أربيل | يتوجه الناخبون في عموم المحافظات العراقية إلى صناديق الاقتراع اليوم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية لاختيار ممثليهم في مجلس النواب. وما يميز الانتخابات في إقليم كردستان هو إجراء انتخابات مجالس المحافظات في مدن الإقليم، أربيل والسليمانية ودهوك، تزامناً مع الانتخابات النيابية، حيث يبلغ عدد المرشحين في مدينة أربيل لانتخابات مجلس النواب 140 مرشحاً يتنافسون على 16 مقعداً، فيما يبلغ عدد مقاعد مجلس المحافظة 30 مقعداً، ثلاثة منها للتركمان واثنان للكلدان السريان الآشوريين، و9 مقاعد للنساء وعدد الناخبين في المحافظة يبلغ 972.172.
وفي مدينة السليمانية يبلغ عدد المقاعد للمرشحين لانتخابات مجلس النواب 18 مقعداً، يتنافس عليها 155 مرشحاً، ويبلغ عدد الناخبين في المحافظة 1169.362 ناخباً، فيما يبلغ عدد مقاعد مجلس المحافظة 32 مقعداً، واحد منها للكلدان الآشوريين و10 مقاعد للنساء، حيث يبلغ عدد المرشحين لانتخابات مجلس المحافظة 314 مرشحاً بينهم 97 امرأة.
وفي محافظة دهوك يبلغ عدد المقاعد لانتخابات مجلس النواب 12 مقعداً، يتنافس عليها 89 مرشحاً، ويبلغ عدد الناخبين في المحافظة 634.137 ناخباً، ويبلغ مجموع مقاعد مجلس المحافظة 28 مقعداً، اثنان منها للكلدان السريان الآشوريين ومقعد واحد للأرمن و9 مقاعد للنساء، ومجموع الكيانات السياسية والشخصيات المستقلة في إقليم كردستان التي تتنافس على مقاعد مجلس النواب يبلغ 18 كياناً سياسياً، وعدد الكيانات التي تتنافس على مقاعد مجالس المحافظات يبلغ 16 كياناً سياسياً.
وتكتسب انتخابات إقليم كردستان أهمية، حيث تشتد المنافسة بين الأحزاب والتيارات الرئيسية، وخاصة أن الكثيرين يتساءلون عما إذا كانت هذه الانتخابات ستغير موازين القوى في الإقليم، هذا إذا ما عرفنا أنه خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في إقليم كردستان في شهر أيلول المنصرم، مُني الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة رئيس الجمهورية جلال طالباني بهزيمة أمام منافسيه الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني وحركة التغيير بزعامة نوشيروان مصطفى، الذي انشق عن الاتحاد الوطني، حيث تراجع الاتحاد الوطني إلى المركز الثالث بعد حصوله على 18 مقعداً في البرلمان، فيما حصل الحزب الديموقراطي على 38 مقعداً، وحركة التغيير المعارضة على 24 مقعداً.
وقد عزا البعض هزيمة الاتحاد الوطني في الانتخابات السابقة، إلى عدة أسباب منها تحالفه مع الحزب الديموقراطي في اتفاقية استراتيجية وتقاسم السلطة بينهما في شراكة حكومية، وتحميل الحزبين مسؤولية جميع السلبيات والفساد الإداري والمالي وعدم الاستقرار السياسي والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها إقليم كردستان في السنوات الماضية، حتى رأى البعض أن الاتحاد الوطني أصبح تابعاً للحزب الديموقراطي وشريكه في جميع السلبيات الموجودة. ومن العوامل الأخرى هو الصراع الداخلي بين الأقطاب الموجودة داخل الاتحاد الوطني الذي أدى إلى عدم الاستقرار في قرارات وسياسة قيادته، الذي أدى بدوره إلى ظهور حالة من الغضب في صفوف كوادره ومؤيديه الذين ترك البعض منهم صفوفه. وما زاد الطين بلة في وضع الاتحاد الوطني هو غياب أمينه العام جلال طالباني عن الساحة السياسية بسبب مرضه ورقوده في أحد المستشفيات الألمانية من أكثر من سنة، إلى جانب عدم إيفاء قيادته بوعودها التي قطعتها للجماهير، بإجراء الإصلاح السياسي وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، فضلاً عن وجود معارضة قوية وفاعلة على الساحة السياسية في الإقليم، أدت دوراً فاعلاً في فضح جميع السلبيات وتفشي الفساد الإداري في مجمل مفاصل الحكومة.
واليوم فإن الانتخابات الحالية تشكل أهمية وتحدياً كبيراً للأحزاب الرئيسية في إقليم كردستان، وخاصة الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي وحركة التغيير المعارضة، لمعرفة حجمها الحقيقي ومستوى التأييد الشعبي لها، وقد سخّر الاتحاد الوطني الذي يسيطر على مدينة السليمانية ومناطق كرميان، جميع إمكاناته في حملة الدعاية الانتخابية، وخاصة في مدينة السليمانية التي تشتد فيها المنافسة بينه وبين خصمه اللدود حركة التغيير، التي تتخذ من المدينة معقلاً لها. ونظراً إلى أن الاتحاد الوطني الكردستاني لم يتخذ إجراءات ملموسة وكبيرة لجهة إصلاح الأخطاء السابقة والتصالح مع جمهوره، وخلق حالة من المكاشفة والصراحة مع مؤيديه، فإن من الصعب أن تشهد الخريطة السياسية في إقليم كردستان تغييراً كبيراً في تحسين وضع الاتحاد الوطني، وزيادة مقاعده، وان كان الاتحاد الوطني خلال الفترة السابقة قد بادر إلى ترسيخ مبادئ الديموقراطية وتوسيع مساحة الحريات واحترام حرية الرأي، إلى جانب تأييده بصراحة للقضايا القومية للشعب الكردي، وخاصة قضية الأكراد في تركيا وعلاقته الجيدة مع حزب العمال الكردستاني التركي ودعمه الواضح لقضية الأكراد في سوريا وعدم تأييده لخلق الأزمات مع بغداد، على عكس الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي له علاقة جيدة واتفاقيات مع تركيا، ويرى بعض المراقبين أنه يقف ضد الأكراد في سوريا ويجلب المشاكل لإقليم كردستان من خلال خلق الأزمات مع بغداد.
ورغم كل ذلك، فإن الاتحاد الوطني يعاني من تراكم الأخطاء السابقة ومن نقمة الجماهير له، بسبب عدم اتخاذ خطوات نحو الإصلاح الداخلي وتحسين صورته لدى المواطن الكردي، ومعالجة السلبيات وعدم محاسبة المقصرين والفاسدين لإعادة الثقة بينه وبين المواطنين الذين كانوا يعلقون عليه آمالاً كبيرة في بناء مجتمع متقدم ومزدهر في إقليم كردستان.