في سابقة هي الأولى من نوعها، أيّدت محكمة النقض المصرية - أعلى جهة قضائية - حُكم محكمة الجنايات القاضي بإعدام 12 من قيادات جماعة «الإخوان المسلمين»، الأمر الذي يتيح لوزارة الداخلية تنفيذ الحكم الصادر في حقّ المتهمين بعد مرور 30 يوماً على إيداع الحيثيات وتصديق رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، على الحكم بموجب الدستور الذي يمنحه منفرداً صلاحية توقيع تنفيذ الحُكم أو تخفيفه، بعد انتهاء المسار القضائي.وعلى رغم توسُّع السيسي، خلال الأشهر الماضية، في التصديق على أحكام الإعدام الصادرة في حقّ أعضاء منتمين إلى «الإخوان»، تكتسب هذه القضية أهميّة خاصّة لكون الحكم فيها يأتي على خلفية تصدّي أعضاء الجماعة لقوات الشرطة خلال عملية فضّ اعتصام ميدان رابعة العدوية في آب عام 2013، فضلاً عمَّا تمثّله الأحكام من دلالة في حقّ قيادات بارزة في «الإخوان»، أبرزهم: مفتي الجماعة عبد الرحمن البر، والقياديان محمد البلتاجي، وصفوت حجازي، والقيادي في مكتب الإرشاد، الوزير الأسبق أسامة ياسين.
وينصّ قانون الإجراءات الجنائية الخاص بتنفيذ أحكام الإعدام، على واجب تنفيذ الحُكم فور رفع أوراق الدعوى القضائية من وزير العدل إلى رئيس الجمهورية في غضون أسبوعين (ما لم يصدر قرار من الرئيس، سواء بالعفو أم باستبدال العقوبة خلال هذه المدّة)، فيما يستغرق بدء هذا الإجراء شهراً كحدٍّ أقصى، في انتظار حيثيات المحكمة التي توضع في غضون 30 يوماً من تاريخ إصدار الحُكم. كذلك، يمنح القانون وزير العدل صلاحية إيداع المحكوم عليهم بالإعدام في أحد السجون، مع أحقيّه ذويهم في زيارتهم يوم تنفيذ الحكم، بعيداً عن محل التنفيذ، والذي يجري في أربعة مواقع فقط في مصر. غير أن وزارة الداخلية لم تعد ملتزمة بمثل هذا الإجراء في الوقت الحالي، لأسباب عديدة، من بينها التحرّكات التي يقوم بها محامو المتّهمين لتعطيل تنفيذ الحكم، والضغط على النظام إعلامياً من جانب المنظمات الحقوقيّة.
تعتبر قضية فضّ اعتصام رابعة واحدة من أبرز القضايا المثيرة للجدل قضائياً


وتعتبر قضية فضّ اعتصام رابعة واحدة من أبرز القضايا المثيرة للجدل قضائياً، ولا سيما وسط شيوع الاتهامات وعدم القدرة على تحديد المسؤوليات، إذ وُجِّهت إلى المتّهمين اتهامات عديدة، من بينها القتل العمد مع سابق الإصرار والترصّد، ومقاومة السلطات، ومحاولة قلب نظام الحكم، فضلاً عن تُهم الانتماء إلى جماعة إرهابية وغيرها. وفي غياب أدلّة تفيد بأن المحكوم عليهم بالإعدام قتلوا بأيديهم، تم توقيع العقوبة باعتبارهم محرّضين، وذلك استناداً إلى فيديوات صُوِّرت لهم أثناء عمليّة الفضّ التي راح ضحيتها نحو 1500 شخص.
وضمَّت القضية التي بدأت التحقيقات فيها منذ عام 2013، حتى الآن، أكثر من 800 متّهم، كان من بينهم الرئيس الراحل محمد مرسي، ونجله أسامة الذي صدر في حقّه حكم بالسجن المشدَّد 10 سنوات من جانب المحكمة التي أيّدت حكم السجن المؤبّد لمرشد الجماعة محمد بديع، ولرئيس البرلمان الأسبق سعد الكتاتني. في هذا الوقت، تجري إعادة المحاكمة لأكثر من نصف المتّهمين بشكل منفصل، إن كان بسبب هروبهم أو صدور أحكام غيابية في حقّهم قبل ضبطهم ومحاكمتهم حضورياً. وبناءً على حكم المحكمة، فإن المتهمين الذين يفوق عددهم 300 شخص، سيتمّ حرمانهم من إدارة أموالهم وأملاكهم وعزل العاملين منهم في الوظائف الحكومية من مناصبهم مع وضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدّة 5 سنوات، في خطوة ستمكّن الحكومة من الحصول على مبالغ مالية مجمّدة في أرصدتهم.