بغداد | بعد يوم واحد على سقوط مدينة سامراء بيد تنظيم «داعش» وتحريرها من قبل الجيش العراقي، مارس التنظيم الإرهابي تكتيكاً جديداً لضرب المدن الرخوة أمنياً، بدءاً بمحافظة الموصل ذات الامتداد الحدودي الطويل مع سوريا، مهجّراً آلاف العوائل من الساحل الشرقي للمدينة، وقاطعاً مياه الشرب عن آلاف المنازل.
تبع ذلك اقتحام «داعش» جامعة الأنبار واحتجاز العشرات من طلبتها وأساتذتها، في مؤشر يعكس خطة استنزاف واضحة للقوات الأمنية، وضغطاً سياسياً على حكومة بغداد، في وقت يسيطر فيه الجيش العراقي على محيط مدينة الفلوجة. يوم دام جديد سجلته اليوميات العراقية بدخول تنظيم «داعش» أجزاءً كبيرة من مدينة الموصل ومحيطها الغربي، وتهجير آلاف العوائل منها إثر تهديد ووعيد، وإيقاف مضخة مياه الشرب الرئيسة غربي نينوى، صاحب ذلك إطلاق قذائف هاون عشوائية على الدور السكنية في مدينة الموصل، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر أشلاءً متناثرة وبقايا قنابل الهاون وصواريخ كاتيوشا في أحد أحياء الموصل.
وفي أول رد فعل على هذا الهجوم، توجه كل من القائد العام للقوات البرية الفريق علي غيدان الذي شارك في عملية تطهير مدينة سامراء يوم الخميس الماضي، وقائد عمليات بغداد السابق الفريق عبود كنبر، إلى مدينة الموصل صباح أول من أمس، لتطهير المناطق التي احتلها تنظيم «داعش» وهجّر جميع سكانها. واندلعت اشتباكات عنيفة شاركت فيها المروحيات العسكرية فور دخول القوات حدود المدينة.
وتفيد مصادر أمنية عن بدء عمليات دهم وتفتيش في المناطق الغربية، أدت إلى مقتل 75 إرهابياً من بينهم جنسيات عربية، وحرق 20 عجلة تحمل أحاديات قتالية.
ويستعد الجيش العراقي لاقتحام الساحل الغربي للموصل، الذي يُعدّ منطلقاً للعمليات الإرهابية لتنظيم «داعش»، نظراً إلى ملاصقته للحدود السورية. وتؤكد المصادر لـ«الأخبار» سهولة تنقل عناصر «داعش» بين العراق وسوريا عبر الشريط الحدودي للموصل مع الشام.
وكانت مصادر أمنية رفيعة كشفت عن إعداد التنظيمات المسلحة خطة تهدف إلى استنزاف القوات الأمنية العراقية، والتخفيف من الزخم الإعلامي والعسكري عن الفلوجة.
وقبل أن يستفيق العراقيون من هول صدمتي سامراء والموصل، احتل عشرات المسلحين مبنى جامعة الأنبار واحتجزوا كل من فيها، ما أدى إلى إرباك التقدم الأمني البطيء للجيش العراقي باتجاه مدينة الفلوجة التي يتحصن فيها قادة تنظيم «داعش»، بحسب المصادر الحكومية التي تفيد عن وجود خطة لتنفيذ سلسلة هجمات سريعة في العديد من مناطق العراق لفك الخناق عن الفلوجة. وعلى الرغم من إطلاق سراح طلبة وأساتذة الجامعة بعد بضع ساعات، ونقلهم إلى أماكن أكثر أمناً، لا يزال المسلحون يسيطرون على مبنى الجامعة، وينشرون القناصة في أرجائها. ومنذ صباح أول من أمس حتى الآن، لا يزال المسلحون الذين يُقدّر عددهم بـ30 شخصاً يرفضون الاستسلام. وتقول الروايات الحكومية إن قوات خاصة قدمت من بغداد، تمكنت من قتل 4 قناصة من على أسطح الجامعة حتى الآن، في حين فجّرت الجماعة المهاجمة جسراً حيوياً يربط محافظة الأنبار بالجامعة لمنع الآليات العسكرية من الوصول إلى المبنى.
في هذا الوقت، عاشت العاصمة بغداد ليلة دامية أيضاً ليل أول من أمس، إذ شهدت تفجير ست سيارات مفخخة في توقيت متزامن في مناطق متفرقة منها، أدت بحسب قيادة عمليات بغداد إلى مقتل 11 مواطناً وإصابة 20 آخرين.
وبينما يتساءل العراقيون عن سبب إطالة حرب الأنبار، وعدم تمكن القوات الأمنية من منع الاقتحامات المتكررة من قبل «داعش» لعدد من المناطق في أوقات قياسية، بيّن الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي، في حديث صحافي، أن «المعلومات الاستخبارية تشير إلى أن الأسلحة التي يستخدمها «داعش» قدمت من سوريا»، مؤكداً صعوبة مراقبة الحدود الصحراوية الشاسعة من دون أنظمة جوية.