لم يعد القادة الإسرائيليون يكتفون بالمواقف الرسمية لترويج مقولة أرض إسرائيل بدلاً من فلسطين المحتلة، بل باتت المرحلة من منظور إسرائيلي تحتاج إلى الترويج أيضاً ليهودية الدولة عوضاً عن فلسطين العربية، وبما أن الشروط لم تستكمل حتى الآن لانتزاع اعتراف فلسطيني وعربي بيهودية الدولة، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن طرح قانون أساسي جديد يكرس إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي هو رد على الإحياء الفلسطيني لنكبة عام 1948.
نتنياهو انتقد الفلسطينيين لإحيائهم ذكرى طرد العصابات الصهيونية الشعب الفلسطيني من أرضه، قائلاً إن «السلطة تستغل هذا اليوم للتحريض ضد دولة إسرائيل والشعب اليهودي». وأضاف خلال جولة أجراها أمس في القدس المحتلة إن لإسرائيل أجوبة كثيرة للنكبة، متابعاً: «جوابنا الأول أننا سنواصل البناء في دولتنا وفي عاصمتنا الموحدة القدس، وجواب آخر أننا سنمرر قانون القومية، وهو قانون يعبر بصورة واضحة للعالم كله أن إسرائيل دولة الشعب اليهودي».
على خط مواز، أكد نتنياهو أنه سيجري مشاورات مع شركائه في الحكومة وجهات أخرى من أجل دراسة خطوات بديلة بعد إخفاق المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وأعرب أيضاً عن قلقه من الجمود السياسي وتداعياته على إسرائيل.
وحذر من أن الوضع القائم غير جيد، مشدداً على أنه لا يريد دولة ثنائية القومية، كما نقلت صحيفة «هآرتس»، استناداً إلى مقابلة أجراها نتنياهو مع صحيفة «شيمبون» اليابانية.
وأوضحت «هآرتس» أن نتنياهو يعتزم إجراء سلسلة مداولات بمشاركة الوزراء ومسؤولي الأجهزة الأمنية لبحث الموضوع، وأنه طلب من الوزراء خلال جلسة الحكومة التي عقدت قبل أسبوعين بلورة أفكار عن خطوات سياسية يمكن اتخاذها بعد وقف المفاوضات مع الفلسطينيين في أعقاب اتفاق المصالحة الفلسطيني.
السلطة الفلسطينية تدرس وقف التنسق الأمني مع إسرائيل

كذلك نقلت صحيفة «معاريف» عن نتنياهو قوله إنه وافق على الدخول في تسوية مع السلطة في الضفة دون قطاع غزة، مع إشارته إلى أن هذا الطرح قدمه الطرف الأميركي.
في السياق نفسه، أكد وزير المالية ورئيس حزب «يوجد مستقبل» يائير لابيد في جلسات مغلقة ضرورة بلورة خطة سياسية بديلة بعد توقف المفاوضات، في حين دعا وزير الاقتصاد ورئيس البيت اليهودي اليميني نقتالي بينيت في موقف أكثر تشدداً إلى ضم الكتل الاستيطانية الرئيسية (أرئيل، ومعليه أدميم، وغوش عتسيون، والفي منشي) إلى إسرائيل وتطبيق القانون العبري عليها.
على المستوى القانوني، صادق الكنيست أول من أمس بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يفرض شروطاً تعجيزية على منح العفو لأسرى فلسطينيين. وينص القانون الذي قدمه العضو يعكوف ليتسمان عن كتلة يهدوت هتوراة على «أن أي سجين ارتكب مخالفة بدوافع قومية لا يمكنه الحصول على عفو من الرئيس الإسرائيلي إلا بعد أن يدفع التعويضات للمتضررين».ونال القانون تأييد 43 عضو كنيست ومعارضة 16 آخرين، وفي حال المصادقة على القانون في ثلاث قراءات يصبح نافذاً، لكنه قد يضع عراقيل أمام الحكومة الإسرائيلية في التوصل إلى اتفاقات تضمن تحرير أسرى ممن ينطبق عليهم القانون، أكان ذلك ضمن صفقات تبادل أم لأسباب سياسية.
من جهته، أكد الرئيس محمود عباس، أنه «لن يكون هناك سلام دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة تكون القدس عاصمة لها»، لافتاً إلى أنه «بعد 66 عاماً من النكبة، لقد أثبتنا، وسنثبت، استعادة فلسطين إلى الجغرافيا من خلال اقامة دولة مستقلة وذات سيادة تكون القدس الشرقية عاصمة لها». وقال عباس في خطاب له في ذكرى النكبة، «إن الوقت قد حان ليفهم القادة الإسرائيليون أن الفلسطينيين ليس لديهم وطن آخر غير فلسطين».
وفي اشارة إلى عملية السلام المتوقفة، رأى عباس أن «الحكومة الإسرائيلية لا تزال تعيش في عقلية الماضي وتغلق الباب أمام حل الدولتين»، مؤكداً أن «سياسات إسرائيل من شأنها أن تؤدي إما إلى إقامة دولة ثنائية القومية أو إلى نظام «تمييز عنصري».
وفي خطوة تصعيدية، أعلن الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية عدنان الضميري، أمس، أن القيادة الفلسطينية تدرس بجدية وقف التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي، عقب مقتل فلسطينيين اثنين برصاص الجيش الإسرائيلي.
وقال الضميري في حديث لوكالة «فرانس برس» إن «القيادة الفلسطينية لا تستطيع الوقوف مكتوفة الايدي امام الانتهاكات الإسرائيلية والتي كان اخرها قتل شابين اليوم في رام الله». وأضاف إن «التصعيد الإسرائيلي الأخير والذي سبقه وقف المفاوضات، يشير إلى أن إسرائيل لا تريد مفاوضات. كذلك الدعم الإسرائيلي من وزارة الدفاع الإسرائيلية لمجموعات دفع الثمن الاستيطانية، كل هذا يدفع القيادة الفلسطينية للمواجهة».
وفي سياق المفاوضات المتعثرة أيضاً، نقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» عن مسؤول في الوفد الفلسطيني المرافق للرئيس محمود عباس في لندن، قوله إن وزير الخارجية الأميركية جون كيري عرض على رئيس السلطة خطوطاً عريضة لاستئناف المفاوضات تشمل بدائل جديدة.
كيري شدد بدوره على أن الأمر متروك للإسرائيليين والفلسطينيين لاتخاذ الخطوات الضرورية لاستئناف مفاوضات التسوية.
وعقب اللقاء الذي استمر ساعتين، قال مسؤول أميركي كبير إن وزير الخارجية قال بوضوح إنه «طالما أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام حل سلمي، على الطرفين أن يقررا إذا كانا يريدان اتخاذ الإجراءات الضرورية للاستئناف»، مستدركاً: «الهدف من هذا اللقاء يتناول في التفاصيل علاقتنا مع الفلسطينيين».
أما عباس فأبدى بعد اجتماع له مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «استعداده لاستئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل»، معرباً عن أمله في ذلك سريعاً.