مع سيطرة «داعش» على أجزاء واسعة من العراق، عاد الحديث الغربي عن أولوية دعم «المسلحين المعتدلين» في سوريا. الرئيس الأميركي باراك أوباما، في معرض حديثه أمس عن الوضع العراقي، أكّد أنّ «علينا أن نحدد المعارضة المعتدلة في سوريا لمساعدتها ضد المتطرفين، وأيضاً ضد الحكومة السورية»، معتبراً أنّ «تدريب المعارضة المعتدلة في سوريا ودعمها يشكلان تحدياً كبيراً» لبلاده، رغم أنّ «مساعداتنا للمعارضة لم تنقطع».
وعلى جبهة باريس المتحمّسة دوماً لمعاقبة دمشق ودعم معارضيها، أفاد بيان رئاسي أمس بأنّه «يتعيّن على الدول المعارضة للنظام السوري زيادة دعمها للجماعات التي تقاتل الجهاديين في ضوء اتساع نطاق الأزمة في العراق»، وأبدت استعدادها للمساهمة في مثل هذه الجهود. واتهم الرئيس فرانسوا هولاند نظيره السوري بشار الأسد، في البيان، «بالحفاظ على علاقات ملتبسة مع جماعات إرهابية واستخدامهم ضد المعارضة السورية بدلاً من قتالهم».
وأضاف البيان أنّ «الحرب التي يشنّها ضد شعبه أدّت إلى إيجاد مساحة حرة للإرهابيين بين سوريا والعراق». ورأى أنه بناءً على ذلك «تريد فرنسا من (مجموعة) أصدقاء سوريا تعزيز وتنسيق دعمهم للمعارضة التي تقاتل الجماعات الجهادية. إنها مستعدة للمشاركة».
في المقابل، دعت موسكو الغرب إلى احترام خيار الشعب السوري والتخلي عن خطط دعم المعارضة المسلحة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، إنّ دعم الغرب للمعارضة المسلحة في سوريا قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها.
وأشار إلى أنّ بلاده وافقت على المشاركة في إعداد مشروع قرار دولي حول تسهيل تقديم مساعدات إنسانية لسوريا من الدول المجاورة، مؤكداً أن ذلك يجب أن يجري وفقاً لقواعد القانون الدولي وبشرط احترام سيادة سوريا وموقف حكومتها لدى القيام بإجراء عمليات إنسانية.
وشدّد المسؤول الروسي على أنّه لا يمكن الحديث عن اتخاذ أي إجراءات تعسفية، بما فيها استخدام القوة في هذا المجال.
وفي السياق، قال مندوب أستراليا لدى الأمم المتحدة، جاري كوينلان، أمس، إنّ اقتراحاً روسياً بفتح أربعة معابر حدودية إلى سوريا لإيصال المساعدات من تركيا والعراق والأردن «ليس جيداً بما يكفي» ويحتاج إلى مزيد من العمل لضمّه إلى مسودة قرار لمجلس الأمن الدولي.
وتتفاوض الدول الخمس التي تتمتع بحق النقض حول قرار إنساني صاغته أستراليا ولوكسمبورغ والأردن لدعم المساعدة الانسانية لملايين المحتاجين في سوريا.
وأفادت موسكو بأنها حصلت على موافقة سوريا على فتح المعابر الحدودية المذكورة في مسودة النص المقدم من الدول الثلاث بموجب صيغة «بعيدة المدى». وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن ذلك يشمل استخدام مراقبين لتفتيش القوافل.
لكن دبلوماسيين من الأمم المتحدة عبّروا عن القلق من شروط الحكومة السورية المقترح وضعها على الخطة وكيف يمكن أن تؤثر في إمكان تنفيذها على الأرض.
وأضاف كوينلان أنه «ما زلنا ندرسه (الاقتراح الروسي) لنرى كيف يمكن أن يعمل... سنتأكد من أنه مجدٍ على الأرض ويضمن وصولاً أكبر... بالطريقة التي صيغ بها.. لسنا على اقتناع بأن هذا هو الحل». ورأى المندوب الروسي فيتالي تشوركين، بدوره، أنه يمكن تبني مشروع القرار خلال أيام.
إلى ذلك، أعلنت وكالة «يوروستات» (المكتب الاوروبي للإحصاءات) أنّ اللاجئين السوريين يشكّلون ربع من حصلوا على اللجوء السياسي في الدول الـ28 للاتحاد الأوروبي، متقدمين بذلك على الأفغان والأفارقة. وقال المكتب الأوروبي إنه من أصل خمسين ألف سوري فرّوا من بلادهم الى الاتحاد الاوروبي العام الفائت، حصل 35 ألفاً و800 شخص على وضع الحماية.
وبذلك، يشكل السوريون 26 في المئة من 135 ألفاً و700 طالب لجوء منحهم الاتحاد الاوروبي الحماية. وازداد عدد السوريين الذين استقبلهم الاتحاد الأوروبي بنحو الضعف مقارنة بعام 2012، وتم استقبال ستين في المئة منهم في السويد (12 ألفاً) وألمانيا (9600).
وأعلنت ألمانيا، الاسبوع الفائت، أنها ستستقبل عشرين ألف سوري يشكلون ضعف العدد المتوقع حتى الآن.
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء التركي، بشير أطالاي، إنّ عدد اللاجئين السوريين الذين تؤويهم مخيمات لاجئين ومدن في تركيا بلغ مليوناً و50 ألف شخص. وأكد أنّ حكومته خصّصت أكثر من 4 ملايين دولار من المساعدات للاجئين السوريين داخل أراضيها.
من ناحية أخرى، أعرب وزراء خارجية «دول التعاون الإسلامي» عن «رفضهم الانتخابات الرئاسية التي تمت أخيراً في سوريا وكافة نتائجها»، في إشارة إلى عدم الاعتراف بفوز الرئيس بشار الأسد في تلك الانتخابات. جاء هذا في «إعلان جدة» الصادر في ختام أعمال الدورة الـ41 لمؤتمر مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت على مدار يومين في مدينة جدة تحت عنوان «استشراف مجالات التعاون الإسلامي».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)