اهتزت صفوف مسلحي المعارضة في بلدة المليحة في الغوطة الشرقية (ريف دمشق). في الأيام الماضية، وجهوا نداءات استغاثة تحت عنوان: «إذا سقطت المليحة تسقط الغوطة». لكن هذه النداءات لم تنفع. فليل أول من أمس، قُطعت طرق الإمداد عن البلدة، بهجوم وحدات الجيش ومقاتلي حزب الله على مواقع المسلحين عبر محورين، فعزلت المنطقة من جهة جسرين وزبدين. وانقطعت إثر ذلك كل خطوط الإمداد، وقد فرّ جزء من المسلحين، لكن القتال استمر ليلاً وطيلة يوم أمس.
وتبدو عودة البلدة كاملة إلى قبضة الجيش السوري «مسألة ساعات فقط»، بحسب أحد القادة الميدانيين.
لكن، لماذا طالت معركة المليحة، علماً بأنّ الجيش أحرز تقدماً كبيراً قبل أسبوعين، وكان على وشك استعادتها؟ يروي قائد ميداني أنّه «بالتزامن مع معارك منطقة القلمون في الريف الشمالي لدمشق، والمحاذي للحدود اللبنانية الشرقية، انسحب عدد كبير من المسلحين وتحديداً من مدينة رنكوس من جبهة النصرة والجبهة الإسلامية في اتجاه الغوطة الشرقية، وتمركزوا تحديداً في المليحة». في موازاة ذلك، اتّجهت إلى المليحة أيضاً جماعات مسلحة من عدرا، حيث «خفّ جهدهم العسكري بعدما أجهضت خططهم في الغوطة؛ التي كان آخرها محاولتهم العودة واقتحام العتيبة ومحيط المطار». إذاً، انتقل إلى المليحة عدد كبير من المسلحين ذوي الخبرة. في المقابل، كان مخطط الجيش والقوى الرديفة له «استنزاف أكبر عدد منهم (المسلحين) في هذه البقعة، وهذا ما حصل فعلاً. إذ بلغت حصيلة قتلاهم أكثر من 300، بينهم أكثر من 25 قيادياً»، بحسب المصدر نفسه. ويصف القائد الميداني هذه المعركة بمعركة «كسر الإرادات»، فالمسلحون «أصروا على متابعة هذه المعركة، صمدوا وقاتلوا واستنزفوا».
وكان الجيش قد بدأ العملية العسكرية في المليحة منذ أكثر من شهرين عبر ثلاثة محاور، الأول من الجهة الشرقية، عبر شبعا، والثاني من الوسط حيث الكتل العمرانية، والثالث من الجهة الغربية من ناحية جرمانا.

قتل أكثر من
300 مسلح وأكثر
من 25 قائداً ميدانياً في المليحة

جرى، حينها، إطباق كامل وحصار من الجهة الشرقية والغربية مع اندفاع القوات البرية نحو الوسط. وتزامن الهجوم مع تدمير أنفاق كانت تربط المليحة ببقية المناطق، و«أخطرها أنفاق كادت تصل الى تحت طريق المطار لقطع الطريق ولوصلها بما تبقى من الجهة المقابلة في الغوطة الغربية في بيت سحم وببيلا والحجر الأسود»، بحسب القائد الميداني. وعلى ضوء ذلك، وبناء على «معلومات استخبارية وجهد أمني» جرى الكشف عن هذه الأنفاق ومخططات المسلحين. وشهدت البلدة معارك شرسة طيلة هذه الفترة، إذ تدفّق «المسلحون من كل الغوطة الشرقية وتحديداً من دوما... كانت بالفعل معركة الغوطة الشرقية بالنسبة لهم»، يروي القائد. ويتابع: «وضعت كل الفصائل المسلحة ثقلها في هذه المعركة، كان هناك إصرار وتمسك بعدم خسارتها، وخصوصاً من قبل (قائد «جيش الإسلام») زهران علوش الذي تولّى إدارة المعركة شخصياً».

ما بعد المليحة

ستأخذ معركة الغوطة الشرقية منحى جديداً بعد استعادة المليحة من قبل الجيش. وسيؤدّي ذلك حكماً الى انهيار بلدات مجاورة لها في الأسابيع المقبلة، «وأولاها دير العصافير، لأنها ستصبح بحكم الساقطة». إضافة إلى أنه «سيقطع الطريق الرئيسي الخلفي الذي يربط قرى الغوطة الشرقية بعضها ببعض. وستكون مدينة دوما، معقل جبهة النصرة وجيش الاسلام، ومكان قياداتهم تحت تأثير التهديد المباشر للجيش السوري». كذلك سيرتاح أهالي جرمانا حتماً من عشرات قذائف الهاون التي تمطر المدينة يومياً من المليحة. ويؤكّد القائد أنّ «استعادة المليحة سيكون لها تأثير على حسم معركة جوبر، المنفذ الأقرب الذي يهدّد العاصمة... وسيتّجه المسلحون بعدها الى جسرين وسقبا وعربين، وصولاً إلى دوما».