في موازاة السياسة الدعائية التي تشنّها الحكومة الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية، على خلفية المصالحة مع حركة «حماس»، ومحاولة إلقاء مسؤولية فشل المفاوضات عليها، بدأ الجيش الإسرائيلي الاستعداد لمواجهة سيناريو احتمال حدوث تطورات أمنية في الضفة الغربية، على خلفية انهيار المفاوضات نهائياً، كما ذكر موقع «واللاه» الإخباري.
ورغم ذلك، يضيف الموقع أنه لم يطرأ حتى الآن أي تغيير بالنسبة إلى القوات العسكرية، حيث يسود تكهن بأن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية سيتواصل رغم الأزمة.
وفي هذا السياق، أوضح مصدر عسكري للموقع أن «الجيش ينتظر ويفحص ما إذا كانت القرارات السياسية ستؤثر ميدانياً»، مشيراً إلى أنه منذ توقيع حركتي «حماس» و«فتح» على اتفاق المصالحة، تم تسجيل انخفاض معين في الأحداث الأمنية، وحتى أحداث يوم الأسير التي تواصلت لثلاثة أيام مرت بهدوء نسبي.
وبحسب المصدر العسكري أيضاً، سيتم في إطار استعدادات الجيش فحص ما إذا كان سيطرأ أي تغيير على مستوى نشاطات الأجهزة الأمنية في السلطة ضد «حماس» في الضفة. ويحاول الجيش منح الأجهزة الأمنية الفلسطينية مساحة للعمل، لكن هناك مناطق، كمخيمات اللاجئين التي لا تسيطر عليها الأجهزة الأمنية، سيعمل الجيش على التدخل فيها وقت الحاجة.
أما لجهة الهدوء السائد، فيقدر جيش الاحتلال أن «الأوضاع الاقتصادية الصعبة في مناطق السلطة تترك تأثيراً حاسماً في كل ما يتعلق بالحفاظ على الهدوء في المنطقة، وأنه بناءً على تجربة السنوات الأخيرة، عندما يتم دفع الرواتب ويسود الحد المعقول من الرفاه الاقتصادي، فإن الفلسطينيين لا يخرجون للاحتجاج، بينما كانوا يخرجون إلى الشوارع في مظاهرات ضد إسرائيل عندما ساءت أوضاعهم الاقتصادية».
واشنطن غاضبة
من نتنياهو «الخداع» ومن عباس «الضعيف»
في ضوء ما تقدم، يضيف موقع «واللاه» أن الجيش يتخوف من نتائج قرار المجلس الوزاري المصغر فرض عقوبات اقتصادية على السلطة الفلسطينية، ويخشى من أن تؤدي إلى إشعال الشارع الفلسطيني. كذلك يدرك الجيش أن البناء في المستوطنات يثير الفلسطينيين، ومن شأنه أن يؤدي إلى مواجهات». أضف إلى ذلك، فإن أي حدث أمني يؤدي إلى مقتل فلسطينيين يمكن أن يؤدي إلى انتفاضة واسعة، «ولذلك يحرص الجيش على التوجيهات على مستوى عال كي لا يؤدي إلى تسخين الأوضاع». مع ذلك، «وفي موازاة عملية الفحص التي يقوم بها الجيش، يقوم بتدريبات واستعدادات واسعة لمواجهة أي احتمال».
وفي ما يتعلق بتداعيات فشل المفاوضات على تركيبة الحكومة، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن رئيس حزب «يوجد مستقبل» الوزير يائير لابيد تأكيده أن حزبه لن يستقيل من الحكومة، حتى وإن استقال حزب «الحركة» الذي تترأسه تسيبي ليفني، في أعقاب فشل المفاوضات مع الفلسطينيين. وتنبع أهمية موقف لابيد من كون استقالة ليفني، المفترضة، لن تضع الحكومة أمام استحقاق توفير الأغلبية المطلوبة في الكنيست.
في ضوء ما تقدم، وتحت شعار ضرورة الحضور لمنع اتخاذ قرارات متطرفة تتعلق بالبناء في المستوطنات، كما فعلت خلال الاجتماع الأخير للمجلس الوزاري المصغر، يرى مقربون من ليفني أن من الافضل البقاء في الحكومة. كذلك فإن تحميل الرئيس محمود عباس مسؤولية فشل المفاوضات، على خلفية المصالحة مع «حماس» والتوجه إلى المؤسسات الدولية، يوفر سلّماً لها ولـ«لابيد» لتبرير استمرارهما في الحكومة.
من جهته، رأى وزير الاقتصاد ورئيس حزب البيت اليهودي، نفتالي بينيت، أن «مرحلة أوسلو قد انتهت» مع انتهاء جولة المفاوضات التي استمرت تسعة أشهر. وفي السياق نفسه، أضاف بينيت «أعتقد أننا يجب أن نطبق القانون الإسرائيلي على المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية، وأن نمنح الجنسية الإسرائيلية لنحو 70 إلى 80 ألف مواطن فلسطيني يعيشون في تلك المناطق كما فعلنا في هضبة الجولان في عام 1981».
في غضون ذلك، وامتداداً للحملة الدعائية الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية، شنّ السفير الإسرائيلي في الامم المتحدة، رون بروسور، هجوماً عنيفاً على اتفاق المصالحة الفلسطيني، واتهم السلطة بالمسؤولية عن فشل المفاوضات، مؤكداً أن إسرائيل لن تتزحزح عن رفضها الحوار مع «حماس». وكجزء من سياسة التحريض من أجل وقف الدعم للفلسطينيين، أضاف بروسور «في الوقت الذي نتحدث فيه، يجري تحويل ملايين الدولارات إلى السلطة الفلسطينية. والآن، بعد اتفاق المصالحة، سيتم تحويل هذا التمويل إلى حماس»، واتهم الجهات الدولية التي تدعم اتفاق المصالحة «بأنها تمنح شرعية للإرهاب».
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الولايات المتحدة واقعة في حيرة من أمرها حول كيفية التصرف، في أعقاب فشل المفاوضات. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين اتهامهم، في أحاديث داخلية، لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنه «خدعهم» عندما سمح لوزير البناء والاسكان في حكومته أوري أريئيل بالإعلان عن طرح عطاءات البناء في المناطق، والذي لا يمكن أن يكون قد حدث صدفة قبل يوم من إتمام الصفقة وبدون علم نتنياهو. وأضافت الصحيفة أن الأميركيين لا يخفون غضبهم أيضاً من الرئيس محمود عباس الذي وصفه أحد المطّلعين على العملية السلمية بأنه «قائد ضعيف» انجرّ وراء الممارسات الإسرائيلية.
في ضوء ذلك، أكدت «يديعوت أحرونوت» أن الادارة الأميركية حائرة حيال كيفية التصرف. ففي الوقت الذي يدرس فيه كيري عرض خطته السياسية على الاطراف ودفعهم لاتخاذ قرارات تاريخية، لا يريد الرئيس باراك أوباما كسر القواعد مع قرب الانتخابات النصفية في شهر تشرين الثاني المقبل.
مع ذلك، أكدت الصحيفة أن نتنياهو لن يخرج نظيفاً من هذه العملية، وأنه سيسدد استحقاقاته مع «الفائدة»، لأن واشنطن غاضبة عليه كثيراً.