه المصالحة لم تسفر عن نتائج جوهرية بالنسبة إلى كلّ من الإمارات ومصر، اللتين لا تزالان تشعران باستهانة قطر بهما، وغياب جدّيتها في اتّخاذ أيّ خطوات من شأنها إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل قرار المقاطعة الذي استمرّ أكثر من 3 سنوات. ويأتي هذا الحراك الكويتي بعد تعقُّد الموقف خلال الأيام الماضية، خصوصاً بين القاهرة والدوحة، بما كاد يؤدي إلى إعادة إعلان الحرب الإعلامية ووقف خطوط الطيران وإغلاق المجال الجوي. وبعدما لم يُرحّب أيّ من مسؤولي مصر والإمارات وقطر بأن تكون الخطوة الأولى نحو التفاوض بتوجُّه أحدهما إلى الآخر، عَرضت الكويت استضافة اللقاءات التي فشلت، أيضاً، محاولة عقدها على الأراضي السعودية. ولا تُستثنى من الحراك المستجدّ، المنامة، التي تتململ هي الأخرى من السلوك القطري، وهو ما جعل الكويتيين يعملون على عقد مفاوضات مماثلة بين مسؤولين من البحرين وقطر.وبدأ الوفد الإماراتي، الإثنين الماضي، جلسة مباحثات استمرّت عدّة ساعات، وَضع خلالها جملة مطالب دعا إلى تحقيقها من أجل استشعار «الأمان النسبي» تجاه الخطوات القطرية، ولا سيما بعد تعمّد الدوحة تجاهل أبو ظبي خلال الأسابيع الماضية، وإحجامها عن فتح قنوات اتصال معها على أيّ مستوى، وفق ما كان يفترض أن يحدث بعد «قمّة العلا». وحذّر المسؤولون الإماراتيون من اقتراب نفاد صبرهم تجاه المواقف القطرية، ملوّحين بالتصعيد خلال الأسابيع المقبلة حال استمرار مسألة «عدم التقدير»، علماً بأن مستوى الاتصال بين مسؤولي البلدين لا يزال منخفضاً، فيما لم تحدث أيّ اتصالات مباشرة بين أمير قطر وولي عهد أبو ظبي، على عكس ما تمّ مع ولي العهد السعودي.
يبدو أن الأمور بين القاهرة والدوحة تتّجه إلى حالة اللاحرب واللاسلم


أمّا المصريون فلا يزالوا غاضبين من تغطية قناة «الجزيرة» لقضايا بلادهم. وفي هذا الإطار، عرض مسؤولو الخارجية تقارير تؤكد عدم التزام القناة القطرية بما جرى التوافق عليه، والذي تعتبره القاهرة بمثابة «ترمومتر» لقياس مدى استجابة الدوحة. لكنّ القطريين ردّوا على الاعتراض المتقدّم بإبراز التحوُّلات التي طرأت على خطاب القناة في ما يتعلّق بالسياسة المصرية ومعالجة الأخبار الخاصة بالرئاسة، مع احتفاظها بخطّها في تسليط الضوء على بعض السلبيات الموجودة، وهو أمر طبيعي - من وجهة نظرهم - بالمقارنة مع موقع مصر وعدد سكّانها وأوضاعها المعيشية. كذلك، أكدت الدوحة أنها لم تفرض أيّ قيود جديدة على المواطنين المصريين، وسمحت لهم بالدخول والخروج من دون قيود استثنائية. كما نفى القطريون مسؤوليتهم عن بعض القنوات التي تبثّ من تركيا وبريطانيا، مؤكدين أنها لا تحصل على تمويل من قطر، وداعين المسؤولين المصريين إلى معالجة هذه المسألة مع الدول المعنيّة بها. أمّا مسألة وضع أعضاء جماعة «الإخوان المسلمون» المقيمين في الدوحة، والتي طالب المسؤولون المصريون بحسمها، فقد كَرّر القطريون وعودهم ببحث الأمر، من دون إعطاء مهلة للردّ على الأسماء التي طالبت القاهرة بتسوية أوضاع أصحابها.
وبينما سيُرفع تقرير بتفاصيل الاجتماعات ونتائجها إلى الرئيس المصري، الذي سيتحدّث بدوره إلى أمير الكويت الذي يقود الوساطة خلال الفترة الحالية، يبدو أن الأمور بين القاهرة والدوحة تتّجه إلى حالة اللاحرب واللاسلم، فلا عودة للعلاقات القوية مجدّداً، ولا مقاطعة أقلّه في القريب العاجل. وفي انتظار إشعار آخر، تتركّز الأنظار على موقف أبو ظبي التي لا تخفي غضبها من «التعالي» القطري، ولا سيّما مع تكرار الأحاديث القطرية بشكل غير مباشر عن عدم الاهتمام باستمرار العلاقات مع الإمارات من عدمه، بحسب ما ينقله مسؤولون مصريون.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا