قبل أيام، حضر في المشهد الإعلامي حدث المصالحة الوطنية الفلسطينية بعد سنوات من الانقسام بين حركتي فتح وحماس. لكن، المشهد لم يحمل إغراء للمشاهد الفلسطيني أو المتابع العربي. فما حدث عبر سنوات الانقسام، ومشاهد الاقتتال سنة 2006، لم تبق على شيء من حالة الفلسطيني المترفع عن خطيئة بهذا المستوى. كذلك إن هالة «القداسة» لدى مناصري القضية الفلسطينية، تبددت حين شوهد بعض المسلحين من طرفي النزاع حينها. ينكسون العلم الفلسطيني أو يدوسون على صور لرموز الطرفين ومقدساتهما.

هل انتهى الانقسام بالتوقيع على ورقة المصالحة في مخيم الشاطئ؟ شاءت الصدف أن يكون عام 2014 عاماً اصبح فيه كل فلسطيني أو عربي يمتلك حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي، ما مكن الغالبية، ومن المحيط إلى الخليج، أن تسخّر صفحاتها للسخرية من الحدث وما يمثله. أكان ذلك من الأشخاص، أو من الورقة العجائبية نفسها، التي فجأة أعادت المياه إلى مجاريها، معللة ان الخاسرين هم اولئك وحدهم الذين سال دمهم في شوارع الاقتتال.
المضحك المبكي في كل ما حدث عبر تلك السنوات، أن عناصر من حماس كانت أصدقاء مع عناصر من فتح، يسهرون ويمرحون، بل ويمارسون كثيراً من الأنشطة المرتبطة بالعمل السياسي سوياً. وهذا ظهر بشكل واضح في دول الشتات، كيف أن ممثلي الحركتين في لبنان مثلاً يسيران جنباً إلى جنب، ويتحادثان ويضحكان، وربما يخرجان بمبادرة مشتركة تقدم باسم الحركتين.
لحسن حظ الشعب الفلسطيني أن هذا الانقسام الذي دام طويلاً، لم ينعكس بشكل كبير على المجتمع الذي ظل يقظاً لما يُخطط له بقصد من الاحتلال وبعض الدول الأخرى، ومن غير قصد من بعض فصائله حين ارتضت أن تكون مساهماً في زيادة إشكالات شعب مشتت وتحت الاحتلال، بدلاً من أن تكون في صلب الحلول الاجتماعية والسياسية والاقتصادية له.
وربما توقيع المصالحة في هذا التوقيت بالذات، يشي للفلسطيني قبل غيره، أنه كان اتفاق ضرورة للطرفين. ضرورة بعد عدم تمكن الراعي الأميركي من تمديد المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي. هذا من جانب فتح، أما من جانب حركة حماس، فانهيار حكم الإخوان في مصر، الذي عولت عليه كثيراً، وما حصل بعدها من عزلة عربية للحركة كانت لا شك خلف الاقتناع بالمصالحة.
هذه الضرورة على أهميتها في السياسة، إلا انها محزنة كون الطرفان لم يرتضيا المصالحة إلا لتلك الضرورة، وليس من اجل الشعب الفلسطيني وقضيته.
مشهد الموقعين على اتفاق المصالحة لم يحمل أي تفاؤل للناس بسبب طبيعته.
إلا أنه قد يكون بداية جديدة، نتأمل كفلسطينيين أن تنتج حالة جديدة تعيد القضية الفلسطينية إلى مكانها.