شن طيران العدوان السعودي، مساء اليوم، سلسلة غارات عنيفة على مطار صنعاء، بما خالف التكهنات التي تحدثت عن «رفع الحظر الجوي» عن المطار، كخطوة ثانية بعد انسحاب الميليشيات الموالية للإمارات من الأطراف الغربية والشرقية لمدينة الحديدة الساحلية وتمركزها في أطراف المديرية الجنوبية.

السعودية وصفت المطار الذي يخدم 21 مليون يمني بأنه «من ضمن الأهداف المشروعة» لعمليات التحالف الجوية؛ وهو ما يفتح المجال لاستكمال مسلسل القصف الذي طاول المطار خلال السنوات الماضية، والذين تضمن أكثر من 680 غارة جوية.

ووفق مصادر بوزارة النقل في حكومة صنعاء، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن تلك الغارات «تسببت بأضرار فادحة في مدرج المطار ومحطات الكهرباء وشبكات المياه والاتصالات والأجهزة الملاحية وجهاز الإرشاد الملاحي وبعض التجهيزات الأخرى، ومع كل ذلك تم إعادة المطار للجاهزية فنياً ومهنياً وفقاً للشروط والمتطلبات الدولية».

الغارات الأخيرة ترافقت مع حملة تحريض سعودية واسعة ضد المطار، بادعاء أنه يستخدم لأغراض عسكرية. ومن بين ما ساقته الحملة من مزاعم، استخدام «أنصار الله» أرض المطار لتجريب منظومة دفاع جوي محلية الصنع.

ونفت صنعاء الادعاءات السابقة على لسان وكيل الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، رائد جبل، الذي قال إن «ادعاءات الرياض تهدف إلى إيقاف حركة المطار الملاحية والخدمات التي يقدمها لطائرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية»، معتبراً أن «ما يسوق له العدوان من ادعاءات ومزاعم كيدية ضد مطار صنعاء يكشف نواياها في استهداف ما تبقى من منشآت المطار بعد أخذ ضمانات من الأمم المتحدة بعدم استهدافه كونه منشأة مدنية تُحرّم القوانين والاتفاقيات الدولية استهدافه».

وأشار إلى أن «طيران الأمم المتحدة يصل إلى مطار صنعاء منذ بداية العدوان بواقع ثلاث إلى خمس رحلات يومياً بانسيابية تامة ولم يسجل أي خلل أمني أو فني بشهادة طياري الأمم المتحدة وموظفيها».

التحريض الجديد على المطار وصفه مراقبون بالأخطر منذ إغلاق التحالف السعودي المطار بشكل كلي في الثامن من آب 2016، بقرار من وزارة الدفاع السعودية وبضوء اخضر من واشنطن. وبعد حصول صنعاء على ضمانات أممية بعدم استهداف المطار، تم ترميمه، ومع ذلك مارس التحالف القرصنة الجوية ضد الطائرات القادمة والمغادرة منه دون تصريح مسبق، لتقتصر الرحلات القادمة على طائرات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، ما فاقم من المعاناة الإنسانية وضاعف من الكارثة الإنسانية لليمنيين.

وكان المجلس السياسي الأعلى الحاكم في صنعاء، قد طالب الأمم المتحدة بسرعة فتح المطار للرحلات الإنسانية وإتاحة المجال للآلاف من المرضى للسفر وتلقي العلاج؛ وقال عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، إن «قادة أنصار الله لا يسافرون للخارج وليس لديهم أي مصالح في الخارج»، متهماً أميركا بالوقوف وراء إغلاق المطار.

بالتوازي، دعت وزارة النقل المنظمات الأممية المتواجدة في صنعاء إلى زيارة المطار لدحض المزاعم والاتهامات التي يسوقها التحالف السعودي؛ وفي هذا الإطار زار منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لدى اليمن، وليام ديفيد غريسلي، المطار واطلع على جاهزيته والأضرار السابقة التي طالته نتيجة الغارات.

الزيارة استجلبت رداً من المتحدث الرسمي باسم التحالف السعودي، تركي المالكي، الذي اعتبر أن الأمم المتحدة «توفر غطاء» لجماعة «أنصار الله» بما يتيح لها «ممارسة أنشطة عسكرية في المطار»؛ كذلك، زعمت وسائل إعلام سعودية «قيام الأمم المتحدة بنقل المسؤولين في صنعاء بسيارات أممية».

يشار إلى أن الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد لاتزال حتى اليوم تقوم بتأمين عبور الطيران في أجواء الجمهورية اليمنية؛ وتقدر وزارة النقل في صنعاء، خسائر إغلاق واستهداف المطار خلال السنوات الماضية من العدوان والحصار بأكثر من 150 مليون دولار، إلى جانب ثلاثة مليارات دولار خسائر غير المباشرة ناجمة عن توقف الرحلات والإيرادات وإغلاق المكاتب الخدمية.