بعد انطلاق المفاوضات في حيّ الوعر في حمص منذ نجاح تسوية حمص القديمة في الشهر الماضي، وفيما كانت تشرف المفاوضات على نهايتها، جرى تجميدها في اللحظات الاخيرة، أمس، بعدما فرض المسلحون شروطاً جديدة، من بينها إبقاء المسلحين الغرباء في الحي. وسرعان ما قوبل هذا الشرط بالرفض من قبل الجيش السوري.
ومن بين البنود التي كانت مطروحة بشأن التسوية: تسليم السلاح، تسوية أوضاع المطلوبين والمنشقين، فتح الطرقات كافة الى حي الوعر، إطلاق المعتقلين على خلفية الأحداث، بما في ذلك النساء، إخراج المسلحين الغرباء ومن لا يرغب في التسوية الى خارج حي الوعر، فتح مكتب متابعة في الحي لمعالجة أي خرق أو تجاوز للاتفاق وعودة الأهالي إلى بيوتهم في حمص القديمة مع الضمانات. في مقابل ذلك، يتمّ إطلاق سراح مخطوفي نبل والزهراء في حلب، الذين يبلغ عددهم أكثر من 40، وغالبيتهم من النساء والأطفال.
لكن، وفي موازاة ذلك، بدأت الاتصالات الجدية في شأن تسوية في الدار الكبيرة في الريف الشمالي لحمص برعاية مندوب الأمم المتحدة في سوريا ولجنة المصالحة، وأعلن أمس، تمهيداً لذلك، وقف إطلاق النار بين الجيش السوري والمسلحين في الدار الكبيرة وبلدة الغاصبية وخالدية الدار الكبيرة. تجدر الإشارة الى أنّ مسلحي حمص القديمة توجّه غالبيتهم إلى الدار الكبيرة.
في موازاة ذلك، اغتال «الجيش الحر» «أمير» محافظة حمص والمنطقة الشرقية في تنظيم «داعش» إياد العويد، أول من أمس، أثناء قدومه من مدينة الرقة إلى مقرّه في بلدة عقيربات في ريف حماة الشرقي، وفق مصادر «الجيش الحر». وفي التفاصيل فإن إحدى مجموعة من «الحر» تمكنت من رصد تحركات العويد، وتمكنت من تصفيته رمياً بالرصاص أثناء عودته إلى مقره. والعويد هو «أمير كتائب الفاروق» الإسلامية في حمص قبل أنّ يبايع «داعش» الذي عيّنه أميراً للتنظيم في حمص والمنطقة الشرقية، والعويد من قرية العويد شرقي حمص، وهو خريج كلية التجارة والاقتصاد، ووالده يمتلك شركة مقاولات في منطقة باب عمر في حمص بالشراكة مع المقاول أمجد بيطار، الداعم الأساسي لـ«كتائب الفاروق» الإسلامية.


المليحة سقطت
عسكرياً، وهناك بعض المسلحين على الأطراف الشمالية للبلدة
على صعيد آخر، اشتدتّ الاشتباكات في الغوطة الشرقية للعاصمة، ولا سيّما في المليحة. مصدر ميداني أكّد لـ«الأخبار» أنّ «المليحة سقطت عسكرياً، هناك بعض المسلحين الموجودين على الأطراف الشمالية للبلدة، ولا يتجاوز عددهم الخمسين». وسيطرت وحدات من الجيش على كتلٍ جديدة من الأبنية، التي كان قد اتخذها المسلحون مقارّ لهم، وضبطت بداخلها قطع أثرية وكميات كبيرة من الذهب، بحسب المصدر. إلى ذلك، تتواصل الاشتباكات في المناطق المحيطة بالمليحة، في بلدات زبدين وجسرين وزملكا وعين ترما، التي يسعى مسلّحوها إلى تخفيف الضغط عن رفاقهم المحاصرين في المليحة و«لكن بلا جدوى»، يقول مصدر ميداني، «فالجيش يحقق انتشاراً متكاملاً في تلك المناطق، بما يشكل سدّاً منيعاً أمام أي محاولة اختراق للطوق المضروب». وأحرز الجيش تقدماً طفيفاً في منطقة المتحلق الجنوبي المجاورة لبلدة زملكا، وسط الغوطة الشرقية، بحسب المصدر.
وفي القلمون، شمالي دمشق، قالت مصادر عسكرية إنّ الجيش «لاحق مجموعة مسلحة في جرود رنكوس وقتل بعضاً من أفرادها»، في وقت استهدفت فيه مدفعية الجيش مناطق وجود المسلحين في الحارة الغربية وساحة المحطة والحكمة والنابوع في الزبداني. وفي الريف الجنوبي الغربي للعاصمة، تواصلت الاشتباكات في مناطق داريا وزاكية وخان الشيح، فيما سقطت قذيفة هاون على حي القصاع، شرقي العاصمة، وأودت بحياة مواطن وجرحت آخرين.
إلى ذلك، شهد الريف الغربي في محافظة درعا مواجهات عنيفة بين الجيش و«كتائب فرسان حوران» و«أبو عبيدة الجراح». وتركّزت المواجهات في منطقة نوى وتلال الجموع، وقتل خلالها أحد الزعماء المسلّحين الميدانيين، المدعو أحمد محمد الشعابين، وهو لبناني الجنسية، إضافة إلى مقتل 5 من المسلّحين الذين كانوا برفقته. مصدر مطلع أكّد لـ«الأخبار» أن المسلّحين بادروا بالهجوم على وحدات الجيش في تلك التلال، «إلا أن الجيش تمكّن من صدهم، ولا يزال يلاحق من تبقى منهم». وأكّد «نقل بعض المسلّحين الجرحى إلى الكيان الصهيوني لتلقيهم العلاج هناك»، فيما قصف الطيران الحربي مقار المسلّحين في الأحياء الجنوبية من بلدة نوى، وفي بلدات تسيل وسحم الجولان، ملحقاً خسائر فادحة بصفوف المسلّحين، بحسب المصدر ذاته.

غارتان على مقار «داعش» في الرقة

في موازاة ذلك، نفّذ سلاح الجو غارتين جويتين في الرقة، استهدفت الأولى مبنى المحافظة، وهو المقر الرئيس لتنظيم «داعش» في «ولاية الرقة»، ومقر «والي» التنظيم، وفيه معتقل يضم العديد من أبناء المحافظة. أما الغارة الثانية، فقد استهدفت مبنى «دار مال الرقة»، الذي حوله «داعش» إلى «المحكمة الإسلامية الشرعية»، وهو ملاصق لمبنى المحافظة من جهة الشمال. وحققت الغارتان إصابات في صفوف التنظيم، كما تواردت الأنباء عن سقوط قتلى من المدنيين المارة. وضرب عناصر «داعش» طوقاً أمنياً حول المناطق المستهدفة، في ظل تكتم شديد على عدد القتلى.