بعد ليلة ماطرة، أكدت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، استشهاد سبعة من مقاوميها العاملين في «وحدة الأنفاق»، عقب انهيار نفق أرضي لها شرق قطاع غزة. وقالت الكتائب، في بيان، بعد يوم من غياب المصير النهائي لمن فقد الاتصال بهم، إن 11 مقاوماً من الوحدة انهال عليهم أحد الأنفاق شرق غزة، بفعل تصدعات جزئية أصابته نتيجة الأحوال الجوية، ما أدى إلى استشهاد سبعة ونجاة أربعة.
وتتراوح أعمار الشهداء، الذين يصطلح عليهم شعبياً باسم «شهداء الإعداد»، ما بين التاسعة عشرة والخامسة والعشرين، وهم: ثابت الريفي، غزوان الشوبكي وعز الدين قاسم (هؤلاء الثلاثة أعلن أنهم عناصر في وحدة النخبة الخاصة بالاقتحامات وراء الحدود)، بجانب الشهداء: وسيم حسونة، محمود بصل، نضال عودة وجعفر حمادة، وجميعهم من «كتيبة التفاح والدرج». وأوضحت «القسام» أن عملية الترميم كانت لنفق قديم استخدمته خلال تصديها للاجتياح البري في عدوان صيف 2014، كما قالت إن الشهداء السبعة شاركوا في عمليات نوعية أسفرت عن مقتل وجرح عدد من جنود العدو.
مصادر أمنية قالت، في حديث إلى «الأخبار»، إن شائعات كثيرة انتشرت عن سبب انهيار النفق، منها أن الإسرائيليين فتحوا سدود مياه مع القطاع. لكن حديث هذه المصادر وإعلان وزارة الحكم المحلي في غزة، يوضح أن فتح السدود كان مع وادي غزة (منطقة أخرى) على غرار ما يحدث في كل عام حينما تشتد الأمطار، فيما حدثت عملية الانهيار في منطقة شرق غزة، وهي تحديداً المنطقة التي شهدت اختفاء الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون.
وعملياً، فإن «معركة الإعداد» وحفر الأنفاق لم تتوقف للحظة بعد الحرب الأخيرة، وفق توصيف فصائل المقاومة ورصد العدو الإسرائيلي. ولا يبدو الإصرار على العمل في ظل الأجواء الماطرة إلا دليلاً على أن المقاومة تستغل كل ساعة متاحة للتحضير لحرب مقبلة يهدد بها الإسرائيليون بين حين وآخر، مع أن الانهيار الأخير أدى إلى إيقاف العمل مؤقتاً حتى عودة التربة إلى استقرارها.
وجاء النعي بعد ساعات قليلة على إعلان سابق أشارت فيه «كتائب القسام» إلى احتمال وجود أمل في إمكانية نجاة المقاومين كلهم، لكنها أعلنت لاحقاً استشهاد السبعة ونجاة الأربعة، من النفق الذي انهار مساء الثلاثاء الماضي. واستمرت عملية الانتشال إلى ما بعد إعلان الكتائب استشهاد مقاوميها، وذلك لحساسية الأوضاع الأمنية التي تحيط بظروف النفق وطبيعة وجوده، كما أفادت مصادر أخرى.
ولما تحمله هذه القضية من اهتمام شعبي كبير، نعت الفصائل الفلسطينية على اختلاف توجهاتها وفي بيانات عديدة، شهداء «القسام»، معتبرة إياهم مضوا في سبيل الدفاع عن الشعب الفلسطيني. ولا يوجد عدد دقيق لشهداء الإعداد في الأنفاق وغيرها، ولكن «كتائب القسام» أعلنت خلال الشهر الماضي استشهاد مقاومين، هما: محمد النجار وباسم الأخرس، للسبب نفسه، كما كانت قد أعلنت استشهاد اثنين آخرين في كانون الأول الماضي، هما: عبد الرحمن المباشر ومحمود جحجوح.
ومع أن مسؤولين في المقاومة أعلنوا انتهاء العمل في ترميم الأنفاق التي تعرضت للقصف خلال عدوان 2014 وجاهزيتهم لأي مواجهة مقبلة، تدل الظروف الميدانية على أن عملية الترميم أو بناء أنفاق جديدة، تواجه صعوبات كثيرة في ظل الحصار المتواصل، والتشديد البحري وعلى الحدود مع مصر.
يذكر أن أول عملية عسكرية استخدمت فيها الأنفاق، خلال الانتفاضة الثانية، في غزة، كانت في موقع «ترميد» العسكري في رفح عام 2001، حينما حفر نفق أسفل برج عسكري جرى تفجيره، وبعد عامين تكرر الأمر مع موقع «حردون» في رفح، وذلك وصولاً إلى استخدام الأنفاق في الحرب الأخيرة باتجاهين: الأول تأمين التنقل الداخلي، والثاني تنفيذ عمليات متنوعة، كإطلاق الصواريخ و«الإنزال خلف خطوط العدو».
وبعد نجاح تجربة حزب الله في صد عدوان تموز 2006، تعززت فكرة الأنفاق في غزة التي تخلو من امتيازات جغرافية تؤهلها لتحقيق إنجازات عسكرية كبيرة، كونها منطقة ساحلية مشكوفة.
في المقابل، لم تنفك القيادات السياسية والأمنية الإسرائيلية ووسائل الإعلام العبرية من الحديث عن الخطر التي تمثله الأنفاق في أي مواجهة مقبلة، والجهود المبذولة من المقاومة في حفرها، وكذلك العدو في منعها أو تقليص مقومات بنائها.