غزة | يروي أحمد رشوان، وهو طالب جامعي، أنه لا يجرؤ حتّى على التفكير بالوقوع في الحب، خوفاً من الوقوع في المحظور الذي تفرضه سلطة حماس على اهل القطاع! يقول الشاب ساخراً إنه اصبح يشاهد قصص الحب على التلفاز فقط، لأن شرطة حماس إذا شاهدت أي اثنين يمشيان معاً في الشارع، فمن الممكن أن توقفهما وتطلب بطاقاتهما التعريفية، وإن لم تكن معهما؟ فالله وحده قد يوفر عليهم البهدلة! ولنفهم ما يقول، يشرح موقفاً حصل معه «كنت أعمل كموظف علاقات عامة، وكنت ذاهباً في مهمة عمل مع زميلتي، أوقفني شرطي ورمقني بتلك النظرة الاتهامية قائلاً: من هذه التي معك؟ فأجبته بأنها زميلتي وأخرجت له بطاقات العمل، فهز رأسه وقال لي: لماذا تخرج معها؟ هل ترضاها لأختك؟
ولو أنها زميلتك لا يجب عليك الخروج معها! فاسترديت البطاقات منه وانصرفنا. لذا، أفضل تلافي مثل هذه المواقف، فلا أفكر في أي علاقة عاطفية».
أما محمود طلعت، وهو موظف جديد في الحكومة المقالة، فإن قصته تختلف عن قصة أحمد. الشاب على علاقة عاطفية مع طالبة جامعية، لكنه لا يقابلها في الشارع إطلاقاً، خوفاً من ان يشاهدها احد معه أو ان يوقفه شرطي. هكذا، يكتفي العاشق برؤيتها من بعيد عند ذهابها إلى الجامعة، أو إذا خرجت في نزهة مع صديقاتها، يقف على الجانب الآخر من الشارع ليتبادلا النظرات عن بعد.
يقول محمود : «صحيح أنني أتمنى أن أقابل الفتاة التي أحبها كأي شاب، لكني لا أستطيع، لأني سوف أحكم بالفشل على هذه العلاقة وأضع نفسي وأضعها في دائرة الشبهة، سواء لدى الشرطة أو الأمن الداخلي».
الحب داخل مؤسسات حماس مسموح لكن خارجها ممنوع
في السياق ذاته تتنهد فداء حلس، وهي خريجة جامعية، قائلة إنها لا تفكر في الحب إطلاقاً في ظل حكم حماس في غزة. وتضيف ان الوقوع في الحب اصبح اشبه بمصيبة في هذه الايام، للفتاة ولسمعتها، وهي ترى ذلك لما عاشته وعايشته من مواقف فشل التقرّب بين الجنسين في ظل «الحكم الرشيد» في غزة، وتروي الصبية لـ«الأخبار» أنها في إحدى المرات كانت «متوجهة للجامعة مع ابن عمي، وكنت أمازحه لأننا بمثابة الأخوة، وإذ بشرطي متوجه نحونا، ثم قال بلهجة اتهامية موجهاً كلامه لابن عمي: من هذه؟ فما كان من ابن عمي إلا أن اظهر له بطاقات هوياتنا، وبهذا سمح لنا بمتابعة سيرنا»!
وهنالك أيضاً موقف آخر كانت فداء شاهدة عليه وحصل مع صديقتها، التي خرجت من يومها الدراسي وكان في انتظارها ابن عمها، الذي بدوره أحضر سيارة، لكن ما إن فتح الباب لابنة عمه تأدباً حتى فاجأه شرطي. نظر إليه متهماً بالطبع وسأله: من هذه البنت؟ فأجابه إنها ابنة عمه، لكن الشرطي رد بقوله : «كلكم بتقولوا نفس الكلام»! ثم اصطحبهما الى المركز حيث حضر أهاليهما وأطلقا بعد ان جرى التأكد من صلة القرابة!
أما مريم أحمد (اسم مستعار لفتاة كانت تعمل في حكومة حماس) فقد كانت شاهدة على قصص الحب في الوزارة، وعلى علاقات كانت تعلم بها بعيداً عن نطاق العمل. تقول الموظفة «كنت أعلم بالعلاقات التي كانت تحدث أمامي، مع انهم كانوا ينكرون، كوني كنت أطلب منهم على عدم خلط العلاقات العاطفية بالعمل، لكنهم كانوا غير خائفين لأن هناك ستاراً حركياً عليهم، كونهم اعضاء في الحركة. اما انا ولكثرة كلامي فقد تم طردي بعد ان شكوت للمدير».
وأضافت: «الحب داخل مؤسسات حماس مسموح لكن خارجها ممنوع. وقد شاهدت بنفسي في بعض المطاعم، أنهم يدّسون أمنيين بثياب مدنية ليراقبوا العشاق! ربما يظنون انهم يحررون فلسطين أبكر بهذه الطريقة!».