دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي غاب عن تنشيط الحملة الانتخابية، الجزائريين أمس إلى التصويت وعدم الاستجابة لنداء مقاطعة الاقتراع الذي يتواجه فيه مع خمسة مرشحين، أبرزهم علي بن فليس ولويزة حنون. وبالنسبة إلى بوتفليقة، الذي لم يشارك في الحملة الانتخابية بسبب مرضه، فإن «الامتناع عن التصويت، إن كان من باعث نزعة عبثية، ينم عن جنوح عمدي إلى عدم مواكبة الأمة وعن عدول عن مسايرتها والانتماء إليها». ودعا تحالف من أربعة أحزاب إسلامية وحزب علماني ومعهم المرشح المنسحب من الانتخابات أحمد بن بيتور، إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، واقترحوا «مرحلة انتقالية ديموقراطية بعد 17 نيسان». وشكّلت نسبة المشاركة في الانتخابات تحدياً دائماً بالنسبة إلى السلطة، المتهمة بتزويرها تماماً كما تزوّر نتائج التصويت، بحسب المعارضة. وبالإضافة إلى هاجس نسبة المشاركة، تحذّر المعارضة، ومعها المرشح المنافس لبوتفليقة علي بن فليس، من أي تلاعب، رغم طمأنة وزير الداخلية الطيب بلعيز المقرّب من بوتفليقة إلى أن «كل إجراءات الشفافية والحياد والأمن اتخذت في هذا الاقتراع».

بن فليس والإصلاحات

ويواجه بوتفليقة منافسة قوية علي بن فليس (69 عاماً) الذي يتبنى فكرة إصلاح مؤسسات الدولة، وخاصة النظام القضائي، وهو مجال تخصصه. وهو من الشخصيات التي تدعو للحوار والانفتاح مع الجميع.
وقد عيّن في سنة 1988 وزيراً للعدل واحتفظ بهذا المنصب خلال فترة ثلاث حكومات متتالية. ثم انتخب في كانون الأول 1989 عضواً في اللجنة المركزية والمكتب السياسي لحزب جبهة التحرير، وترشّح ضمن قائمة حزب الجبهة في انتخابات 5حزيران 1997 بولاية باتنه، حيث فازت لائحته بأربعة مقاعد من ضمن 12 مخصصة للولاية. بعدها كلّف عبد العزيز بوتفليقة علي بن فليس بإدارة حملته الانتخابية في 15نيسان 1999. وبعد فوز بوتفليقة عُيِّن أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية بالنيابة، ثم مديراً لديوان رئيس الجمهورية من 27 كانون الأول 1999 إلى 26 آب 2000 ثم رئيس وزراء. وقد أُقيل من هذه الوظيفة في أيار 2003، كذلك أقال بوتفليقة 6 وزراء موالين لبن فليس.
وأعاد بن فليس الذي عمل ثلاث سنوات رئيس حكومة مع بوتفليقة التحذير من «التزوير»، معتبراً إياه «عدواً له». وقال: «أنا كنت ضحية دمار التزوير الذي يقوم عليه النظام الفاسد من أجل ضمان بقائه والاستحواذ على ثروات الأمة».
دفعت التصريحات المتكررة لبن فليس عن التزوير الرئيس بوتفليقة للخروج عن صمته أمام اثنين من ضيوفه بلهجة غير معهودة. واتهم بن فليس بالعنف والفتنة وذهب إلى حد استعمال عبارة «الإرهاب».

حنون: تشافيز الجزائر

أما لويزة حنون (60 عاماً) القومية الشيوعية التي توصف أحياناً بأنها «تشافيز الجزائر»، فتتمتع بشعبية كبيرة، حتى في أوساط المحافظين المعادين لنضال المرأة.
وتقول النائبة التي تدعو إلى «الجمهورية الثانية» وترفع شعار «الجرأة»، إن انتخابات 17 نيسان «امتحان غير مسبوق في تاريخ الجزائر المستقلة».
وهي تدعو إلى «الجرأة بالنسبة إلى الضريبة على الثروة وإدراج حق الأولوية في الدستور وإلغاء اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وعملية الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية والانسحاب من منظمة التجارة الحرة» للدول العربية.
وتستهدف الشركات المتعددة الجنسيات و«الأيادي الأجنبية» التي تتهمها بارتداء ثوب المنظمات غير الحكومية ومحاولة جر البلاد نحو دوامة جديدة من العنف.
كذلك توجه سهامها إلى المرشح علي بن فليس الذي تنكر أنه أكبر خصوم بوتفليقة الذي تبدي له إعجاباً صريحاً.
وقد ارتقت هذه المرأة المقدامة، التي تتمتع بموهبة الخطابة والتي يسميها الجزائريين بلويزة فقط، بحزبها حزب العمال (تروتسكي) الذي تأسس في السر خلال الثمانينيات، إلى مستوى أبرز الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس الشعبي الوطني (مجلس نواب) وراء الأحزاب التي تشكل الائتلاف الرئاسي. وتبلورت مبادئها في خضم الكفاح العنيد لإلغاء قانون العائلة الذي يجعل من المرأة الجزائرية مواطنة من الدرجة الثانية.
وخلافاً لغيرها من الناشطات النسائيات الجزائريات، لا ينظر إليها على أنها تنتمي إلى النخبة المتأثرة بالغرب التي تتكلم الفرنسية وتحتقر الشعب.
وتتكلم لويزة حنون، متخرجة كلية الحقوق في عنابة (شرق)، اللغتين العربية والفرنسية. وخلافاً لغيرها من القادة الجزائريين، تحسن العربية بفضل مزيج موفق من اللغة العربية الفصحى والعبارات الشعبية، ما يجعل خطابها مفهوماً جيداً. وقد اكتشف الجزائريون في تموز 1991، خلال برنامج متلفز مباشرة، هذه المرأة الخطيبة الصريحة التي كانت تطالب بشدة بالإفراج عن أبرز قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة الذين أودعوا السجن حينها.
وفيما كانت الجزائر تغرق في أعمال العنف، ما انفكت لويزة حنون تدعو إلى حل تفاوضي يشرك الجبهة الإسلامية للإنقاذ، للأزمة السياسية التي اندلعت إثر إلغاء الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في كانون الأول 1991 وكانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على وشك الفوز بها. وفي خضم أعمال عنف الإسلاميين لم تترك حنون شقتها ولا مقر حزبها في حي الحراش الشعبي، بينما اعتصم معظم القادة السياسيين في الأحياء المحمية بإجراءات أمنية مشددة.
وقالت: «رفضت عرضهم الإقامة في نادي الصنوبر» معقل مسؤولي النظام غرب العاصمة الجزائرية، ويبدو أنهم قالوا لها حينها: «تحبين الصعاليك، فابقي معهم إذاً».
(الأخبار، أ ف ب)