تعددت المواقف الإسرائيلية والهدف واحد، فسواء أهاجم القادة الإسرائيليون الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أم أثنوا على مواقفه، في كلتا الحالتين هم يريدون دفعه واستدراجه إلى تجاوز موقفه في استنكار عملية أسر المستوطنين، والانتقال إلى المرحلة العملية في فك الشراكة مع حركة «حماس».
فبعدما قابل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تصريحات عباس التي استنكر فيها عملية الخليل بانتقادات وضغوط متواصلة، قرر الأول تغيير الأسلوب من دون أن يتغير مطلبه، وهو قال أمس إنه يقدر التصريحات الصادرة عن «أبو مازن» لكنه أعاد تكرار مطلب فك الشراكة مع «حماس». وأضاف نتنياهو، وفقاً لما نشره موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «التصريحات الصادرة عن عباس مهمة، وإذا كان حقّاً يعني ما قاله فمن المنطقي أن ينهي التحالف مع حماس».

كيري هاتف
عباس، أمس، للمرة الثالثة منذ اختفاء المستوطنين
اللافت أن القناة العبرية الثانية كشفت أن نتنياهو تراجع في اللحظة الأخيرة عن استهداف مؤسسات السلطة ضمن حملة جيشه، وذلك بعد مطالبة ثلاثة وزراء من حكومته، «لكن رئيس الوزراء وافق رغم أن وزراء آخرين طالبوه بالتوقف نظرا إلى موقف أبو مازن من عملية الخطف ما جعله يتوقف عن اتخاذ القرار». يذكر أن عباس تلقى أمس اتصالاً هاتفيّاً، هو الثالث منذ اختفاء ثلاثة مستوطنين إسرائيليين، من وزير الخارجية الأميركي جون كيري. ونقلت الوكالة الرسمية للسلطة «وفا» أنه جرى بحث الأوضاع في الضفة المحتلة دون إيراد أي تفاصيل أخرى.
في سياق آخر، تطرق نتنياهو إلى التصريحات الصادرة عن رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل التي بارك فيها العملية، قائلاً: «مشعل يؤكد مرة جديدة أن حماس تلتزم الحرب ضد إسرائيل ومواطنيها، وكذلك ضد كل يهود العالم».
ميدانيّاً، ذكرت إذاعة جيش الاحتلال أن المجلس الوزاري المصغر قرر تقليص الحملة العسكرية في الضفة المحتلة «والتركيز على عمليات البحث عن المستوطنين الثلاثة». ولفتت الإذاعة، استناداً إلى مسؤول إسرائيلي، أن القرار اتخذ في ظل تقديرات متباينة ومخاوف كبيرة داخل المجلس الوزاري من أن يؤدي استمرار العملية الواسعة خلال شهر رمضان إلى إشعال الأوضاع الميدانية «إضافة إلى الخشية من تزايد الانتقادات الدولية التي ستوجه إلى إسرائيل».
بالتوازي مع هذا التطور، اعترف مسؤولون عسكريون إسرائيليون بأن عمليات الجيش وصلت إلى طريق مسدودة بسبب النقص في المعلومات الاستخبارية، مشيرين إلى أن الأجهزة الأمنية ستركز عملياتها في المناطق الواقعة شمال وغرب الخليل «على أن تنتهي الحملة الكبرى في الأيام القريبة».
ورغم أن تل أبيب حاولت إثارة قضية مستوطنيها المفقودين في مجلس حقوق الإنسان، فإنها تعرضت لهجوم عنيف من ممثلين عن عدة دول. فقد أوفدت وزارة خارجيتها، في خطوة تهدف إلى حشد رأي عام عالمي مناصر، والدة أحد المفقودين إلى جنيف للمشاركة في جلسة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وإلقاء كلمة، لكن مهمتها ازدادت صعوبة بعد تعرضها لانتقادات من عدد من ممثلي الدول الأعضاء.
وقبل أن تدلي تلك الأم بكلمتها، تعرضت لاعتراض كلامي من جانب عدد من ممثلي الدول الأعضاء الذين اعتبروا أن الاحتلال هو أساس العنف. من هؤلاء ممثل كوبا في المجلس الذي قال إن «إسرائيل تخرق القانون الدولي وتستخدم العنف ضد النساء والأطفال»، وهو نفسه ما شارك فيه ممثل البرزيل منتقداً عمليات البناء الاستيطاني.
في إطار متصل، رفض مجلس الأمن الدولي في نيويورك طلباً أردنياً بإصدار قرار يدين العقوبات الجماعية التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين من خلال العمليات الواسعة على مدار 13 يوما بحجة البحث عن المستوطنين الثلاثة. رفْض القرار جاء في أعقاب المعارضة الأميركية، إذ قالت مندوبة الولايات المتحدة، سمنثا باور، خلال جلسة المجلس المغلقة، إن «أي انتقاد مباشر لإسرائيل هو تجاوز لخط أحمر». وكان الفلسطينيون قد قدموا طلباً إلى المجلس نفسه لإصدار قرار يدين إسرائيل.
ضمن هذا المشهد، يصر المسؤولون السياسيون الإسرائيليون على ربط «حماس» بالعملية وادعاء أن لديهم إثباتات قاطعة عن وقوفها وراء العملية. من هؤلاء وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي قال في حديث إذاعي إن «إسرائيل لديها أدلة دامغة على أن حماس هي المسؤولة عن اختطاف المستوطنين»، لكنه لم يخض في تفاصيل هذا الاتهام. وأضاف ليبرمان: «لن نتصالح مع محاولات منح الشرعية الدولية لحماس».