الخليل | نظم إسرائيليون حملة إلكترونية نشروا خلالها صوراً لهم وهم يحملون شعارات تضامن مع جندي مفصول على خلفية اعتدائه بالضرب على طفل فلسطيني، بعد أن كانت جهات شبابية فلسطينية قد وثقت الحادثة عبر فيديو انتشر هو الآخر على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب.
وبدأت القصة في السابع والعشرين من نيسان الماضي داخل شارع الشهداء في مدينة الخليل، حين اعتدى أحد جنود الاحتلال بالضرب على طفل فلسطيني، وشهر سلاحه في وجهه مهدداً إياه بإطلاق النار عليه إلى جانب ناشطين فلسطينيين من تجمع «شباب ضد الاستيطان» كانوا يصورون الحدث.
بعد نشر الفيديو (مدته دقيقة ونصف) أشاعت وسائل إعلام عبرية أن جيش الاحتلال قرر توقيف الجندي دافيد نحلاوي عن الخدمة لما ظهر في الفيديو، فقابلتها حملة إسرائيلية أخرى تضامنت مع الجندي، بل دعت إلى إطلاق أيدي الجنود للانتقام من الفلسطينيين. وشارك في الحملة جنود من سلاح الجو والمشاة والاستخبارات والمدرعات وحراس أمنيون وأعضاء كنيست. لم تتوقف الخطوات الإسرائيلية عند حدود التضامن مع الجندي، فقد تلقى ناشطو «شباب ضد الاستيطان» تهديدات مباشرة بالقتل إضافة إلى تهديدات أخرى عبر صفحتهم الرسمية على «فيسبوك».
وقال منسق التجمع عيسى عمرو إن جنود الاحتلال أرادوا أن يتضامنوا مع الجيش ويثبتوا ولاءهم له، فاقتحموا مركزنا 4 مرات على مدار 3 أيام منذ نشر الفيديو، «وهددوا الناشطين بالقتل، وتوعدوهم بإطلاق النار عليهم». وأضاف لـ«الأخبار»: «قال الجنود للشبان إنهم يترقبون أن ينطق أحد بأي كلمة ليطلق عليه الرصاص مباشرة». وذكر عمرو أن إحدى مرات الاقتحام كانت أشبه بتدريب للجنود يحاكي اقتحام منزل واعتقال من فيه، معلقاً: «الهدف هو إرهاب المتطوعين وتخويفهم من الاستمرار في عملهم وتوثيق الاعتداءات».
ورغم نشر الجندي المفصول على حسابه على فيسبوك منشوراً يقول فيه إنه فُصل بسبب اعتدائه على زملائه من الجنود وليس على الطفل الفلسطيني كما أوردت صحفية «يديعوت أحرونوت»، فإن حملة التضامن الإسرائيلية معه لا تزال مستمرة، وتجاوز عدد مشتركي الصفحة الرسمية لها وهي بعنوان «أنا مع دافيد نحلاوي» أكثر من مئة ألف مع تفاعل قويّ يفوق عدد المشتركين. على مستوى الرصد، فإنه منذ نشر الفيديو تعرّض عددٌ من ناشطي التجمُّع للاحتجاز والتحقيق لساعات، واعتقل أحدهم وهو مصوّر ظهر في الفيديو المنشور حين كان يصور الاعتداء من زاوية أخرى. هنا يضيف عمرو: «الجنود الذي حضروا لاعتقال الناشط اعتدوا عليه بالضرب المبرّح حتى فقد وعيه، وبعد اعتقاله 36 ساعة أطلق سراحه، ثم أُعيد اعتقاله وضربه من جديد... هذا انتقام واضح».
وتعرض ناشطو التجمع وآخرون منذ بدء عملهم عام 2008 لعشرات الاحتجازات والاعتقالات على أيدي جنود الاحتلال والمستوطنين في الخليل، لكنهم يقولون إن حادث الاعتداء على الطفل الذي صوروه في الفيديو وأثار جدلاً كبيراً واقع يومي في المدينة، مؤكدين أنهم سيستمرون بكاميراتهم لتوثيق الاعتداءات اليومية ضد الفلسطينيين. وأشار الناشطون إلى أنهم أطلقوا حملة جمع تواقيع عبر الإنترنت من متضامنين، وبعثوا رسائل إلى دبلوماسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ويختتم منسق التجمُّع عيسى عمرو: «نستعد لما هو أكبر، فنحن نتوقع أن تشتد الحملة ضدنا أكثر في الأيام القادمة لأنه حالياً توجد تغطية إعلامية كبيرة للحدث ونخاف من انشغال الإعلام لاحقاً، الأمر الذي سيعطي جنود الاحتلال مساحة لانتقام أكبر».
ويعرف «شباب ضد الاستيطان» نفسه على أنه تجمع فلسطيني شبابي غير حزبي هدفه مقاومة الاحتلال والاستيطان في الخليل بطرق شعبية غير مسلحة أهمها توثيق اعتداءات الاحتلال والمستوطنين عبر تصويرها ونشرها عبر الإنترنت، ويتطوع في التجمُّع نحو 100 ناشط وناشطة أساسيين إضافة إلى مناصرين.