توالت ردود الفعل من مختلف الأحزاب التونسية بشأن إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد، أمس، عن أمر رئاسي يتضمن تدابير استثنائية أخرى تعزز صلاحياته على حساب الحكومة وكذلك البرلمان الذي يحل محله عبر «إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم»، معلناً مواصلة «العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع أحكام هذا الأمر الرئاسي».
حركة «النهضة»

اعتبرت كتلة حركة «النهضة» البرلمانية (53 نائباً من أصل 217)، قرارات سعيّد الأخيرة «انقلابا متكمل الأركان على الشرعية الدستورية»، وفق بيان أصدرته اليوم.

وقالت كتلة «النهضة» إن «قرار الرئيس تعليق فعلي لدستور الجمهورية وتعويض له بتنظيم مؤقت للسلط العمومية ونزوع واضح نحو حكم استبدادي مطلقٌ وانقلاب مُكتمل الأركان على الشرعية الدستورية».

‎وأضافت الكتلة أن «انتهاج هذا المنحَى يساهم في مزيدِ تعقيد الأزمة بما يُمكنه أن يهدد كيان الدّولة التونسيّة ووحدتها ويدفعَ البلاد إلى ما لا يُحمد عقباه»، معبّرة عن «رفضَها تجميع رئيس الجمهورية لكلّ السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية واستغلال ذلك لفرض خيارات بعينها، لعلّ أبرزها إلغاء المؤسسات السياسية والرقابية الشرعية القائمة، بما في ذلك البرلمان والهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين وهيئة مكافحة الفساد ووضع اليد على كل الهيئات الدستورية الأخرى».

‎وفي هذا السياق، دعت «جميع الكتل البرلمانيّة والشخصيات المستقلّة لتوحيد الصف والتعالي عن الخلافات للدفاع عن قيم الجمهورية والديمقراطية وحماية البلاد من أخطار هذا التمشي المعمّقُ للانقسام المجتمعي والمهدّد للسلم الإجتماعي والمقوّض للوحدة الوطنية حول الدستور».

كما دعا رئيس البرلمان التونسي ورئيس «النهضة»، راشد الغنوشي»، إلى «النضال السلمي» ضد «الحكم الفردي المطلق الذي قامت الثورة ضده»، مشيراً إلى أنه «لم يعد هناك من مجال اليوم الاّ النضال، نحن حركة مدنية ونضالنا سلمي».

حزب «قلب تونس»

اعتبر حزب «قلب تونس» (28 مقعدا من أصل 217)، أن «الأحكام الانتقالية» التي أصدرها سعيد تعد انقلاباً على الشرعية وتعليقاً للدستور وتأسيساً لديكتاتورية جديدة»، مضيفاً أنها «تشكل من الناحية القانونية خرقاً جسيماً للدستور تجسدت اليوم بموجب إصدار التنظيم المؤقت للسلط العمومية».

وأعلنت الكتلة رفضها «تعطيل المسار الديمقراطي وتقويض أركانه»، مستنكرة «احتكار السلطات التنفيذية والتشريعية وفتح مجال للتدخل في السلطة القضائية والإعلام وتنظيم المنظمات والجمعيات في محاولة لتركيز نظام دكتاتوري استبدادي يقوض مكتسبات ثورة الحرية و الكرامة».



ما هي التدابير التي أقرّها سعيّد؟

بموجب هذه الصلاحيات، سيصدر سعيّد التشريعات في أوامر رئاسية، الأمر الذي كان من صلاحيات البرلمان المجمّدة أعماله منذ 25 تموز.

والإجراءات الجديدة، التي نُشِرت، أمس، في الجريدة الرسمية، هي «تدابير استثنائية» لتنظيم السلطتين التنفيذية والتشريعية وتتألف من 23 فصلاً.

وجاء فيها: «يتمّ إصدار القوانين ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم يختمها رئيس الجمهورية».

كما ورد في فصل آخر «يمارس الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة» و«تتكوّن الحكومة من رئيس ووزراء وكتّاب دولة يعيّنهم رئيس الجمهورية».

والسلطة التنفيذية، بموجب دستور 2014، في يد الحكومة التي تكون مسؤولة أمام البرلمان، لكنّها، بموجب التدابير، ستكون مسؤولة أمام رئيس الجمهورية مستقبلا.