القاهرة | «لن أصطحب أحد معي في الرئاسة» عبارة نقلها مقربون من المشير عبد الفتاح السيسي، تعبيراً عن غضبه من أسلوب إدارة حملته الانتخابية والخلافات التي نشبت بين أعضاء الحملة مساء أول من أمس واستمرت حتى انتهاء عملية التصويت، ليلة أمس بسبب التضارب في الرؤى والتعامل مع المواقف المختلفة، وسط اتهامات متبادلة بين جناحين، أحدهما يمثل الشباب، والآخر يمثل العسكريين وكبار السن.
خسر المشير، بسبب أسلوب إدارة حملته الانتخابية الكثير، فالقائد العسكري السابق لم ينجح في إدارة حملته الانتخابية على مدار نحو شهرين، ليس فقط بسبب سيطرة عسكريين متقاعدين حاليين عليها، بل كذلك تراجع الدعم الشبابي لحملته وارتكازها على بعض الشخصيات التي تعاملت بتعالٍ مع رفقاء الميدان طمعاً في المناصب، بالإضافة إلى تجاهل الإعلام بشكل كامل لـ«دواعٍ أمنية».
انضمام عدد كبير من قيادات الحزب الوطني المنحل والإنفاق ببذخ على الدعاية الانتخابية، دفعا المئات من أنصار السيسي إلى التراجع عن انتخابه، وخاصة أن تصريحاته السلبية عن «فلول» نظام مبارك وعدم عودتهم إلى الساحة واستبعاد بعضهم في اللحظات الأخيرة من الإطار الرسمي للحملة زادت من نسبة المقاطعين، ما دفع أعضاء الحملة إلى الاتصال بقيادات من «الوطني»، وخاصة في الصعيد لمصالحتهم وحثهم على النزول والتصويت في اللجان في اليوم الأخير.
لم تجد لجنة الشباب عيباً في التواصل مع فلول الحزب الوطني بشكل غير مباشر، مع عدم إعلان ذلك رسمياً، على العكس من الحملة الرسمية التي لم تجد حرجاً في التعاون مع بعضهم مباشرة بل واستدعائهم لحضور لقاءات مع السيسي شخصياً، وهو ما تكرر في أكثر من مؤتمر شارك فيه المنسق العام للحملة السفير محمود كارم، ومنها لقاء القبائل العربية والمؤتمر الذي نظمه الصحافي مصطفي بكري.
قيادات الحزب المنحل أنفقت ببذخ على الدعاية للمشير. الدعاية الانتخابية للسيسي المصروف عليها مئات الآلاف من الجنيهات أغرقت شوارع المحروسة قبل أيام من الاقتراع. المشكلة أن بعض اللافتات حملت توقيع أفراد من فلول «الوطني»، الأمر الذي أثر سلباً في نسبة مؤيدي المشير من الفئة التي ترفض عودة دولة مبارك.
الفشل في التواصل مع المواطنين وحشدهم على غرار ما حدث في «30 يونيو» كان أبرز الانتقادات التي وجهت إلى لجنة الشباب في حملة السيسي. وقد صرح بعض أعضاء هذه اللجنة بأنهم نجحوا في تنظيم عشرات الفاعليات خلال فترة وجيزة وفي ظل نقص للإمكانات. أما السبب وراء ضعف التأثير، فيرجع في وجهة نظرهم إلى عدم الدعم من الحملة المركزية متمثلة في السفير محمود كارم المنسق العام للحملة.
القادة العسكريون السابقون والمقربون من المشير اتهموا الشباب بأنهم لم يستطيعوا احتواء الشارع من أجل التصويت للسيسي، وأن الشارع لم يعد للشباب ولكن للمواطنين الذين يرغبون في عودة الأمن والاستقرار. واستند هؤلاء في اتهامهم لشباب الحملة إلى حقيقة الإقبال الضعيف بالنسبة إلى المواطنين الشباب الذين تركوا الساحة لكبار السن على عكس الاستحقاقات الانتخابية السابقة.
وفي السياق نفسه، تغيب مسؤول لجنة الشباب، حازم عبد العظيم، يوم أمس حتى الخامسة مساءً عن مقر الحملة الذي يتابع من خلاله المشير العملية الانتخابية، وفسر البعض ذلك بأنه نوع من الاحتجاج على تجاهله في اليوم السابق. وحصلت «الأخبار» على تصريح خاص من الدكتور حازم عبد العظيم الذي أكد عدم وجود أي خلافات بين اللجنة التي يترأسها وحملة السيسي، ونفى أن تكون اللجنة قد تحدثت مع السيسي في أي أمر متعلق بحصولهم على مناصب أو الاستعانة بهم في الدولة بعد فوزه بالانتخابات. وأضاف في تصريحات لـ«الأخبار» أن «الحملة كيان شبابي جرى تكوينه وإدارته بنجاح خلال فترة قصيرة وقامت بدورها ونفذت أفكاراً جيدة، لافتاً إلى أنهم عملوا لمدة شهر ويومين فقط وتمكنوا من تنظيم فاعليات عدة خاصة في الأسبوع الأخير من فترة الدعاية».
أما حزب النور السلفي، فقد اطلق انتقادات حادة لحملة السيسي وطريقة إدارتها، وهذه الانتقادات هي الأولى من نوعها بين حزب النور والمشير منذ إعلان خريطة الطريق في الثالث من تموز الماضي. رئيس حزب النور يونس مخيون صرح في تصريحات متلفزة مساء أول من أمس بأن «حملة السيسي فاشلة وليس لها وجود على أرض الواقع، فضلاً عن انضمام عناصر من رموز نظام مبارك إليها»، مؤكداً أنهم نظموا أكثر من 200 مؤتمر انتخابي خلال فترة الدعاية لحث المواطنين على التصويت للمشير. ورداً على تصريحات رسمية لحملة السيسي اتهمت أعضاء حزب النور بالاكتفاء بالدعاية للسيسي من خلال وسائل الإعلام دون المشاركة بالتصويت، قال مخيون إن «حملة المشير هي السبب في خسارته جزءاً من التأييد الشعبي له بسبب سلوكياتها التي لم تتناسب مع مكانته».