بعد ساعات طويلة من الصمت، منعت الرقابة العسكرية خلالها التطرق إلى الموضوع، بدأ الإعلام العبري يتحدث عن «اختفاء» ثلاثة مستوطنين بالقرب من مدينة الخليل، مع خشية أن يكونوا مخطوفين. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، جمع وزير حربه وقادة الأجهزة الأمنية لتقدير الوضع، محملاً السلطة الفلسطينية المسؤولية عن مصير «الفتية الثلاثة». أما الإعلام العبري، فأعرب عن قلقه من فرضية «الخطف والقتل»، وأيضاً من «نقل المخطوفين إلى قطاع غزة». نتنياهو، الذي طلب من وزرائه الصمت حيال «اختفاء» المستوطنين الثلاثة، جمع في مقر الأركان العامة للجيش وزير حربه موشيه يعلون وقادة الأجهزة الأمنية، في جلسة وصفها الإعلام العبري بأنها تأتي في إطار تقدير الوضع تجاه «حادثة الخطف». الجلسة التي استمرت ساعات، ختمها نتنياهو ببيان حمّل فيه السلطة الفلسطينية، بقيادة محمود عباس، المسؤولية عن سلامة الثلاثة، مشيراً إلى أن «الحكومة ستبذل كل جهد مستطاع من أجل إعادتهم إلى منازلهم سالمين».
مصدر سياسي رفيع المستوى شارك في الجلسة الأمنية، أشار للقناة العاشرة إلى أن السلطة الفلسطينية هي المسؤولة، مؤكداً أن «حادثة الخطف» هي دليل إضافي على التصعيد الذي بدأ في الفترة الأخيرة، بعد أن شكل محمود عباس حكومة وحدة مع «منظمة إرهابية»، في إشارة منه إلى حركة حماس.

كيري اتصل
بعباس وطالبه بالمساعدة في البحث
عن المستوطنين
وكان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي قد أعلن رسمياً فقدان الاتصال بثلاثة مستوطنين منذ ليلة الخميس الماضي، بالقرب مستوطنة «غوش عتسيون» الواقعة إلى الشمال من مدينة الخليل المحتلة، مشيراً إلى أن الجيش أطلق حملة تمشيط واسعة في المنطقة للعثور عليهم. وأشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أن المستوطنين الثلاثة هم من الذكور، ومن طلاب معهد ديني يهودي، وأن اثنين منهم يبلغان 16 عاماً، والثالث 19 عاماً، مضيفاً أن «إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بصورة خاصة عن فقدان الثلاثة، إذ إن أحدهم يحمل الجنسية الأميركية».
وذكر مراسل صحيفة «هآرتس» أن المستوطنين الثلاثة شوهدوا يغادرون معهدهم الديني في ساعة متأخرة من ليلة الخميس، واستقلوا بالمجان سيارة وجدت لاحقاً محروقة في منطقة قريبة، مع التقدير أن السيارة تابعة للخاطفين، فيما أشارت القناة الأولى إلى أن «الشكوك قد تعززت بعد أن وجدت وحدات عسكرية سيارة أضرمت فيها النيران في منطقة قريبة من المنطقة التي اختفى فيها الثلاثة، وفرضية التحقيق قائمة الآن حول أنهم أُجبروا على ركوب سيارة أخرى، نقلتهم إلى جهة مجهولة». بينما نقل تقرير آخر أن الأجهزة الأمنية تحركت للبحث عنهم بعد أن أبلغ والد أحد المخطوفين بفقدان الاتصال بابنه.
مصادر في جهاز الأمن العام (الشاباك)، أكد لموقع «واللا» الإخباري أنهم والجيش يقدرون أنه جرى «خطف» المستوطنين الثلاثة من قبل تنظيم فلسطيني، وخصوصاً أن هواتف «الفتية» مغلقة وتوقفت عن إرسال إشارات بمقدورها أن تساعد في تحديد مكانهم، مضيفة أن الموقع الأخير الذي جرى تحديده من خلال شبكة الهواتف الخلوية، هو الطريق ما بين كفر عتسيون ومستوطنة ألون شفوت. فيما أشار مصدر عسكري رفيع المستوى لموقع «معاريف» إلى أن «الجهود تبذل في هذه المرحلة على المستوى الإخباري والميداني، من خلال تسيير طائرات غير مأهولة فوق منطقة الخليل، إضافة إلى حملة تمشيط واسعة ضمن عملية أطلق عليها اسم، من بيت إلى بيت».
ومساء أمس، ارتفع مستوى القلق من أن إسرائيل تواجه عملية أسر جديدة، وكشفت تقارير النشرات الإخبارية المسائية عن وجود «فرضيات متطرفة»، لا ترتبط فقط بـ«عملية خطف»، بل أيضاً بعملية خطف وقتل أو نجاح الخاطفين بنقل المخطوفين إلى قطاع غزة، الأمر الذي يفسر الأوامر الصادرة عن رئيس أركان الجيش، بني غانتس، الذي وجه وحداته العسكرية للاستعداد والجاهزية لمواجهة كل سيناريو وفرضية ممكنة.
وكانت القناة العاشرة قد أشارت إلى أن الوحدات الأمنية والعسكرية تعمل منذ الصباح، قبل إعلان اختفاء الثلاثة، في مسعى حثيث لجمع المعلومات الاستخبارية من الأرض والجو عن المفقودين، إلا أن مراسلها للشؤون العسكرية نقل عن مصادر أمنية رفيعة تأكيده نصب حواجز في المناطق الجنوبية من فلسطين المحتلة، خوفاً من محاولة نقلهم إلى قطاع غزة، مشيراً إلى أن إسرائيل لا تنظر بجدية إلى بيانات تصدر في الإعلام العربي تتحدث عن تبني تنظيم فلسطيني سلفي مسؤولية خطف المستوطنين الثلاثة، بل ترى المسؤولية ملقاة على السلطة الفلسطينية وحركة حماس.
إلى ذلك، تلقى الرئيس محمود عباس اتصالاً من وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي طالبه بالمساعدة في البحث عن المستوطنين. وفيما أكد أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، أنه «طالما بقي فلسطيني مقاوم في الضفة الغربية فلن يهنأ المحتل الغاشم... سيكتوي الصهاينة بنار جرائمهم بحق الأسرى والمسرى.