«نحن شعب واحد تحت احتلال استعماريّ واحد»، «ليست قضيتنا مسألة حقوق منقوصة في دولة»، «نقاوم منذ مئة عام وسنستمر في المقاومة»... كان ذلك صوت فلسطينيي الأرض المحتلة الذين خصّص لهم الكاتب والمناضل الفرنسي فرانك برات حلقة هذا الشهر من برنامجه Let’s talk it over (دعونا نتحدّث عن ذلك) على منصّة «زووم»، ليخاطبوا العالم عن التطورات الأخيرة في فلسطين المحتلة ودور الفنّان في هذه المرحلة من النضال لتحرير الأرض والإنسان. إلى جانب ضيفَيه شبه الدائمين الموسيقي والمناضل الأميركيّ روجر ووترز (مؤسس فرقة «بينك فلويد» الشهيرة)، والمخرج السينمائي البريطانيّ كين لوتش، استضاف فرانك برات هذه المرّة في برنامجه (الناطق بالإنكليزيّة) كلاً من: المخرجة آن ماري جاسر (الضفّة الغربيّة)، وعصام عدوان من منظّمة «لسنا أرقاماً» (غزة)، وفيروز شرقاوي من «منظمة الجذور الشعبيّة» (القدس)، وتامر نفار مغني الرّاب المعروف عضو فرقة «دام» (اللّد).
◄ أكّد روجر ووترز على عالميّة الصراع وترابط التعتيم والتزوير الغربي لصورة قضية الشعب الفلسطيني مع سياسات النظام الرأسمالي العالميّ

الضيوف الفلسطينيون قدّموا، كلاً من موقعه، شهادات عن حقيقة ما يجري في الأراضي المحتلّة متقاطعين حول طبيعة المشروع الصهيوني التي لا تتغيّر والقائمة على إلغاء الفلسطيني عبر سياسات التّطهير العرقي وعمليّات الخنق والإعدام البطيء المستمرّة لأصحاب الأرض التي تمارسها الدّولة العبريّة في مختلف مجالات هيمنتها من السياسة إلى الاقتصاد ومن التعليم إلى التخطيط الحضري. كما عبّروا عن صدمتهم المتجددة من الانحياز السافر و«تعهير» اللغة وتعمية المصطلحات في تغطية الإعلام الغربيّ عن فلسطين خلال انتفاضتها الحاليّة وطريقة طرحها لطبيعة الصراع.

◄ تحدّث كين لوتش عن ضرورة نشر «الحقيقة» بوصفها السلاح الأقوى في مواجهة البروباغندا والعدوان معاً

وتوافقت آراء الضيوف الفلسطينيين على أن انتفاضة المقدسيين على محاولات سلطات الاحتلال مصادرة منازل سكان حيّ الشيخ جرّاح، أشعلت روحاً لم تخمد يوماً وأعادت اللّحمة بين أبناء الشعب الفلسطيني، وكسرت كل حدود مختلَقَة بينهم، وعبّروا عن تفاؤلهم بحيوية الجيل الجديد من الشبان والشابات الذين حطّموا انهزاميّة جيل قيادات أوسلو وجعله غير ذي صلة.
ورفض تامر نفار بشدة صورة النّزاع الأهلي التي يسوّق لها الإعلام الغربيّ حول ما يجري في المناطق الفلسطينيّة المحتلّة عام 1948، متحدثاً عمّا وصفه بإرهاب كأنه داعشي من قبل المستوطنين ترعاه وتحميه الدّولة ومؤسساتها الأمنيّة، فيما يُطلب من الفلسطينيين البقاء في منازلهم وانتظار التوجيهات. وعبّرت فيروز شرقاوي عن استغرابها من موجات التعاون الخيري مع الفلسطينيين، مطالبةً أصحاب الضمير في العالم بالوقوف في وجه حكوماتهم التي تزوّد الدولة العبرية بالدعم المالي والمعنوي وتغطّي على جرائمها بدلاً من إرسال المساعدات الإنسانيّة العينية إلى الفلسطينيين. ومن جهته، أدان عصام عدوان إهمال معاناة الإنسان الفلسطيني في الأرض المحتلة والتعامل مع ما يجري كصراع دولة مع «ميليشيات مسلحة خارجة على القانون». وروى بعضاً من المآسي التي عايشها عن قرب في غزّة التي تتعرض لعدوان عسكريّ همجي مستمر.

◄ تحدّث تامر نفار عن إرهاب داعشي من قبل المستوطنين يرعاه الكيان العبري ويحميه

وفي ما يتعلّق بدور الفنّان ومنتج العمل الثقافي الفلسطينيّ، قالت آن ماري جاسر بأن الفنان مساهم في المقاومة من خلال فنّه تماماً كما يقاوم الطبيب بطبّه، لكنّها اعتبرت أن الإصرار على الحياة والاستمرار أفضل وسيلة لمواجهة الاضطهاد الذي يمارسه العدو عندما تتضاءل قدرة العمل الفنيّ بحد ذاته على التأثير. وتمنّى تامر نفار لو أن العالم لا يراه حصراً كفلسطيني ويفسّر فنّه دائماً في إطار الكليشيهات الكلاسيكيّة وإنما كإنسان ومواطن عالمي، لكنّه أكّد على استحالة الخروج من فلسطينيّتنا مهما حدث.
من جهته، حيّا عرّاب السينما اليسارية الأوروبية كين لوتش بحرارة الأصوات الآتية من فلسطين، معرباً عن سعادته بوضوح رؤيتهم وشجاعتهم، ومعبّراً عن تواضعه الشخصيّ أمام حجم القهر الذي يعيشه الفلسطينيون تحت الاستعمار. وتحدّث عن ضرورة نشر «الحقيقة» بوصفها السلاح الأقوى في مواجهة البروباغندا والعدوان معاً، وعلى دور الفنانين والمنتجين الثقافيين في ذلك سواء في ساحة الفن ذاتها أو في مجالات النضال السياسي والإعلامي الأخرى. من جهته، أكّد روجر ووترز على عالميّة الصراع وترابط التعتيم والتزوير الغربي لصورة قضية الشعب الفلسطيني مع سياسات النظام الرأسمالي العالميّ وبخاصة المركز الأميركيّ.

◄ طالبت فيروز شرقاوي أصحاب الضمير في العالم بالوقوف في وجه حكوماتهم التي تزوّد الكيان العبري بالدعم المالي


◄ قالت آن ماري جاسر إن الفنان مساهم في المقاومة من خلال فنّه تماماً كما يقاوم الطبيب بطبّه


تتوافر الحلقة على صفحة Let’s talk it over على يوتيوب