القاهرة | الاتفاقية الدولية التي رفضت جماعة الإخوان المسلمين توقيع مصر عليها أثناء توليها حكم البلاد، والتي تعرف باسم «نظام روما الأساسي»، ترفضهم اليوم بعدما لجأوا إليها مطالبين بفتح التحقيق في «الجرائم التي يرتكبها النظام المصري ضد الإنسانية»، بحسب شكواهم.
ورفضت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي الشكوى التي قدمها حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي للجماعة، والتي طالب فيها بـ«فتح تحقيق في جرائم ضد الإنسانية، والمطالبة بإحالة ملف النظام المصري وعبد الفتاح السيسي، بصفته وزيراً للدفاع آنذاك، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في ميداني رابعة والنهضة».
وكما هو معروف، فإن المحكمة الجنائية الدولية تبني قراراتها بناءً على وقائع قانونية تم تدشينها على أساس اتفاق دولي يسمى نظام روما الأساسي، وهي تختص بنظر جرائم معينة تقع على أراضٍ يكون فيها النظام الحاكم موقعاً على تلك الاتفاقية، والاستثناء عندما يكون القرار من مجلس الأمن بإحالة دولة غير طرف في الاتفاقية إلى المحكمة الجنائية، مثل دولة ليبيا أثناء الصراع الدائر بين نظام العقيد معمر القذافي وثوار ليبيا.
اعتراض وسخط
وسط شباب «الإخوان»
على المسار الذي سلكته قياداتهم
المسألة من الجانب القانوني باطلة، فمصر بالأساس ليست من الدول الموقعة على اتفاقية «روما للنظام الأساسي»، وبالتالي لا يجوز رفع أي دعاوى ضدها من قبل المحكمة الجنائية الدولية، طبقاً للقانون الدولي، وهو ما تعلمه قيادات جماعة الإخوان المسلمين ورغم ذلك ساروا في مسارهم المحكوم عليه بالفشل مقدماً.
المسار الذي سلكته قيادات تحالف دعم الشرعية الذي يتزعمه «الإخوان» أثار حالة من السخط والغضب بين صفوف شباب الجماعة، ولا سيما أن قياداتها لم تطرح الأمر على القواعد، حسبما كشفت مصادر لـ«الأخبار»، التي رفضت قيادات في «الإخوان» الإجابة عن أسئلة لها عن الخطوات المستقبلية لهم لنقض القرار. «إن التصديق على الاتفاقية يجرنا إلى المحاكمات خارج مصر، ما يؤدى إلى إهانة القضاء المصري، ومجلس الشورى يخشى من الوقوع في محظور لجوء الآخرين بشكل مستمر إلى المحاكمات خارج مصر، ولا بد من وضع تلك المحاذير أمامنا عند التصديق عليها ووضع صيغة ترضي الجميع، فلا يجب أن ننسى أن المحكمة الدولية لا تزال مسيسة»، بتلك الكلمات التي جاءت على لسان الدكتور عز الدين الكومي، وكيل اللجنة وعضو المجلس عن حزب الحرية والعدالة، رفضت جماعة الإخوان أثناء وجودها بالبرلمان التوقيع على الاتفاقية الدولية، عندما طالب أحد نواب الشورى بتصديق المجلس على انضمام مصر إلى المحكمة الجنائية الدولية. ولكن ما لم يقله القيادي الإخواني في ذلك الوقت هو أن الجماعة لم تكن تريد إزعاج العسكر بانضمام مصر إلى المحكمة الجنائية، فدفعوا اليوم الثمن هم وحدهم برفض المحكمة دعواهم لعدم اختصاصها بجرائم ارتكبها العسكر في حقهم.
من جانبه، علق الناطق باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي العبدالله، على عدم استجابة المحكمة لطلب «الإخوان» قائلاً إن «المحكمة الجنائية الدولية غير مسيسة، وبالتالي فإن فتح تحقيق من دون تقديم طلب من جهة رسمية لا يمكن أن يمر إلا عبر مجلس الأمن الدولي، ليكون صحيحاً من الناحية القانونية».
من جانبه، أوضح الحقوقي المصري سعيد عبد المسيح «أن مزاعم الإخوان باستئناف حكم الجنائية الدولية لدعوتهم ضد مصر ما هي إلا هراء من الجماعة التي تستهدف تفجير المنشآت العسكرية والشرطية والكنائس وإراقة دماء الأبرياء»، مشيراً في حديث إلى «الأخبار» إلى أن «استئناف الإخوان سيلقى رفض المحكمة الجنائية».
كما أوضح الناشط السياسي إيهاب الخولي أن رفض محكمة الجنايات الدولية دعوى «الإخوان» أمر طبيعي، لأن ما حدث في «30 يونيو» تعبير عن إرادة الشعب المصري وثورة حقيقية، وكل المحاكمات التي تجرى في مصر وفقاً للقانون الطبيعي، ومن ثم لا توجد انتهاكات للقانون المحلي أو الدولي، على حد قوله. وأشار الخولي في حديث إلى «الأخبار» إلى أن القرار يشير إلى أنه تم تقليم أظافر التنظيم الدولي للإخوان على المستوى العالمي، وأن الجماعة لن تستطيع أن تحدث حراكاً كبيراً مثل ما فعلته عقب ثورة يونيو.