تلقّى السكرتير الصحافي للبنتاغون، جون كيربي، في إيجاز الوزارة، بتاريخ 10 أيار/ مايو الجاري، سؤالاً محرجاً بخصوص مكالمة أجراها رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، الفريق أول مارك ميلي، مع الملك عبد الله الثاني. حينها، أشارت وسائل الإعلام الأردنية الرسمية إلى أنّ المحادثة تناولت سبل تطوير الشراكة الاستراتيجية بين عمّان وواشنطن، وخصوصاً في مجالَي الدفاع والأمن. لكنّ السؤال الذي وجّهه أحد الحضور إلى كيربي، تمحور حول تغريدة للملك عبد الله، عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، في وقت سابق، قال فيها ــــ كما ينقل موجّه السؤال ــــ إنّه تلقّى مكالمة هاتفية من الجنرال ميلي، وإنّهما ناقشا الوضع في إسرائيل، والعنف والوضع الأمني السياسي العام. التغريدة اختفت، ومن هذا المنطلق، تابع موجِّه السؤال: «يبدو غريباً بعض الشيء، إذ يبدو كأنّه يتنصّل من المحادثة مع ميلي بطريقة ما».
بعد هذا الاستهلال، أكد موجّه السؤال أنّه أراد طرح سؤاله على البنتاغون، وليس على هيئة الأركان المشتركة، وخصوصاً بعدما «وضع ملك الأردن الأمر في ساحة البنتاغون»، على حدّ تعبيره، مشيراً إلى محادثة عبد الله وميلي الذي يُعتبر المستشار العسكري الأميركي الأرفع لرئيس الولايات المتحدة. وعليه، كان السؤال عن موقف البنتاغون من السياسة والإجراءات الإسرائيلية، في الوقت الحالي، في ظلّ الوضع الأمني الراهن. وقد جاءت إجابة كيربي ملتبسة، إذ قال إنّه لم يكن على علم بالتغريدة، ولا بالمحادثة، ولذا هو غير مؤهّل للتحدّث عن أيّ تفاصيل تتعلّق بالموضوع. وإذ أشار إلى أنّ الوزارة عادة ما تقدّم قراءات لمثل هذه المحادثات، فإنه لا يملك أيّاً منها ليقدّمها إلى الصحافيين.
كيربي تنصّل تماماً من تزويد الصحافيين بموقف الوزارة ممّا يجري بين المقاومة وإسرائيل، وقفز إلى الأسئلة الأخرى. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّه بالعودة إلى حساب عبد الله لا توجد أيّ تغريدة عن المحادثة مع ميلي، ولكن في موقع الديوان الهاشمي، والموقع الرسمي للملك، نُشر خبر المحادثة من دون التطرّق إلى ما يتعلّق بإسرائيل. لكنّ الموقع الرسمي للسفارة الأردنية لدى واشنطن، أورد الخبر من دون أيّ حذف، إذ جاء فيه تأكيد الملك «رفض الأردن للتصعيد الإسرائيلي في القدس»، داعياً إلى «الوقف الفوري للانتهاكات الإسرائيلية والإجراءات غير الشرعية، وما يترتّب عليها من عواقب وخيمة على أمن المنطقة واستقرارها، بما يتعارض مع القانون الدولي وحقوق الإنسان».
في النتيجة، بات من الواضح أنّ الأميركيين يتجنّبون أيّ إحراج بخصوص إعلان موقف من إسرائيل، وخصوصاً إذا صدرت الإدانة، مهما بلغت خفّتها، من أحد الحلفاء المهمّين في المنطقة. وسواء كان عبد الله قد جاء على ذكر إسرائيل في مكالمته مع ميلي أو لا، أزيل الخبر بناءً على طلب هيئة الأركان الأميركية أو البنتاغون أو كليهما. وما يؤكّد أنّ الأردن حذف بالفعل الخبر هو ما ظهر في الخبر الرقم 102 لوكالة الأنباء الأردنية «بترا»، في 10 أيار/ مايو الجاري، وجاء فيه: «يلغى خبرنا الرقم 88 وعنوانه: الملك يتلقّى... وعدم استخدامه». وبالفعل، تبيّن أنّ الخبر المشار إليه محذوف، وقد تمّ استبدال خبر به هو الرقم 106 في وقت لاحق.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا