بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن المفاوضات النهائية بين إيران ومجموعة دول (5+1)، تمضي إسرائيل في سعيها للتشويش على سير المفاوضات. في هذا الإطار، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن «اتفاق بين إيران والدول العظمى» تجري بلورته وراء الكواليس، على الرغم من «الدخان الذي ينشره الجانبان ومحاولتهما إظهار الانطباع كما لو أن جولة المحادثات الأخيرة في فيينا قد فشلت بسبب الخلاف حول الصواريخ البالستية الإيرانية».

وأوضح مراسل الشؤون العسكرية في الصحيفة العبرية أليكس فيشمان أن الاتفاق الذي «يجب أن يثير قلق إسرائيل، يضمن رقابة وثيقة على البرنامج النووي لطهران يتم رفعها تدريجياً بعد عدة أعوام، ليصبح بمقدور إيران استئناف السعي نحو القنبلة».
وأشار الكاتب إلى الزيارة التي قام بها كل من مستشارة الأمن القومي ووزير الدفاع الأميركيين، سوزان رايس وتشاك هاغل، إلى إسرائيل خلال الفترة القريبة الماضية، في إطار بذل الجهود لطمأنتها بخصوص قضية الصواريخ الإيرانية. ولفت فيشمان إلى أنه على الرغم من تقديمهما وعداً بأن الولايات المتحدة لا تعتزم التنازل في مسألة الصواريخ، فإن محادثات فيينا لم تسقط بسبب هذه المسألة. وأوضح أنه حينما أُثير هذا الموضوع في جولة المحادثات الأخيرة «لم يتأثر الإيرانيون حقاً، إذ من الواضح لهم كما هو واضح للأميركيين أنه لا يوجد أي معيار دولي تستطيع القوى العظمى التمسك به للحدّ من تطوير صواريخ بالستية في إيران. ولأنه لا يوجد هذا المعيار، فلا توجد أيضاً أجهزة رقابة دولية للحد من إنتاج الصواريخ». وتابع فيشمان «إن صوغ معيار دولي جديد وإنشاء أجهزة رقابة كالوكالة التي تراقب السلاح الذري هي إجراءات يمكن أن تطول سنين، وليس للإيرانيين الآن أي نية للتخلي طوعاً عن تطوير الصواريخ».

فيشمان: الاتفاق النهائي سيكون
سيّئاً لليهود


وبحسب الكاتب، فإن التسوية مع إيران ستنجح أو ستفشل ربطاً بقضية مركزية واحدة هي تخصيب اليورانيوم، وهذا الأمر واضح لكل المشاركين في المحادثات في فيينا. وبرأيه، إن الأميركيين يدركون أنه ليست لديهم أي قدرة على جعل المشروع الذري الايراني عقيماً تماماً، «ولهذا يحاولون على الأقل أن يخفضوه وأن يفرضوا عليه رقابة وثيقة لسنوات طويلة». وكشف فيشمان عن قيام الأميركيين قبل بضعة أسابيع بتقديم عرض للإيرانيين يتمحور حول مبدأ فرض «رقابة وثيقة وخانقة لمدة عشرين سنة» حول برنامج طهران النووي، «فوافق الإيرانيون على سنة واحدة فقط». ويشرح الكاتب أن الأميركيين تنازلوا بعد ذلك لتصبح مدة الرقابة المقترحة 12 سنة، فعرض الإيرانيون أن تكون 6 سنوات. وإذ قدّر فيشمان أن الطرفين سيتوصلان في النهاية إلى فترة رقابة ما بين 9 إلى 10 سنوات، أشار إلى وجود مساومة في فيينا حول الوضع الذي سيكون عليه المشروع النووي الإيراني خلال سنوات الرقابة: «عدد المنشآت التي سيجري فيها تخصيب اليورانيوم، عدد أجهزة الطرد المركزي وطرازها، كمية المادة المخصبة ووجهة استعمالها، وأخيراً إمكان السماح لإيران بتطوير أجيال جديدة من أجهزة الطرد المركزي».
ووفقاً للكاتب، هذا الطلب يعني بالنسبة إلى الإيرانيين تنازلهم عن الحقوق التي تمنحهم إياها اتفاقية «حظر انتشار السلاح النووي» (NPT)، لكنهم في المقابل يطلبون تعويضاً على هيئة تخفيض تدريجي للرقابة، «فبعد سنتين تزول الرقابة الوثيقة عن مجال ما؛ عن مفاعل «آراك» مثلاً. كذلك ستزول الرقابة بعد هذه المدة عن صنع أجهزة الطرد المركزي». وبناءً على ذلك، «سيستطيع الإيرانيون بعد 8 أو 9 سنوات أن يفعلوا ما يشاؤون، حينما تسقط عنهم حتى ذلك الحين كل العقوبات؛ وآنذاك سيتوجب البتّ بين السماح لإيران بأن تفعل كل ما تريد في المجال الذري أو العودة إلى المربع الأول حيث التهديد بالعقوبات والتهديد العسكري». ورأى فيشمان أن هذا الحل يناسب تماماً كل المشاركين في المحادثات: «فالرئيس الأميركي باراك أوباما يريد أن تكون الأزمة وراءه عندما ينهي ولايته، والإيرانيون يريحهم جداً أن يعيشوا مع صيغة تُمكنهم من أن يجمدوا مدةً ما أحلامهم في سلاح ذري مع الاستمرار في المقابل في التطوير إلى أن يتلاشى هذا التجميد».
وقدّر الكاتب أنه في ظل سعي الطرفين إلى إظهار أنهما يناضلان في سبيل مواقفهما، فإنه لن يحصل تقدم في جولة المباحثات المقبلة في 16 حزيران، «وستستمر المساومة، ولن يحصل أي خرق حتى الموعد النهائي في 20 تموز، وربما بعد ذلك بقليل». لكن في النهاية سيكون هناك، وفقاً لفيشمان، اتفاق مرحلي طويل الأمد، «وسيكون هذا الاتفاق سيّئاً لليهود». وفي السياق، رأى وزير الشؤون الاستخبارية الإسرائيلية يوفال شتاينتس أن «الأزمة» التي حصلت في جولة المفاوضات الأخيرة في فيينا «صعبة».