ترى واشنطن، على ما يبدو، أن «المصالحة بين حماس وفتح ليست بالضرورة سيئة، لأن من شأنها أن تعزز أبو مازن، وأن تتيح له إجراء مفاوضات باسم الشعب الفلسطيني كله». على الأقل هذا ما يعبر عنه مستشار الرئيس الاميركي، لشؤون الشرق الاوسط، فيل غوردون، الذي تنبع خصوصية موقفه ليس فقط من مضمونها، بل من واقع أنه أدلى به خلال اجتماع مع رؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، يوم الجمعة الماضي، في مسعى منه لتليين موقفهم من اتفاق المصالحة الفلسطينية.
وأقر غوردون أيضاً، بحسب ما أفادت صحيفة «هآرتس»، بأن «الولايات المتحدة فوجئت بخطوة المصالحة، وعبرت لعباس عن استيائها من التوقيت». مع ذلك، اضاف غوردون، أن «الادارة قررت تسليط الضوء على نصف الكأس الملآن، وتعتقد بأن اسرائيل تواجه صعوبة في التوصل إلى اتفاق مع نصف كيان فلسطيني في الضفة، بينما الجزء الثاني تحكمه حماس في غزة».
ورأى غوردون أن «واشنطن لا ترى أي سبب للاعتراض على انتخابات فلسطينية، لأنها تتبع سياسة ننتظر ونرى كيف ستتطور الامور، مع التأكيد على التزامها عملية السلام». واضاف ان «التقدير داخل الادارة الاميركية يفيد بأن عباس لا يدفع لحوار مع حماس من أجل التوصل إلى مصالحة حقيقية، بل يعتقد الاميركيون بأنه يريد استغلال ضعف حماس لتعزيز قيادته، ومحاولة التوصل الى اتفاق من موقع قوة».
في السياق نفسه، رأى سفير الاتحاد الاوروبي في تل ابيب، لارس فابورغ أندرسون، أن اتفاق المصالحة الفلسطيني «ضروري من اجل التوصل الى السلام، وحل الدولتين». ولفت في الوقت نفسه الى أنه «لا فرق بين موقفنا وموقف اسرائيل، فطالما حماس ملتزمة العنف فإن الحديث يدور عن تنظيم ارهابي ».
كذلك اوضح مسؤول اسرائيلي، لصحيفة «نيويورك تايمز»، أن الولايات المتحدة سبق أن قدمت تعهدا لاسرائيل بأنها لن تطلب منها اجراء مفاوضات مع حكومة وحدة فلسطينية، إذا لم تلتزم حماس شروط الرباعية الدولية. ولفتت الصحيفة الى أن مسؤولين اميركيين صرحوا بأنهم يكتفون بإعلان حكومة الوحدة التزامها شروط الرباعية. وهو ما دفع اسرائيل الى التعبير عن خيبة املها من «تراخي» الموقف الاميركي، وطالبت بأن يكون الاعتراف بشروط الرباعية شاملا كل الاحزاب، بما فيها «حماس».

غوردون: واشنطن
لا ترى أي سبب
للاعتراض على انتخابات فلسطينية
على خط مواز، يحاول بنيامين نتنياهو، تهيئة الاجواء لنجاح سياسته الدعائية ضد الرئيس ابو مازن، وخطوة المصالحة الفلسطينية. وعلى هذه الخلفية، اصدر تعليماته لوزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعلون بإلغاء جلسة كانت مقررة اليوم، في الادارة المدنية للاحتلال، من اجل اقرار مخططات بناء في مستوطنات الضفة الغربية، وعلى جدول اعمالها إقرار مخططات بناء استيطاني في مستوطنة «بنيامين»، وفي غور الاردن ومناطق اخرى، لكن الجلسة الغيت بأمر من يعلون، الذي تلقى تعليمات من نتنياهو.
ونقلت اذاعة الجيش عن مسؤول اسرائيلي قوله إن «الوقت غير مناسب لدفع البناء في المستوطنات، نحن نبذل جهودا كبيرة لكي نقنع العالم بأن أبو مازن هو من يرفض السلام ويعانق حماس، وهذه ورقة قوية بيدنا وليس من الصواب إضاعتها». واضاف المسؤول «الإعلان عن البناء في المستوطنات في الوقت الراهن يمكن أن يحول الرأي العام العالمي ضدنا في ثوانٍ. كنا نصر في الماضي على أننا لا نوافق على التجميد، وهذا ما حصل، ولم نجمد، لكن هذا ليس الوقت المناسب للبناء».
برغم ذلك، نقل موقع «واللا» العبري عن مصدر سياسي في تل ابيب، ان اسرائيل بدأت بتطبيق العقوبات الاقتصادية التي أقرتها ضد السلطة الفلسطينية، في اعقاب اتفاق المصالحة عبر تقليص ديون السلطة الفلسطينية من اموال الضرائب التي تجبيها لها، وابلغت السلطة ذلك. واضاف المصدر أن هذه الخطوة ستكون الأولى، وستعقبها خطوات اخرى، من بينها امكان الغاء قسم من بطاقات الشخصيات الرسمية لمسؤولي السلطة الفلسطينية، التي تتيح لهم التنقل الحر داخل الضفة الغربية، والدخول الى اسرائيل وقطاع غزة، كما يجري فحص تجميد اعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي للفلسطينيين، قبالة سواحل غزة.
وذكرت «هآرتس» ان الادارة المدنية للاحتلال، مهدت في العام الماضي، 28 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية للبناء الاستيطاني، وهي مساحة تعد غير مسبوقة قياسا بسنوات سابقة. وتنتشر غالبية هذه الأراضي في مناطق استراتيجية للمستوطنين، كالبؤر الاستيطانية، ويجاور قسم منها الخط الأخضر، الأمر الذي سيجعلها تخلق تواصلا بين المستوطنات واسرائيل. وتقع المساحة الأكبر من هذه الأراضي بالقرب من اريئيل، وتصل مساحتها الى 3476 دونما. وستتيح هذه الخطوة للمستوطنات تقديم طلبات للبناء عليها.
وتبين الى جانب ذلك، انه خلال فترة المفاوضات الاخيرة، وافقت حكومة نتنياهو على بناء ما لا يقل عن 13.851 وحدة اسكان في المستوطنات، بحسب ما يستدل من معطيات حركة «السلام الآن». ومن بين هذه الوحدات الاستيطانية، هناك 2248 وحدة في المستوطنات، و2620 وحدة في القدس الشرقية.