شكلك انصدمت لمن شفت العنوان، صح؟! حبيت أناديلك أبو زعل متل ما ستي كانت تناديلك، بتتذكر؟ ما كنت أعرف ليش هيك بسمّوك طلعت القصة انو قال انت وصغير كنت تزعل بسرعة وتكشّر دغري، يقوموا يصيروا يقولوا اجا أبو زعل و راح أبو زعل. و اكتر لحظة «بالزعل» اللي أنا أكيدة انو انت أبداً ما بتنساها و لا ستي و لا حتى أمي لـ إسا، لمن كان عمرك شي عشر سنين، و كان نفسك بعلبة قشطة صغيرة، وقتها طلبت من ستي تشتريلك واحدة، فقالتلك انها مش قادرة.
صح حزّت بنفسك هاي الشغلة، بس صدقني كمان انو متل ما انت زعلت وقتها، ستي كمان زعلت بينها و بين حالها. هي بـ هاديك الفترة كانت تشتغل على فرن الصاج برا البيت، ترق عجين و تبيع أرغفة الخبز، ما كان عندها حل تاني من بعد ما اختفى جدي فيصل بآخر يوم من عمر تل الزعتر. ستي سألت كتير كتير عنه، واللي قالوا انهم شافوه، حكوا انو هوي طلع مع الناس و الشباب اللي اختاروا يرحلو عن طريق الجبل بـ12 آب، و كان متصاوب –حسب حكيهم- بطرف وجهه، قريبة من عينه الشمال.
كنتوا 7 اولاد و ما كانت عارفة كيف تدبر تكاليف الدنيا، يعني كيف بدكم تفوتوا على مدارس جديدة ومن وين بدها تصرف عليكم و تأمّن طلباتكم...
انت سافرت على ألمانيا من زمان كتير، من لمن كان عمرك 16 سنة، يعني ما شفت بعدين كيف ستي ما قدرت تطلع من الموضوع، ما اقتنعت انو جدي استشهد، لإن ما حدا أكدلها وفاته، كلهم قالولها انو هوي بقي لآخر لحظة، متل ما حكيتلك من شوي، و اصابته كانت طفيفة. في حدا من اللي بتعرفهم حكى قدامها انو هني و طالعين مرقوا على حاجز، سألوه: «شو اسمك»؟، قالهم: «طوني». لحظتها ربنا سترها معه و متل بعض الشباب، و عبر الحاجز بعدة خطوات لحد ما زلمة بيعرفه ناداله باسمه الحقيقي... أبصر اذا كانت الشغلة مقصودة او بالصدفة صارت، بس متل ما بقولوا : «الطريق الى جهنم مليئ بالنوايا الحسنة».
بالنسبة لستي جدي بعده طيب، و ممكن يكون السبب ورا انو ما رجع يدور عليهم أو ما بيّن إنو في شي مانعه، متلا احتمال يكون فقد ذاكرته! الأحباب بيلاقوا أعذار لبعض دائماً، ما بيقدروا يستسلموا لفكرة الرحيل ببساطة، احياناً بتوخد معهم عُمر ليصدقوا انو الشخص اللي بحبوه ما عاد موجود حدهم. ما بتِنكر ستي انها ضلت تحلم فيه كتير، كل فترة تحلم إشي مختلف (أظن الأغلب كانوا عبارة عن اعادة لشريط الذكريات البشعة، اللي ما بدها تتذكرهم بالحقيقة، فيلاحقوها لمن تغفى). لحد ما مرة شافته بأرض جلول، ببيروت. ما عرفَت كيف طلع الضو و اجت تحكي لإمي شو صار بالحلم. بتذكر أنا كنت صغيرة- هالحكي الو أكتر من عشر سنين- اجت قالتلي تروحي معي مشوار؟ طبعاً كنت سامعة امي عم تحكي عن الحلم وعن أبوها اللي نفسهم يكون بعدو عايش. كان نفسي أشوفه و أعرفه بالحقيقة، لإن كل اللي منعرفهم بيحكوا عنه بالمنيح، أمي بتضلها تذكر انو كان ما يخليهم يناموا الا ليغطسلهم اجريهم بمي سخنة فيها شوية ملح لحتى يناموا مرتاحين و يفيقوا تاني يوم مبسوطين.
أخدتني ستي من الساعة 8 الصبح، كمشتلي ايدي ورحنا على هديك المنطقة، صرنا نمشي ونمشي ونمشي، ما عملنا شي غير المشي! استغربت بعدين لمن كبرت انو ليش ستي ما عملت شي؟ ليش ما سألت حدا؟ بس يعني مين بدها تسأل؟ و شو بدها تقول؟ رح يضحكوا عليها اذا عرفوا انها جاي بسبب «حلم» تدور على حدا اختفى من حوالي عشرين سنة! المهم صارت الدنيا الظهر، و الشمس كانت قوية، شافتني هلكت و شوبت، اشترت لي كعكة وروحنا عالبيت، كمان مشي!
يظهر كانت عم تتفقد وجوه الناس، كل ما مرقت حد حدا تطلّع فيه وتتمنى لو تشوف ملامح جدي، بركي تتنبه لجبهة عريضة فيها تلات خطوط وشوارب رفيعة؟ شو كانت متوقعة يعني؟ انها تشوفه ماشي بالطريق هيك؟ ولا متلا تشوفو قاعد قدام باب شي بيت؟ بصراحة ما بعرف شو كان في ببالها، جربت مرة أسألها عن «رحلة المشي» الي رحناها مع بعض، ابتسمت بثقل و قالتلي: «قلت بجرب حظي».
على فكرة خالي، ستي بتضلها كل ما نجيب سيرتك او نقولها انو حكينا معك عالتلفون او شفنا صورتك عالـ فيس بوك بتقول: «يا ويلي عليه، يا ريت يا ستي اشتريتله علبة القشطة!»