القاهرة ــ الأخبارقرر حمدين صباحي الاستمرار في المعركة الرئاسية حتى النهاية. لم تنفع ضغوط شباب حملته في دفعه إلى الانسحاب وتغيير موقف «المناضل اليساري»، فـ«المخاوف على الوحدة الوطنية واستقرار البلاد» دفعت صباحي إلى الاستمرار في معركة يعرف مسبقاً أن نتيجتها محسومة بفوز منافسه المشير عبدالفتاح السيسي الذي سخرت الدولة له كل الوسائل الممكنة لفوزه.

قرار صباحي جاء بعد مشاورات استمرت حتى وقت متأخر من مساء أمس، عقب إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تمديد التصويت يوماً ثالثاً بعد ضعف الإقبال على مقار اللجان، وهو قرار أثار اعتراضاً مشتركاً من حملتي عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي.
كلّ المشهد يوحي بأن «اللجنة في خدمة المشير»، فالموقف الداخلي والدولي سيواجه صعوبات كثيرة في ظل إقبال لم يتعدّ ملايين الناخبين من أصل نحو 50 مليوناً يحق لهم الانتخاب، وهو ما يفتح الباب لاحقاً للحديث عن قوة وشرعية الفائز ونزاهة الانتخابات، ما دعا وسائل الإعلام المصرية إلى الاستنجاد بأرقام لوكالات دولية قالت إن نسبة الاقتراع وصلت إلى 37%.
ورغم إجراء الانتخابات الرئاسية في 2012 ضمن يومين أيضاً، فإن لجنة الانتخابات قررت تمديد التصويت قبل ساعتين من غلق أبواب الاقتراع أمس، ولم تجد مبرراً لقرارها سوى «ارتفاع درجة الحرارة خلال النهار وتكدس الناخبين أمام صناديق الاقتراع في المدد المسائية». وسبق لهذه اللجنة أن أخّرت إعلان الجدول الزمني للعملية الانتخابية لنحو 5 أسابيع بسبب ما وُصف ذلك اليوم بـ«تجهيز الدعم اللوجستي والفني». وقبل ذلك كان التبرير الشعبي منقذاً لتأخر المشير السيسي في اتخاذ قراره خوض الانتخابات الرئاسية، لكن الأخير لم يقدم استقالته من منصب وزير الدفاع إلا قبل 48 ساعة على غلق قاعدة الناخبين، وقبل إعلان الجدول الزمني بخمسة أيام فقط.
كذلك تزامن قرار اللجنة مدّ التصويت مع بدء رصد عمليات تسويد للبطاقات الانتخابية في عدد محدود من مراكز الاقتراع للسيسي، وانقطاع الكهرباء عن عدة لجان في مناطق متفرقة في القاهرة الكبرى خلال الساعة الأخيرة من التصويت. هذا بمجمله فتح الحرب الكلامية في الساعات الأخيرة نتيجة الغضب الكبير من نسبة الإقبال الضعيفة التي ستقارن مباشرة مع حالة التصويت زمَنَ ترشح الرئيس المعزول محمد مرسي.

مصادر حقوقيّة
تتحدث عن نسبة
مشاركة 20% وحكوميّة وإعلاميّة عن 37%

ورغم نجاح تهديدات رئيس الحكومة إبراهيم محلب بتطبيق الغرامة المالية على المتخلفين عن التصويت وحسمها من راتبهم في زيادة الإقبال خلال الساعات الأخيرة من اليوم الثاني، فإن الأرقام الواردة من الداخل تفيد بأن نسب التصويت لم تتجاوز 20%، طبقاً للتقارير الحقوقية.
على ضوء ذلك، تعرض صباحي لضغوط من شباب حملته من أجل الانسحاب من سباق الانتخابات، ومبررهم في ذلك أن قرار تمديد التصويت هدفه حشد المزيد من الأصوات للمشير، مستدلين بتوفير الحكومة وسائل النقل مجاناً للمواطنين لمدة 48 ساعة بين الأماكن التي يقطنون فيها ومقار إقاماتهم الأصلية التي يحق لهم فيها الانتخاب.
ومع أن كلاً من صباحي والسيسي قدما طعناً انتخابياً في قرار التمديد، فإن الأمين العام للجنة المستشار عبد العزيز سلمان أكد أن لجنته درست الطعون وقررت حفظها بعد ساعتين من الدراسة، مشدداً على أن قرار التمديد جاء استجابة لطلبات المواطنين، «ولوجود طوابير ممتدة في المساء بعد صعوبة وصولها صباحاً لارتفاع الحرارة إلى 45 درجة».
وبشأن تلميح صباحي إلى الانسحاب، أشار سلمان إلى أن انسحابه ليس له قيمة قانونية، «لكنها خطوة سياسية فقط»، ذاكراً أن باب الانسحاب قانونياً أغلق في 9 أيار الماضي قبل تصويت المصريين في الخارج «وفقاً للقانون والجدول الزمني الذي أعلنته اللجنة مع بداية الاستحقاق الانتخابي».
وتقول مصادر في حملة صباحي لـ«الأخبار» إن رفض التمديد سببه أنه لن يكون في مصلحتهم، وذكرت أن صباحي التقى قيادات حملته مساءً وعبّر عن رفضه فكرة الانسحاب التي تبنّاها عدد كبير من التيار الشبابي بعدما طلب ساعتين للتفكير في الأمر، وذلك كما يرى «من منطلق الوطنية وحفاظاً على استقرار البلاد». وأضافت المصادر أن صباحي تحمّس لاقتراح سحب المندوبين من اللجان احتجاجاً على تمسك اللجنة بقرار تمديد التصويت، «وأبلغها بذلك رسمياً»، منبهة إلى أن الاستمرار في المعركة «يعطيه الحق بعد إغلاق باب الاقتراع في الطعن في العملية الانتخابية وفقاً للقانون».
في السياق نفسه، أكد المستشار القانوني لحملة صباحي طارق نجيده أنهم قرروا سحب المندوبين من اللجان، في خطوة احتجاجية على قرار التمديد، مشيراً خلال حديثه مع «الأخبار» إلى أن صباحي يتابع عن كثف مجريات عملية التصويت.
ورغم رفض غالبية المسؤولين في الحملتين قرار التمديد، فإن العضو الرئيسي في حملة السيسي والمرشح الرئاسي السابق عمرو موسى رحّب به قائلاً إن القرار جيد وفي مصلحة العملية الانتخابية. ولفت موسى في حديث إلى «الأخبار» إلى أن «الازدحام بدأ في اللجان منذ دخول المساء وانتهاء الحر»، نافياً علمه بأي أسباب أخرى دفعت اللجنة العليا إلى اتخاذ هذه الخطوة.
جماعة الإخوان المسلمين استغلت الموقف من جانبها، واعتبرته انتصاراً لدعواتها بالمقاطعة، مصنّفة جميع المقاطعين ضمن معسكرها، كما بدأت نشر صور عبر صفحة الحرية والعدالة، الذراع السياسية لها سابقاً، تشيد بضعف التردد على مقار الانتخاب.
هنا، قال عضو الهيئة الاستشارية المستقيل من حملة السيسي عمرو الشوبكي إن القرار غير موفّق «لأنه لا يوجد مبرر موضوعي للتمديد في ظل إقبال عادي من الناخبين»، معللاً لـ«الأخبار»: «من الواضح أن التمديد جاء ليزيد أعداد الناخبين»، لكنه نفى أن تكون دعوات الإخوان إلى المقاطعة هي السبب الرئيسي في ضعف الإقبال. أما الأحزاب المدنية فعقدت اجتماعاً أمس استمر قرابة ثلاث ساعات لبحث «سبل حث المواطنين على المشاركة والتصويت الانتخابي»، وأصدرت بياناً عقب الاجتماع طالبت فيه جموع الناخبين بالنزول في الساعات المتبقية إلى مقار الانتخابات للإدلاء بأصواتهم لاختيار من يقود مصر في هذه المرحلة الحرجة.
من جانبه، أرجع رئيس حزب الوفد السيد البدوي ضعف الإقبال إلى الحالة الإعلامية التي حسمت فوز السيسي مسبقاً، موجهاً رسالة إلى الشباب المقاطعين بالقول: «هناك تيار حاول غسل ماضيه بالتقرب من السيسي، لكن هذا التيار ليس محسوباً على المشير ولن تعود قوى ما قبل 25 يناير أو 30 يونيو إلى الحكم». واختتم البدوي لـ«الأخبار»: «الادعاء أن النتيجة محسومة سابقاً حق يراد به باطل، فالتصويت اليوم ليس انتخاباً لرئيس بل هو تصويت على ثورة 30 يونيو وما تبعها من خريطة طريق... الغرب لن ينظر إلى أعداد من خرج ضد الإخوان بقدر ما سينظر إلى أعداد الأصوات في صناديق الانتخابات».