رسم الرئيس الأميركي باراك أوباما الخطوط العريضة لتعامل بلاده مع الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي على أساس «تعزيز الشراكة والمصالح». العلاقة السيئة التي سادت بين البلدين منذ إطاحة الرئيس محمد مرسي، وكانت نتيجتها تعليق واشنطن للمعونة العسكرية للقاهرة، ستكون أمام امتحان «نيات» الحكومتين لتذليل العقبات التي أثرت في علاقتهما.
تدرك واشنطن جيداً أن عليها القيام بخطوات جبارة لمساعدة السيسي للنجاح على قاعدة المحافظة على حليف أساسي في منطقة مهمة في الشرق الأوسط. كذلك تعلم واشنطن أن عودة الدفء إلى العلاقات مع حكومة السيسي بسرعة سيكون لها أثرها الفاعل في تخفيف اندفاعة المسير نحو روسيا التي أكد رئيسها فلاديمير بوتين ضرورة تعميق العلاقات الاستراتيجية بين موسكو والقاهرة في الاتصال الأول لرئيس دولي مع المشير حتى قبل صدور نتائج الانتخابات رسمياً.
أما داخلياً، فسارعت الحكومة المصرية إلى إنجاز آخر الملفات المهمة قبل انتقال الحكم للرئيس الجديد الأحد المقبل، مع إقرارها قانوني «مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب» وإحالتهما على الرئيس المؤقت عدلي منصور الذي سيوقعهما في مدة أقصاها السبت المقبل.
وفي بيان للبيت الأبيض، أعلنت الحكومة الأميركية أنها تتطلع للعمل مع الحكومة الجديدة للمشير عبد الفتاح السيسي «لتعزيز شراكتنا الاستراتيجية والمصالح العديدة بين واشنطن والقاهرة».
وأعلن البيت الابيض أن الرئيس باراك أوباما سيتحدث في الأيام المقبلة مع نظيره المصري.
واشنطن أعطت شرعية لنتائج الانتخابات، بتأكيدها أن تقارير المراقبين أشارت إلى أن الانتخابات جرت وفق القانون المصري، ولكنها أعربت عن قلقها إزاء «الجو السياسي المقيد» الذي جرت فيه الانتخابات. كذلك حث البيت الأبيض حكومة السيسي المقبلة على تسريع إصلاحات حقوق الإنسان. وتابع البيان: «لقد عبرنا على الدوام عن قلقنا حول القيود على حرية التجمع السلمي وتشكيل جمعيات والتعبير وطلبنا من الحكومة أن تضمن هذه الحريات لكل المصريين». وأضاف البيان: «نحث الرئيس المنتخب والحكومة على تبني الاصلاحات الضرورية من أجل تولي الحكم بشكل شفاف وخاضع للمحاسبة وضمان العدالة لكل الافراد واظهار التزام لجهة حماية الحقوق العالمية لكل المصريين». بدورها، أعربت بريطانيا عن تطلعها للعمل مع الحكومة المصرية الجديدة «لتوطيد العلاقات الواسعة والمثمرة بين شعبينا». وأوضح وزير الخارجية ويليام هيغ أن حكومة المملكة تتطلع لأن يتخذ المشير خطوات لتوسيع المشاركة السياسية، وخصوصاً في ما يتعلق بحرية التجمع والتعبير عن الرأي.
كذلك تلقى السيسي سيلاً من برقيات التهنئة من رؤساء الدول العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي. وكان البارز أمس، الرسالة التي وجهها الرئيس المعزول محمد مرسي، إلى الشعب المصري، عبر صفحته على موقع «الفايسبوك»، دعا فيها مؤيديه إلى «استمرار الثورة»، وزعم أن «العالم لن يعترف بالنظام الجديد» ووصفه بـ«الانقلابي»، وقال إن الانتخابات الرئاسية «مسرحية».
في سياق آخر، أعلن نائب رئيس المحكمة الدستورية، ماهر سامي أن «أداء الرئيس المنتخب لليمين الدستورية سيكون في العاشرة والنصف صباح الأحد بقاعة الاحتفالات الكبرى في مقر المحكمة» في القاهرة. وأضاف سامي في تصريحات نقلتها وكالة «أنباء الشرق الاوسط» الرسمية أنه عقب أداء اليمين الدستورية سيقام حفل في قصر الاتحادية، المقر الرسمي للرئاسة المصرية، «يدعو فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي الملوك والرؤساء ضيوف مصر».
وأضافت الوكالة أن احتفالية ثانية ستقام مساء الأحد في قصر القبة (شرق القاهرة) «سيدعى إليها نحو ألف شخص من مختلف الأحزاب والشخصيات السياسية والرموز المصرية». كذلك عادت القاهرة عن قرارها بعدم دعوة الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي ووجهت له دعوة لحضور حفل تنصيب المشير.
من جهة أخرى، وافقت الحكومة المصرية أمس على مشروعي قانونين بشأن مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب، وأرسلتهما إلى الرئيس المؤقت لإصدارهما. إلى ذلك، نصح الرئيس المؤقت عدلي منصور الرئيس المنتخب بحسن اختيار معاونيه وحذره من جشع «أصحاب المصالح».
وفي كلمة أذيعت تلفزيونياً واستغرقت 38 دقيقة، ودع منصور المصريين قائلاً: «استوصوا بمصر خيراً، وارحموا بعضكم بعضاً»، وتساقطت دموع منصور مضيفاً: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)