لم يلقَ إعلان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، يوهانس فا دير كلاو، في تشرين الثاني الماضي، أن أكثر من 19 مليون يمني يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، اهتمام دول العالم لوقف العدوان السعودي الذي يمارس حرب إبادة بحق اليمنيين.
مصادر متابعة للقضية أوضحت لـ«الأخبار» أن ما سبّبه العدوان إلى جانب سوء إدارة المعنيين في مؤسسة المياه وعدم الاهتمام بالموضوع من قبل السلطات العليا وعدم تسديد المواطنين ما عليهم من مستحقات لمؤسسة المياه، كلها أسباب أساسية في أزمة البلاد.

أسعار مرتفعة

ولم يكن ينقص سكان اليمن في معاناتهم الاقتصادية نتيجة توقف الأعمال والارتفاع الجنوني في الأسعار بسبب فقدان البضائع والمنتجات من الأسواق، حتى أضيف إلى مشاكلهم أزمة توفير الأموال لشراء المياه التي تفاوت ثمنها بين منطقة وأخرى بحسب مجريات المعارك في المناطق.
وراوحت أسعار الصهاريج في صنعاء بين 3000 ريـال للصهريج الواحد و6000 ريـال يمني، فيما يستمر سعر الصهريج في الارتفاع بنحو مستمر وجنوني من دون أي رقابة. أما في المحافظات الجنوبية، فالمناطق الواقعة في مناطق الحرب تعاني من شحّ المياه وندرتها مثل عدن والضالع وأبين. وبالنسبة إلى عدن، فقد أدت الحرب الدائرة هناك إلى تعطيل شبكات المياه وخزاناتها لعدم وجود آبار فيها داخل المدينة، بل تتغذى من بئر أحمد وبئر ناصر، وهي مناطق بعيدة وخارج عدن الكبرى.
أزمة توفير المياه أرغمت بعض العائلات على الاستغناء عن شراء بعض الحاجات الأساسية لتوفير المال الكافي لشراء المياه. وبالإضافة إلى ارتفاع الأسعار، لجأ بعض الأهالي إلى شراء المياه من المحالّ بأسعار وصلت إلى 100 ريـال مقابل 15 ليتراً بسبب تخوفهم من المياه المبيعة عبر الغالونات للمنازل لعدم ثقتهم بمصدرها.
خسائر وزارة الصحة بلغت 12 مليون دولار بسبب العدوان


العودة للطرق التقليدية

ومع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء، الأمر الذي سبّب فقدان المياه في الأرياف نتيجة اعتماد الأهالي على الآبار التي تحتاج للكهرباء للتشغيل، عاد بعض الأهالي إلى عادات كانت قد اندثرت، مثل رفع المياه من الآبار بالطرق التقليدية، وهذه معاناة تضاف إلى أعباء النساء والأطفال على وجه الخصوص.
أضف إلى ذلك توقف أعمال المزارعين في الأرياف نتيجة اعتمادهم على مياه الآبار الجوفية لري المزروعات، ما أثّر في الإنتاج الزراعي وسبّب فقدان بعض المنتجات الأساسية. كذلك يضطر بعض السكان إلى الاستعانة بالحمير لنقل المياه في الطرق الوعرة والجبال بين منطقة وأخرى.

الطيران استهدف خزانات المياه

وأكد مستشار وزارة المياه، فتح الدين درموش، أن فقدان المياه في أمانة العاصمة صنعاء سببه استهداف طائرات العدوان لخزانات المياه في منطقة النهدين في مديرية السبعين، وكذلك لخزان آخر في نفس المكان بسعة 500 لتر مكعب، ويستفيد منه ثلاثون ألف نسمة. وأضاف درموش أن طائرات العدوان دمرت أيضاً وحدة ضخ تغذي منطقة حدة، حي النصر والحي السياسي.
ورداً على سؤال السكان عن سبب عدم وصول المياه إلى أحياء أمانة العاصمة صنعاء، أوضح مستشار وزارة المياه أن عدد المشتركين في خدمة المياه العمومية 95 ألف مشترك، بينما عدد المشتركين الذين يسددون الفواتير ما يقارب 18 ألف مشترك فقط، أي ما يعادل 20% من إجمالي عدد المشتركين، الأمر الذي دفع مؤسسة المياه إلى قطع المياه عن المتخلفين، كاشفاً أن المديونية المستحقة لمؤسسة المياه في أمانة العاصمة فقط بلغت نحو 8 مليارات ريـال، وهذا الأمر يعرقل وصول الخدمة لمعظم الأحياء في العاصمة.
وأضاف أن أسباباً أخرى تؤدي دوراً في الأزمة، منها الانقطاع الكلي للكهرباء وخروج بعض الآبار عن الخدمة وما يصحبُ ذلك من اختلالات في المضخات، ما يؤدي للحاجة إلى الصيانة وضعف إنتاج المياه.
وشدد على أن الوزارة تعمل في أقصى طاقاتها لتوفير المياه لسكان المحافظات بحسب القدرة والوسائل المتاحة، في ظل الاستهداف المتواصل من طائرات العدوان لكل محطات المياه في المحافظات اليمنية، مشيراً إلى أن لدى الوزارة «استراتيجيات عدة تعمل عليها في ظل الوضع الراهن وستُنفَّذ بما يتوافق مع الإمكانات المتاحة والمتوافرة التي من شأنها تحديد الاستراتيجية المناسبة والفاعلة».
وكشف درموش، أن خسائر الوزارة بلغت بسبب العدوان 12 مليون دولار، إضافة إلى الأضرار الأخرى المستمرة بسبب الحصار المفروض والجائر من قبل دول «التحالف» على اليمن.

المنظمات الدولية تُسهم في تخفيف الأزمة

ومن ضمن الحلول التي أقدمت عليها الوزارة للتخفيف من الأزمة، تواصُل مسؤولي وزارة المياه والتنسيق مع مجموعة من المنظمات بالتدخل لتوفير مادة «الديزل»، حيث جرى توفير كمية من الديزل لمدة الشهرين الماضيين من خلال منظمة «اليونيسف». وكشف درموش أن الاتفاق مع «اليونيسف» شمل تزويد الوزارة بمادة «الديزل» على مراحل، وتشمل مليوناً ونصف مليون لتر من «الديزل» وخمسمئة وأربعة آلاف لتر لمحطة المعالجة المركزية، مضيفاً أنه جرى خفض الدعم إلى النصف حالياً.
وأضاف أنه جرى التنسيق بين الوزارة ممثلة بـ«المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي» في أمانة العاصمة وعدد من المنظمات لتوفير مادة «الديزل» لبعض مشاريع المياه الأهلية ولصهاريج نقل المياه التي تعمل بـ«الديزل» للمساعدة على استقرار أسعار الصهريج بنحو معقول، إلى جانب ذلك استُحدثت نقاط سبيل للأماكن المحتاجة للمياه.
إضافة إلى ذلك، وفرت لجنة الصليب الأحمر الدولي مضخة ومولداً للبئر في منطقة سعوان في أمانة العاصمة وقطع غيار وزيوتاً للمولدات الأخرى، تقدر بحدود 60 مليون ريـال.