القاهرة | يبدو أن أزمة التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية المصرية نبيل فهمي لن تنتهى على خير، وخاصة بعد خطئه الدبلوماسي الفادح في وصف العلاقات المصرية ـــ الأميركية، التي شبهها بـ «الزواج الشرعي وليست نزوة».وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة في رئاسة الجمهورية أن «الرئاسة تدرس إقالة فهمي في محاولة منها لتهدئة الرأي العام، بعد الانتقادات الحادة التي تعرض لها في وسائل الاعلام، إثر الخطأ البروتوكولي الذي ارتكبه».
فهمي الذي عاد إلى القاهرة بعد زيارة استمرت اسبوعا، حاول احتواء الأزمة بتبرير الحادثة عبر لقاء تلفزيوني في واشنطن مع فضائية «cbc»، وآخر عقب وصوله على قناة «التحرير».
ونفى فهمي التصريحات التي نسبت إليه، وقال: «ما ذكرته تعقيبًا على سؤال الصحافي الأميركي حول احتمال انهيار العلاقات بين القاهرة وواشنطن، بأنها علاقات ليست عابرة، وإنما علاقات ممتدة ومتشعّبة لها جوانب كثيرة، أحيانًا يكون هناك وفاق، وأحيانًا يكون هناك خلاف بين الدولتين، وفي آخر جملة ذكرت مثل الزواج».
وأبدى فهمي، في حوار له على قناة «سي بي سي إكسترا» أمس، استغرابه لـ«حجم اللبس الذي ثار لدى البعض بشأن هذه التصريحات»، مشيرًا إلى أنه لمس خلال زيارته لواشنطن «رغبة الأميركيين في الانتقال الإيجابي في علاقاتهم بمصر». وأضاف إنه أكد للجانب الأميركي أن المساعدات العسكرية لها «طابع استراتيجي في تعامل مصر مع الإرهابيين وتأمين الحدود، ولا مجال لتسييس هذه المساعدات»، مؤكدًا «ضرورة استمرار التعاون العسكري بين البلدين».
نفي فهمي إضافة إلى نفي المتحدث باسم وزارة الخارجية بدر عبد العاطي عبر موقع «الفايسبوك»، قوبل بعاصفة شديدة من الانتقادات من رواد مواقع التواصل الاجتماعي والنشطاء السياسيين الذين نشروا فيديوهات لقاء فهمي خلال تصريحه بما يكذب المتحدث الرسمي، مما زاد من حالة السخط ضده، ولا سيما على المستوى الإعلامي.
وكان فهمي قد شبه في مقابلة مع الإذاعة الحكومية الأميركية، العلاقة بين بلاده وأميركا بـ «الزواج الشرعي»، مستبعداً أن تكون «نزوة» تستمر يوماً واحداً وتنقضي، مؤكداً قيامها على أسس صلبة. وأضاف فهمي «هذه ليست مجرد علاقة لليلة واحدة، هذا أمر سيكلف الكثير من المال في حال الاستثمار فيه، كما سيتطلب الكثير من الوقت والكثير من القرارات، وأنا أظن أن هذه العلاقة تقوم على أسس قوية، لكن في كل علاقة زواج هناك مشاكل تحصل».
وزارة الخارجية اصدرت بيانا حول الامر عرضت فيه نتائج زيارة فهمي، وأجملتها بنقاط 10، أبرزها أن القرار الخاص بالإفراج عن الطائرات الأباتشي بعد مشاورات أميركية ـــ أميركية داخلية امتدت لأسابيع جاء بعد مشاورات بين فهمي ونظيره جون كيري، استبقت الزيارة للاسهام في نجاحها.
جرى الاتفاق
على مراجعة برنامج المساعدات الأميركي لمصر وسبل وأساليب تطويرها

كذلك نقل فهمي رسالة إلى المسؤولين الأميركيين أن مصر صاحبة قرار مستقل ولديها خيارات متعددة ومتنوعة على الصعيد الخارجي، وهي في الوقت نفسه صديقة لكل من يصادقها. كذلك أوضح البيان أن الادارة الأميركية ابدت اهتمامها بالتشاور مع القيادة المصرية الجديدة المنتخبة في اقرب فرصة ممكنة، وفور اجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة.
كذلك أكد المسؤولون الأميركيون، بحسب بيان الخارجية المصرية، أهمية العلاقات مع مصر، باعتبارها قوة إقليمية مؤثرة، ولوجود مصالح متبادلة تتجاوز كثيراً مجرد إعطاء مساعدات من طرف لطرف آخر، ولتكون علاقة مشاركة كاملة، لا علاقة مانح بمتلقّ، والحديث عن مستقبل العلاقات بين البلدين، وضرورة وضع أسس واضحة، لها تستند الى الاحترام المتبادل والبناء على نقاط الاتفاق وحسن ادارة نقاط التباين، كما جرى الاتفاق على مراجعة برنامج المساعدات وسبل وأساليب تطويرها، وخاصة في الشق الاقتصادي وضمان استقرارها في المجال العسكري والأمني. ولفت البيان إلى أن فهمي قدّم «شرحا كاملا بما أُنجز على صعيد تنفيذ خارطة الطريق، وخاصةً إقرار الدستور، وما تضمنه من مواد غير مسبوقة في ضمان الحقوق والحريات، ونقل الصورة الحقيقية للأوضاع في مصر وشرح ملابسات الأحكام القضائية الأخيرة، وتأكيد استقلالية القضاء المصري». كما جرى «الاتفاق الكامل على خطورة ملف الإرهاب والتعاون الأميركي الكامل مع مصر لمواجهته». وأوضح البيان أن الجانب الأميركي على أعلى مستوى أكد أنه ما من مؤامرات على مصر، وأن الولايات المتحدة حريصة كل الحرص على نجاح عملية التحول الديموقراطي بها. من جهة اخرى، اتهم الباحث في العلاقات الخارجية في الجامعة الأميركية في القاهرة، هاني سمير، وزير الخارجية بأنه يقود عملية تغيير في مواقع الدبلوماسيين المصريين في الخارج، بما يخدم أجندة «الإخوان»، واستدل سمير في حديثه لـ «الأخبار» إلى قرار فهمي بمنح حسام الطاهري، الذي شغل منصب مدير مكتب عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية لشؤون العلاقات الخارجية والتعاون الدولي في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، ترقية استثنائية كسفير، وعيّنه رئيساً للنادي الدبلوماسي.وأضاف سمير إن فهمي «عيّن السفير علاء الحديدي، الذي شغل منصب المتحدث باسم الرئاسة في عهد مرسي، رئيساً لمعهد الدراسات الدبلوماسية، وأسند إلى زوجة الحديدي، المستشارة رندا، رئاسة لجنة، أنشأها بدعوى الإشراف على تطوير أداء الخارجية، ضمّ إليها الطاهري، والحديدي، ما منح الثلاثي الفرصة لتكوين لوبي للسيطرة على نقابة العاملين في وزارة الخارجية».
وأشار إلى أن «هذا اللوبي كان من أول قراراته تكليف محام خاص الدفاع عن السفير رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية في عهد مرسي، على حساب وزارة الخارجية، وهو المتهم في قضية التخابر مع مرسي، ما يعني أن الدولة تنفق للدفاع عن أحد المتهمين بالإساءة إليها».