ماذا لو حطّت «الحرب الأهلية الجهادية» رحالها داخل معسكر «الحلفاء»؟ بل ماذا لو حدث ذلك داخل «الجبهة الإسلامية»، التي كان قادتها حتى الأمس القريب يحاولون تظهيرها بوصفها «بيتاً واحداً»؟ لا تُعتبر الخلافات جديدة على «الجبهة»، لكن المشهد أمس كان مختلفاً. إذ خرج الخلاف إلى العلن، عبر بيانٍ أصدرته «حركة أحرار الشام الإسلامية» دعت فيه «جيش الإسلام» إلى محكمة «علنية ومستقلة». البيان الذي اتسم بالحدّة، جاء على خلفية اعتقال «جيش الإسلام» عناصر تابعين لـ«أحرار الشام» في الغوطة الشرقية، صباح الجمعة الماضي.
ووفقاً للبيان الذي تداولته صفحات «جهادية»، قام «فرع التوبة» التابع لـ«جيش الإسلام» بـ«اعتقال عدد من مجاهدي أحرار الشام من المرابطين على جبهة المليحة الصامدة، (...) أثناء استراحتهم في عدرا». واتهم البيان «مركز التوبة» بـ«منع خروج المؤازرة من عدرا إلى المليحة بسبب الفتنة التي أحدثها»، حيثُ «رفض تسليم المعتقلين إلى فصيلهم رغم تدخل عدد من الأفاضل من داخل الغوطة وخارجها». ودعت «الحركة» في بيانها «جيش الإسلام إلى محكمة شرعية علنية مستقلّة، يحضرها وجهاء الغوطة لتفصل في القضية»، وحمّلته «كامل المسؤولية عن سلامة المعتقلين، وعن أي فتنة قد تحدث في الغوطة المحررة»، وحثّت «جميع مجاهدي الغوطة الصادقين على اجتماع في مجلس شورى واحد (...) وترك التقاتل على حكم المناطق المحررة المحاصرة، والتنافس على مناصبها، وأهلها يعانون القصف والجوع والحصار». وفيما لم يصدر تعليق «رسمي» عن «جيش الإسلام» بخصوص الحادثة، قالت مصادر تابعة له إن «الذين تم إعتقالهم عناصر مسيئة، تم ضبطهم في مدينة عدرا»، التي يعدها «جيش الإسلام» ضمن مناطق نفوذه.
المستجدات الساخنة، فتحت شهيّة منتقدي علّوش على التذكير بـ«سجله الحافل بالتصرفات المسيئة»، بدءاً من اتهامه بـ«التخاذل عن نصرة المجاهدين» أثناء «معركة القلمون»، مروراً باعتقال عدد من «ناشطي الثورة»، وليس انتهاءً بـ«معاملة فصائل الغوطة بكبر وتعنّت وتسلط».

فتحت المستجدات شهيّة منتقدي قائد «جيش الاسلام»

مصدرٌ مواكب للتطورات الميدانية داخل الغوطة أوضح لـ«الأخبار» أنّ «الاعتداء ليس الأول من نوعه في سجل جنود علوش» (القائد العسكري للجبهة الإسلامية أيضاً). وأكد المصدر أنّ «الكيل قد طفح. ولم يعد أحد مستعداً للسكوت عنهم. لا من السكان، ولا من مجاهدي بقية الفصائل». ووفقاً للمصدر، فقد دارت منذ أيام «مناوشات في ميدعا في الغوطة الشرقية على خلفية اقتحام مقاتلي علوش مقارّ تحت سيطرة مجاهدي النصرة وأحرار الشام، بذريعة أن هذه المقارّ من حق جيش الإسلام. وكادت معركة دامية أن تنشب لولا حكمة مجاهدي النصرة والأحرار، الذين آثروا عدم الانجرار إلى الفتنة». ورأى المصدر أن «بيان أحرار الشام بمثابة إنذار شديد اللهجة. فوضع الحركة مختلف عن الفصائل الصغيرة التي سبق واضطرت للسكوت عن حماقات علوش. وما هي إلا أيام ويتضح أن زمن استبداده قد ولّى. وسطوته الوهمية لم تعُد تخيف أحداً».
بدوره، أكد مصدر مرتبط بـ«أحرار الشام» أن «لا بديل عن رضوخ الجميع لسلطة شرع الله. قيادة الحركة تنتظر ردّ الشيخ زهران، وتتوقع منه التصرف بحكمة».
ومن المرجح أن يتحاشى علوش الدخول في مواجهة مع «أحرار الشام» نظراً للثقل الذي تحظى به «الحركة»، وقائدها أبو عبد الله الحموي، سواء على الأرض أو لدى «الجهات الداعمة». وسبق لعلوش أن وجد نفسه مضطرّاً إلى الاعتذار إثر حادثة مشابهة، وقعت في آذار الماضي بين «جيشه» وبين «الهيئة الشرعية في دمشق وريفها»، إثر تدخل وضغطٍ من إحدى الشخصيات الخليجية الفاعلة في الشأن «الجهادي»، الأمر الذي وُصف حينها بأنه «هزيمة معنوية لعلوش في عُقر داره». أما في حال جاء ردُّ فعل «جيش الإسلام» مخالفاً للتوقعات، فإن الباب سيكونُ قد فُتح أمام فصلٍ جديد من فصول حرب «الإخوة الأعداء»، تكون تفاصيله أشدّ دموية من المشهد الحالي، نظراً إلى تداخل مناطق نفوذ «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» في كثير من المناطق.
وأيّاً تكن تطورات الخلاف الحالي، فإنه يشير الى هشاشة تحالفات «الجبهة الإسلامية»، التي تجمعها قيادة موحّدة على الورق، فيما ينفرد زعيم كلّ من مكوناتها بقرار خاص به وبمناطق نفوذه. وتكاد مواجهة تنظيم «داعش» أن تكون الميدان الوحيد الذي تصرفت فيه «الجبهة» وفق قرار مركزي، يُرجح أنه اتّخذ من قبل «الدول الداعمة».

معارك دير الزور مستمرّة

إلى ذلك، استمرت المعارك العنيفة في دير الزور بين «جبهة النصرة» وحلفائها من جهة، وبين «داعش» من جهة أخرى، حيث حقق «الحلفاء» تقدّماً جديداً عبر سيطرتهم على معمل الورق ودوار الواحة ومسبح الواحة. فيما تمكن «داعش» من السيطرة على بلدة النملية (في الريف الشمالي). مصادر «مجلس شورى المجاهدين» (الذي يتولى القيادة العسكرية للنصرة وحلفائها في المنطقة الشرقية) أكدت أن «قريتي ‏الدحلة وجديد البكارة ما زالتا تحت سيطرة مقاتلي ‏مجلس الشورى»، فيما أكّد مصدر من «داعش» لـ«الأخبار» أن «الأنباء التي تحدثت عن استيلاء الصحوات على حقل كونيكو هي محض كذب».
بدوره، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض «سقوط صاروخ يعتقد أنه من نوع أرض أرض على منطقة في حي الرصافة، كذلك استشهد رجلان اثنان جراء قصف قوات النظام على مناطق في حي الحميدية. فيما أكدت «تنسيقيّة دير الزور» مصرع «يحيى عبد الحميد الشنتوري، القائد ميداني في «لواء المهاجرين» من جراء الغارة الجوية.