أعطى الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز من وقته الباقي بعد قضائه إجازة خاصة في الرباط، 84 دقيقة لزيارة الحليف الجديد في مصر. جلسة المباحثات بينه وبين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم تتعد حدود 35 دقيقة، فيما كان نصيب الدقائق الأخرى لإجراءات الهبوط والمغادرة، فالملك لم يستطع، أو لم يرد، أن تطأ قدماه أرض الكنانة. هكذا جرت الزيارة الأولى في عهد السيسي بعد آخر زيارة لعبد الله في زمن حسني مبارك قبل 4 سنوات. وليس بالضرورة أن يستفز هذا المشهد أنصار المشير، أو أن يكون مادة خصبة لتوجيه الانتقادات إليه من خصومه، بغض النظر عن السبب الحقيقي لكون اللقاء في الطائرة، فإن هذا الحدث يسجل في غير مصلحة الرئيس المصري الذي «صعد» مع وفد رفيع المستوى ليقابل الملك.
بجانب السيسي خطا على درج الطائرة كل من رئيس الوزراء إبراهيم محلب، ووزير الدفاع الفريق صدقي صبحي، وفي استقبالهم كانت القهوة السعودية ذات المذاق المرّ، ومصافحةٌ من الوفد السعودي الذي ظهر منه وزير الخارجية سعود الفيصل، ووزير المال إبراهيم بن عبد العزيز العساف.
جلّ ما بثه التلفاز صورة الطائرة المتوقفة في المطار، لكن التفاصيل على شحّها كانت محسومة سلفاً. هي رسالة دعم مع أنها لم تصل بالصورة المطلوبة، ثم جاءت لقطات أخرى بثها التلفزيون المصري للملك عبد الله وهو يتكئ على «مشاية»، قبل أن يقبّل السيسي رأسه.
واشنطن سترسل مندوباً لها في مؤتمر المانحين الذي دعت إليه الرياض
مما جرى الحديث فيه بعد تبادل التهاني وتأكيد الشكر، إشادة السيسي بمبادرة عبد الله لعقد مؤتمر أصدقاء وأشقاء مصر الذي يهدف إلى تقديم الدعم اللازم لها خلال المرحلة المقبلة. وتناولت المباحثات الثنائية أيضاً «التطورات الأخيرة في العراق وسوريا وليبيا، وأهمية العمل المشترك بين البلدين لمواجهة التحديات».
وحاول السفير السعودي لدى مصر، أحمد قطان، أن يوضح جزءاً من دلالات الزيارة بوصفه إياها بالزيارة التاريخية، معيداً تأكيد أن أول رسالة لهذه الزيارة هي تهنئة الرئيس المصري لمناسبة انتخابه، «والأمر الثاني تأكيد دعم المملكة القوي لمصر وشعبها، وخاصة في هذه المرحلة الحساسة». وتابع قطان: «السعودية ومصر هما جناحا هذه الأمة، ومن هنا تأتي أهمية هذه الزيارة لتنسيق المواقف بين قيادتي البلدين».
في إطار متصل، قال مسؤول دبلوماسي مصري، أمس، إن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، سيزور العاصمة المصرية غداً (الأحد) لعرض موقف إدارته من مؤتمر المانحين، والتفاهم حول مشروع قانون أميركي لخفض المساعدات للبلاد. وأضاف المسؤول الدبلوماسي، الذي طلب إخفاء اسمه لحساسية منصبه: «كيري آثر أن تكون زيارته عقب زيارة الملك السعودي ليعلن موقف واشنطن من مؤتمر المانحين، ولإعلام المسؤولين المصريين بأن بلاده سيكون لها ممثل في هذا المؤتمر».
بالتوازي مع ذلك، كشفت صحيفة «الفايننشال تايمز» البريطانية، في مقال بعنوان «الإمارات توظف مستشارين لمساعدة الإصلاحات في القاهرة»، أن دبي تحول مساعدتها لمصر من المساعدات المباشرة إلى تطوير القطاع الخاص، «وهي بذلك تسعى إلى المساعدة في بناء قواعد اقتصادية أقوى في البلد العربي المحوري». وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات التي هي واحدة من أقوى الأصوات في المنطقة ضد «الإسلام السياسي» تعهدت مع السعودية والكويت تقديم مساعدات تقدر بـ16 مليار دولار على الأقل للرئيس السيسي الذي أطاح «الإخوان المسلمين» من الحكم، ذاكرة أن «من بين الإصلاحات الرئيسية التي يجب على القاهرة اتخاذها الحد من الدعم للوقود الذي يمثل خمس الإنفاق الحكومي»، وهو ما يمسّ شرائح كبيرة من المجتمع المصري.
(الأخبار، الأناضول)