غزة | اعتاد الفلسطينيون على مدار سبع سنوات من عمر الانقسام السياسي الذي فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية أن ينظموا فعاليات ذكرى النكبة منقوصة، ما يؤثر سلبياً على قضية اللاجئين، رغم أن السياسيين القائمين على إدارة الحكم في شطري الوطن يقولون إنهم لا يتوانون عن الحفاظ على حق العودة.
هذا العام، جاءت حالة الوفاق الوطني ضيفاً جديداً ومرحباً به على فعاليات إحياء الذكرى السادسة والستين للنكبة، مع أن هذه الحالة لا تزال متفاعلة على المستوى السياسي فقط، وذلك على أن تفضي إلى تشكيل حكومة تكنوقراط بعد أيام قليلة، كما يرشح عن السياسيين.
ومن أهم الملفات التي نتجت من المصالحة بين حركتي فتح وحماس، ومن المقرر أن تنجز خلال المرحلة القريبة، التئام الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، وهو النتيجة التي جاءت بعد اللقاء الذي جمع الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة القطرية الدوحة قبل نحو أسبوع.
ومنظمة التحرير في الأبجديات السياسية الفلسطينية هي المخولة بالفصل في القضايا الرئيسية التي من بينها حق عودة اللاجئين، وهذا ما يطرح تساؤلاً عن تحرك الملف الأصعب في القضية الفلسطينية على رقعة الصراع.
تفعيل الإطار
القيادي للمنظمة سيضع ملف اللاجئين تحت مظلة واحدة
ويرى سياسيون ومحللون فلسطينيون أن عودة قضية اللاجئين إلى إطار المنظمة، بوجود كل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، تعني أن «هذا الملف أصبح مؤتمناً عليه أكثر من قبل».
في هذا السياق، يقول الكاتب والمتخصص في الشأن السياسي هاني المصري إن المقاربة الجديدة بين حماس وفتح تتطلب استراتيجيات بديلة من المفاوضات الثنائية والمقاومة المسلحة باعتماد إحداهما طريقاً وحيداً للكفاح، «ما يعني بعبارة أخرى إعادة النظر في شكل السلطة ووظائفها».
وطالب المصري في حديثه إلى «الأخبار» بضرورة أن تراجع السلطة علاقتها بالمنظمة، «خصوصاً بعدما تجاوزت الحكومات الإسرائيلية منذ زمن بعيد اتفاق أوسلو، وبعدما حصلت نفسها على عضوية الدولة المراقبة».
ومع أن الحركتين الإسلاميتين (حماس والجهاد) اللتين من المفترض انضمامها إلى المنظمة بعد إجراء انتخابات المجلس الوطني، وفق إجراءات المصالحة، كانتا قد وجهتا انتقاداً لاذعاً إلى سياسة الرئيس عباس المتعلقة بالتسوية مع الاحتلال وإخضاع حق العودة للتفاوض، فإنهما ستصبحان في مرمى المسؤولية في حال انضمامهما فعلياً إلى منظمة التحرير المكلفة وفق تفاهمات القاهرة 2005 بمعالجة القضايا المصيريّة في الشأن السياسي والوطني واتخاذ القرارات بشأنها بالتوافق، وهذا يطرح أسئلة ملحة عن رؤيتهما تجاه هذا الحق تزامناً مع ذكرى النكبة.
هنا تحديداً، تقول حماس إنها مستمرة في بذل جهدها مع الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه كاملة، بما فيها حق عودة اللاجئين، ويشرح المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري الموقف بالقول: «تفعيل الإطار القيادي بصفته هيئة انتقالية مكلفة حتى إجراء انتخابات لمنظمة التحرير خطوة مهمة لبتّ القضايا العامة ومنها حق العودة»، مشيراً إلى أن حماس أكانت موجودة في الإطار أم لا «فإنها لن تسمح بإسقاط هذا الحق».
ويضيف أبو زهري لـ«الأخبار»: «نحن غير قلقين على حق العودة، بغض النظر عمّا يجري على طاولة المفاوضات. فالأولى الآن أن نستعيد وحدتنا من أجل الحفاظ على هذا الحق وغيره».
وشهدت محطات «مسيرة التسوية» التي خاضتها المنظمة، قبل توقفها حالياً، طروحات مختلفة كانت تهدف إلى إسقاط حق عودة اللاجئين، تارة بطرح مبدأ الوطن البديل الرامي إلى وجود دولة أردنية ــ فلسطينية قاعدتها الجغرافية نهر الأردن بضفتيه الشرقية والغربية، وأخرى بطرح توطين اللاجئين في سيناء، وثالثة بإعطاء تعويضات للاجئي الشتات، وكل تلك المقترحات كانت توصف بأنها «حلول ترقيعية» رفضها اللاجئون الفلسطينيون في مختلف أماكن وجودهم.
على نحو متصل، تنظر حركة الجهاد الإسلامي إلى تزامن ذكرى النكبة مع المصالحة على أنه يعطي انطباعاً بأن تقرير مصير اللاجئين الذي يزيد عددهم على خمسة ملايين لم يعد في يد فئة معينة من الشعب، «بل سيشمل دائرة تمثيل أوسع من قبل».
وعبّر القيادي في الحركة خضر حبيب عن اعتقاده أن ملف المصالحة سيشكل رافعة للقضية الفلسطينية عموماً وحق العودة على وجه الخصوص، قائلاً لـ«الأخبار»: «حق العودة واضح ولا يقبل المساومة أو التأجيل، لأنه حق فردي وجماعي، وشعبنا ماض في طريق الاصطفاف في خندق المقاومة... تفعيل الإطار القيادي المؤقت للمنظمة سيضع القضية في أيدٍ أمينة، كما سنصبح أكثر قرباً من العودة بعد تشكيله، لأن القضايا الرئيسية ستصبح تحت مظلة واحدة وقيادة موحدة».




الضفة تحيي الذكرى بالشهداء

استشهد شابان فلسطينيان وأصيب العشرات أمس خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين قرب معسكر عوفر غربي رام الله عشية إحياء فعاليات الذكرى السادسة والستين للنكبة. وأفادت مصادر طبية وإعلامية بأن الشهيدين شابان في مقتبل العمر، هما محمد أبو الظاهر (20 عاماً) ونديم نوارة (17 عاماً)، والاثنان من قرى رام الله، وكانا قد أصيبا برصاص حيّ في الصدر.
بالتزامن مع ذلك، اندلعت مواجهات في نقاط التماس في المدن الفلسطينية كافة (القدس، وغزة، والضفة)، وأعنفها كانت على بوابة سجن عوفر وسط الضفة، حيث أطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي على الشبان الذين انطلقوا في مسيرة تجاه المعبر خلال إحياء فعاليات يوم النكبة.
في أعقاب ذلك، تحدثت مصادر فلسطينية مقربة من السلطة عن أن الأخيرة تدرس وقف الاتصالات الأمنية مع إسرائيل بعد التصعيد الأخير الذي أودى بحياة شابين، كذلك أعلن الحداد اليوم على الشهيدين.
(الأخبار)