تونس | مرة أخرى عجز ممثلو الأحزاب السياسية والمنظمات الراعية للحوار الوطني عن التوافق حول أي انتخابات سوف تُنظم أولاً، في الوقت الذي تتمسك فيه حركة النهضة بتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية في اليوم نفسه. وازداد التباين حدةً بين الأحزاب السياسية في ما يتعلق بالانتخابات البرلمانية والرئاسية، عقب فشل الجلسة الثانية المخصصة لهذا الموضوع الإشكالي، الذي كان يفترض حسمه منذ أيام وقد فشلت الجلسة المنعقدة السبت الماضي في التوصل إلى اتفاق، بعدما تباينت الآراء بين الأحزاب التي ترغب في تنظيم الانتخابات البرلمانية أولاً، والأحزاب التي تطالب بتنظيم الرئاسية أولاً.
حركة النهضة ومعها أحزاب أخرى، من بينها المسار الديموقراطي والتيار الديموقراطي والتحالف الديموقراطي وآفاق تونس والمؤتمر من أجل الجمهورية وبعض الأحزاب الصغرى، تطالب بأن يكون تنظيم الانتخابات البرلمانية أولاً، كذلك تتبنى حركة النهضة خيار التزامن، في حين تطالب حركة نداء تونس والتكتل من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري والجبهة الشعبية بتنظيم الانتخابات الرئاسية أولاً. وكل هذه الأحزاب لديها مرشحون بارزون للانتخابات الرئاسية من زعاماتها، مثل حمة الهمامي بالنسبة إلى الجبهة الشعبية، وهو الزعيم التاريخي لليسار الراديكالي، وترشح حركة نداء تونس رئيسها الباجي قائد السبسي، والحزب الجمهوري نجيب الشابي، والتكتل رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر. وكل هؤلاء نظرياً لهم فرص في الانتخابات الرئاسية، على عكس المجموعة الأولى من الأحزاب التي لا تملك رموزاً جاهزة وقادرة على خوض الرهان الرئاسي، لذلك فإن تمسكها بإجراء الانتخابات البرلمانية أولاً يعود أساساً إلى سعيها لدعم حظوظها في الانتخابات، إذ إن نتائج الانتخابات الرئاسية التي ستكون في دورتين، ستنعكس آلياً على الانتخابات البرلمانية.

قدّم رئيس حزب المستقبل مبادرة للمصالحة بين الليبيين

من جهة أخرى، لا تزال الأحداث الدامية في ليبيا تخيّم على الشارع التونسي وطبقته السياسية. فتعثر الانتقال الديموقراطي في ليبيا وتواصل فوضى السلاح وتنازع السلطة ومناطق النفوذ، تهدد الوضع التونسي بالانفجار بسبب اتساع الحدود البرية وتشابك المصالح وعلاقات المصاهرة والقرابة والتبادل التجاري، وولادة لوبيات التهريب في المناطق الحدودية التي أصبح لها نفوذ واسع، وأحياناً مسلّح على الحدود بين البلدين، إلى حدّ فقدان الدولة لسلطتها! وفي هذا السياق، قدّم رئيس حزب المستقبل (من الأحزاب المحسوبة على النظام السابق) الصحبي البصلي، مبادرة لتنظيم لقاء مصالحة بين الليبيين تحتضنه تونس، بحضور ممثلين عن القبائل الليبية. وتأتي هذه المبادرة الجديدة التي لقيت اهتماماً من وسائل الإعلام، بعد المبادرة التي قدّمها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والرئيس المؤقت منصف المرزوقي للوساطة بين الفرقاء، والتي لم تلق أي قبول. وقد أعلن عدد من قيادات الأحزاب الليبية، من بينهم محمود جبريل، رفضهم لها، كذلك طلبت بعض الجهات في ليبيا من رئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي التدخل لتنظيم لقاء مصالحة ووساطة، لكنه اعتذر عن ذلك ونصحهم بألا يتدخل بينهم أيّ كان، حسب ما أكده مقربون منه لـ«الأخبار».