مقالات مرتبطة
اكتفت واشنطن باتخاذ خطوةٍ نحو «تعليق» مساعدة مالية للخرطوم بقيمة 700 مليون دولار
وفي موازاة قراره حلّ مجلسَي السيادة والوزراء، وتعليق العمل في بعض مواد الوثيقة الدستورية، وفرْض حالة الطوارئ، ووعده بإجراء انتخابات في صيف عام 2023 لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، حلَّ البرهان، أمس، جميع الكيانات النقابية والاتحادات المهنية في السودان، والتي تشكَّلت في أعقاب إطاحة عمر البشير لتحلّ محلّ مجالس إدارة النقابات المهنية. وهي لجان اقترحها «تجمُّع المهنيين السودانيين»، أحد المحرّكين الأساسيين لانتفاضة 2018، فيما تولّت التصديق عليها لجنة «إزالة التمكين» المجمَّد عملها في ضوء الانقلاب، والتي تشكَّلت من قِبَل البرهان نفسه، بغرض إنهاء تمكين المحسوبين على نظام البشير في مؤسّسات الدولة ومحاربة الفساد واسترداد الأموال.
وفي ثاني أيام الانقلاب الذي أحدث اضطرابات سقط في خلالها سبعة قتلى، أُغلقت الطرق والمتاجر، وتعطَّلت الاتصالات الهاتفية، وانتشرت الطوابير أمام المخابز في السودان، فيما أمكن سماع الدعوات إلى الإضراب العام عبر مكبّرات الصوت في المساجد. في هذا الوقت، جدّد «تجمع المهنيين السودانيين»، أمس، دعوته إلى التصدّي للانقلاب العسكري، قائلاً، في بيان: «ندعو جماهير شعبنا الصامد، وفي مقدِّمها لجان المقاومة في الأحياء والقوى الثورية النقابية والمطلبية والشعبية في كل ربوع السودان، إلى مواصلة التصدّي للانقلاب العسكري، باستخدام أدوات المقاومة السلمية المجرّبة في الإضراب السياسي العام والعصيان المدني الشامل والمفتوح حتى هزيمة الانقلابيين». كما دعا إلى «إغلاق الطرق بالمتاريس لحماية الثوار مع تجنّب الاشتباك مع قوات الانقلابيين المسعورة حفاظاً على الأرواح»، و«الإضراب عن العمل»، و«تسيير المواكب داخل الأحياء»، وكذلك «التكافل وتوفير الاحتياجات الاستهلاكية والطبية للأسر المحتاجة». وعلى المنوال ذاته، جاءت دعوة «قوى الحرية والتغيير» إلى «اتباع شتّى أشكال التصعيد الثوري السلمي وإغلاق الشوارع والعصيان المدني»، رفضاً للانقلاب العسكري في السودان، موضحةً أن «هناك استعدادات لفعاليات تصعيدية كبرى، وملء الشوارع بالسودانيين لإفشال انقلاب الجيش».
الوساطة مؤجلة
يدور الحديث، بحسب تقارير استخبارية عربية رُفعت إلى المعنيّين في الساعات الماضية، عن ضرورة مبادرة الجيش السوداني إلى سلسلة خطوات تطمينية كفيلة بتحصين الانقلاب الذي أقدم عليه، وخصوصاً في ظلّ محدودية الدعم الشعبي له، بحسب ما يرى داعموه الخارجيون، وعلى رأسهم مصر والإمارات والسعودية. وعلى هذه الخلفية، تجرى مناقشة ترتيبات تعيد إشراك المدنيين في مرحلة انتقالية، تُختصر زمنيّاً لإنهاء حالة التململ الداخلية، فيما يبحث قائد الانقلاب، عبد الفتاح البرهان، عن فرصة محاصصة داخلية، بهدف إقناع «المجتمع الدولي» بأنه قادر على إدارة هذه المرحلة.
ويبدو أن لدى مصر رؤية لقيادة وساطة بين العسكريين والمدنيين، لتقريب وجهات النظر، والحثّ على مواصلة الدعم الدولي للسودان خلال الفترة المقبلة، في موازاة تقديم جميع الأطراف تنازلات جديدة والالتزام ببنود صريحة في مقدِّمها الإفراج عن كل الموقوفين على خلفية الأحداث الأخيرة وعدم محاسبة السفراء المنشقّين. في المقابل، يرغب البرهان في تأجيل أيّ وساطات إقليمية إلى حين التوصّل إلى حلول مع المدنيين، إذ يريد الجيش صياغة اتفاق يوفر له غطاءً شرعيّاً داخلياً يستطيع ترويجه خارجياً. ويبقى رهان البرهان الأخير على الموقف الأميركي، المرتبط أوّلاً برغبة قائد الانقلاب في تسريع وتيرة التطبيع مع إسرائيل.