القاهرة | دخلت العلاقة بين «6 أبريل»، أبرز الحركات الشبابية على الساحة المصرية في السنوات الأخيرة، مع النظام الجديد نفقاً مظلماً، لا يبدو أحد قادراً على تحديد ملامح نهايته، مع صدور قرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة أمس، بحظر أنشطة الحركة ومصادرة مقارّها.وقالت المحكمة، فى حيثيات حكمها، إن «6 أبريل» «حصلت على مال من دون ولاء لوطن ولا إحساس بذنب تجاه ما يحدث من آثار ما يقومون به من إراقة دماء والتعدي على جهات أمنية (اقتحام أمن الدولة) بواسطة أحد أعضاء الحركة محمد عادل، واستخدام المعلومات في أغراض شخصية لتحقيق أهدافهم، واستغلال وسائل الإعلام بواسطة أسماء محفوظ لإحداث الفوضى». واتهمت المحكمة أعضاء الحركة بالاستقواء بدولة عظمى، هي الولايات المتحدة لقطع المعونة الأميركية عن مصر. بالإضافة إلى أن أحد أعضائها سبق أن ظهر بزي عسكري، ويحمل سلاحاً نارياً، الأمر الذي أصبحت معه الحركة تنشر الفوضى وتهدد الأمن الوطني.

وقال مصدر قضائي إن الحكم يقبل الاستئناف خلال 15 يوماً، وإنه تضمن التحفظ على مقار الحركة في مختلف أنحاء البلاد.
وكان المحامي أشرف فرحات الذي أقام الدعوى أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، طالباً الحكم بإلزام الرئيس المؤقت عدلي منصور ورئيس الوزراء إبراهيم محلب ووزير الداخلية محمد إبراهيم ووزير الدفاع صدقي صبحي والنائب العام هشام بركات «بوقف وحظر أنشطة حركة 6 أبريل».
الحكم الجديد يأتي في سياق أزمات كثيرة متعددة تعرضت لها الحركة أخيراً، أبرزها الحكم على اثنين من أبرز مؤسسيها، أحمد ماهر ومحمد عادل، بالسجن 3 سنوات، بتهمة خرق قانون التظاهر، والتضييق الأمني على أعضائها في المواصلات العامة وعلى الطرق السريعة، وفق ما دوّنه العديد من أعضائها على مواقع التواصل الاجتماعي، وآخرهم شهادة داليا رضوان التي قالت إنها تعرضت لاعتداء من شرطي في أحد الأكمنة الأمنية بالإسكندرية لعثوره على شارة 6 أبريل أثناء تفتيشها.
الحركة التي أسست في عام 2008 واشتقت اسمها من تاريخ إضراب عمال غزل المحلة، تكرر صدامها مع الأنظمة المتعاقبة على مصر منذ ذلك التاريخ، وكانت إحدى أبرز الحركات التي أسهمت في إسقاط حسني مبارك وفي ثورة «30 يونيو» التي أطاحت الرئيس محمد مرسي قبل أن تعود وتصطدم مع الحكم القائم بعد «3 يوليو». المفارقة أن الحكم في حظر «6 أبريل» جاء في نفس يوم تأسيس حركة «تمرد» التي قادت ثورة «30 يونيو» التي أطاحت الرئيس محمد مرسي.
وفي أول رد فعل رسمي لها على الحكم، أكد بيان للحركة نشر على صفحتها على موقع «الفايسبوك» «إصرارها على استكمال الطريق بنفس النشاطات والرأي»، متهمة «نظم الحكم المتعاقبة» بأن تراكم أخطائها جعلها على درجة من الهشاشة، إلى الحد أن هتاف المتظاهرين يرعبها. وشنت الحركة هجوماً عنيفاً على «الدولة» التي تحتل المركز الأخير في مستوى التعليم، ونصف عدد مواطنيها أميون، ويرزح أكثر من 60% من مواطنيها تحت خط الفقر، وتضم نحو 24 مليون مريض كبد وفشل كلوي، فيما الدولة متفرغة لقتل معارضيها وسحلهم وسجنهم، وانتظار الأحكام القضائية بالتليفون، وانصراف الجيش عن مهمته الأساسية والتفرغ للسياسة ودعم مرشحه وقائد «الانقلاب العسكري» للحفاظ على الإمبراطورية الاقتصادية للجيش، بحسب نص البيان.
من جانبه، رأى المنسق العام للحركة في محافظة البحيرة، رؤوف الشخيبي، أن الحكم الأخير للمحكمة يعني بوضوح أن النظام الحالي أعلن الحرب على ثورة «25يناير». وأضاف أنه «بالنسبة إلى الحركة، فإن خريطة الطريق المعلنة في «3 يوليو» سقطت، وليس لها معنى بعد أن وضحت نية النظام الحالي في محو أي مكتسبات لثورة «25 يناير» من الوجود»، متهكماً بقوله إنّه حتى الهتافات والمسيرات والوقفات الصامتة أصبحت ترعب النظام. وتابع الشخيبي لـ«الأخبار» قائلاً إن الحركة ليس لها مقارّ بالمعنى المفهوم، فأنصارها وأعضاؤها يتقابلون في المقاهي والأماكن العامة ومقارّ الأحزاب السياسية المؤيدة لها، وليس لها مقر معين يمكن حجزه أو مصادرة الموجودات به، متسائلاً: هل سيحظر النظام المقاهي العامة ومقارّ الأحزاب!؟ وأوضح أنه «بناءً على ذلك، فإن الحكم عملياً لن يتجاوز تطبيقه العملي ساحة المحكمة، غير أنه سيستغل في التشويه الإعلامي ضد الحركة من القنوات الفضائية والصحف المصرية»، مؤكداً «استمرار وجود الحركة في الشارع، واستمرار خطها الثوري وفعالياتها المقررة لها من قبل في إطار سعيها للمطالبة بالمكتسبات الأصلية لثورة «25 يناير»، وأهمها «عيش حرية كرامة إنسانية» وهي الحقوق غير القابلة للتفاوض لأنها مكتسبة بالدماء وليست منحة من النظام».
في السياق نفسه، أدانت معظم القوى الثورية الحكم الصادر ضد الحركة.
المرشح الرئاسي حمدين صباحي، رأى أن حكم حظر أنشطة «6 أبريل»، «نسف» لباب الحريات في الدستور الذي وافق عليه الشعب المصري، مضيفاً أن ما صدر بحق الحركة جاء في إطار ممارسات لا تمت إلى الحرية بأي صلة، فيما وصف بيان رسمي لحزب الدستور الحكم بأنه «انحراف عن مسار العدالة ودولة القانون، يحاول إعادة البلد مرة أخرى إلى دولة الفساد والمحسوبية». وحده جاء تعليق عضو لجنة الشباب في حملة المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، والمتحدث الإعلامي السابق باسم الحركة المحظورة طارق الخولي الذي وصف حكم حظر الحركة بأنه «جاء نتيجة ممارسات كثيرة خاطئة قاومها أثناء وجوده داخل الحركة التي فشلت في إصلاحها».
وفي سياق تحليلي، رأى خبير العلوم السياسية في المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، الدكتور أحمد تهامي، أن الحكم يأتي في إطار حملة واسعة تشنها قوى النظام المصري المحسوبة على النظام القديم ضد كل القوى التي شاركت في «25 يناير».
وأضاف تهامي لـ«الأخبار»: «إن الأحكام القضائية المصرية في الفترة الأخيرة، وعلى رأسها أحكام الإعدام غير المسبوقة في التاريخ القضائي، تعبّر عن توجه حقيقي داخل مؤسسات السلطة للانتقام والنيل من القوى صانعة الثورة، انطلاقاً من رؤية هذه المؤسسات أن الثورة محاولة لهدم الدولة المصرية تستوجب الانتقام واستخدام أقسى أساليب البطش والإرهاب، لمنع تكرارها مرة أخرى، وفض أي التفاف جماهيري في الشارع حول القوى المحسوبة على معسكر «25 يناير».