رام الله | أعلن الأسرى الإداريون الفلسطينيون فجر أمس تعليق إضرابهم عن الطعام بعد 64 يوماً عانوا خلالها أوضاعاً صحية صعبة بالتوازي مع تضامن ضعيف على المستوى الرسمي والفصائلي. ونقلت مؤسسات ذات علاقة إلى جانب وزارة شؤون الأسرى التي أوكلت حقيبتها إلى وزير الزراعة في حكومة التوافق، عن الأسرى أنهم علقوا الإضراب بعد سلسلة لقاءات عقدوها مع إدارة مصلحة سجون الاحتلال.
ولم تتضح حتى كتابة التقرير بنود هذا الاتفاق، لكن ممثلي الأسرى ذكروا خلال لقاءاتهم مع المحامين أنهم سيعلنون تفاصيل الاتفاق كافة بعد عودة من تدهورت صحتهم من المستشفيات إلى السجون، أي بعد 72 ساعة من إعلان تعليق الإضراب. مع ذلك، ذكرت المؤسسات المعنية بعض بنود الاتفاق، ومنها تراجع الاحتلال عن الإجراءات القمعية التي فرضت على الأسرى عقب إضرابهم، إضافة إلى إعادة المضربين إلى السجون التي نقلوا منها، كذلك تضمن الاتفاق تحديد سقف العام الاعتقال الإداري، على أن يكون أي تمديد لاحق مرهوناً بقضية معروفة وحكم قضائي.
هذا ما أكده أيضاً مدير مركز الأسرى للدراسات، رأفت حمدونة، الذي قال إن الاتفاق اشترط وقف تمديد الإداري لأكثر من عام، «وهو البند الذي سبب معاناة كبرى للأسرى الذين قضى بعضهم 10 سنوات دون حكم أو تهمة محددة». وقال لـ«الأخبار»: «من الإنجازات التي حققها هذا الإضراب أنه كشف الاحتلال أمام العالم، فلأول مرة أدانت عشرات المنظمات الحقوقية والإنسانية إسرائيل».
حمدونة فسر قرار قيادة الإضراب تأجيل إعلان تفاصيل الاتفاق، بالإشارة إلى أن تشتت الأسرى في أكثر من سجن وصعوبة الاتصال بينهم «سيجعل الأمور تأخذ المزيد من الوقت من أجل تحديد النتائج ثم عرضها على الجميع». لافتاً إلى وجود ظروف كثيرة أثرت سلباً في إضراب الأسرى وشكلت ضغطاً، «ومن أبرزها انشغال القيادة السياسية بتشكيل حكومة التوافق وما صاحبه من تشتت إعلامي أيضاً، ثم جاء انشغال الشارع بعملية الاحتلال العسكرية في الضفة عقب اختفاء ثلاثة مستوطنين، وهو ما حاصر قضية الأسرى وهمّشها إعلامياً».
الوزير العيسة قال بدوره إن قرار التعليق اتخذته اللجنة التي انتخبها الأسرى المضربون لتمثلهم، مشيراً إلى أن وزارته كانت تنسق مع تلك اللجنة. وأضاف لـ«الأخبار»: «بلغتنا لجنة الأسرى منذ يوم الثلاثاء أن إسرائيل رضخت وبدأت مفاوضتهم بعد أن كانت ترفض ذلك». وتابع نقلاً عن اللجنة: «التوصل إلى الاتفاق لم يكن أمراً مفاجئاً، بل جاء بعد سلسلة اجتماعات انتهت فجر أمس».
اللافت أن العيسة أكد أن الأسرى لم يوقفوا إضرابهم بل علقوه، «وهو ما يعني أنهم سيعاودون الإضراب إن لم تلتزم مصلحة السجون تطبيق بنود الاتفاق». ويتقاطع مع حديثه إعلان الأسرى الإداريين في مستشفى «ايخيلوف» أمس، أنهم استجابوا لقرار تعليق الإضراب مستندين إلى توصيات اللجنة القيادية، وهم ينتظرون تنفيذ وعود الاحتلال، لكنهم أكدوا أنهم «سيستأنفون الإضراب إن لم تنفذ البنود التي اتفق عليها»، كما نقل محامي نادي الأسير يوسف متيا.
أما عن تصريحات الاحتلال بشأن مواصلة سياسة الاعتقال الإداري، فعقب الوزير: «إسرائيل ترتكب جرائم يومية في مختلف القضايا»، مكملاً: «نحن وكل العالم نؤكد أن ما ورد في اتفاقية جنيف الرابعة يختلف تماماً عمّا تمارسه إسرائيل، لأن سياسة الاعتقال الإداري تعسفية».
تعليقاً على المشهد، رأى المحلل السياسي، عبد الستار قاسم، أن الأسرى وجدوا في الاتفاق ما يرضيهم، معللاً بأنّ «من يضرب عن الطعام يكون بحاجة إلى سبب قوي لإنهاء الإضراب، والأخبار تقول إن الأسرى توصلوا إلى اتفاق مع الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، فإذا توصلوا إلى اتفاق، فما الداعي لمواصلة الإضراب، وخصوصاً أنّ الخطر أصبح كبيراً على حياة المضربين بعد 64 يوماً».
وحمّل قاسم، في حديث مع «الأخبار»، منظمة التحرير والسلطة المسؤولية عن ضعف التضامن مع قضية الأسرى واستفراد إسرائيل بها، قائلاً: «لم يكن هناك استراتيجية واضحة من أجل الإفراج عن الأسرى». واستدرك: «فصائل المقاومة ومن بينها حماس بدأت تعمل على تحريرهم بأسر الجنود».
في بيانٍ لاحق، حذرت قيادة الإضراب من تداول الشائعات عن البنود، نافية أن تكون قد بعثت أي تفاصيل إلى وسائل الإعلام، وناشدت جميع الأطراف التحلي بالصبر والمسؤولية حتى إعلان التفاصيل رسمياً. ورغم تعليق الإداريين إضرابهم بصورة جماعية، فإن الأسير أيمن طبيش يواصل إضرابه المفتوح منذ 119يوماً، ويرفض وقفه أو تعليقه حتى تلتزم مصلحة سجون الاحتلال الإفراج عنه. في هذا الصدد، أوضح نادي الأسير أن طبيش محتجز في مستشفى «ايخيلوف» على أن ينقل إلى مستشفى «تل هشومير» لأنه يعاني ظروفاً صحية صعبة للغاية.
حركة «حماس» وصفت من جهتها «رضوخ سلطات الاحتلال لمطالب الأسرى الإداريين» بأنه «انتصار لمعركة الأمعاء الخاوية ضد السجّان وكسر لغطرسة المحتل.» وأوضح بيان للحركة أمس أن الأسرى نجحوا في جمع الشعب الفلسطيني في دعم قضيتهم. وأضاف البيان: «تحرير جميع الأسرى من سجون الاحتلال كان وسيبقى على رأس أولوياتنا».
في سياق ذي علاقة، بدأت كتائب القسام، الذراع العسكرية لـ«حماس»، نشر ما قالت إنه «التفاصيل الكاملة والدقيقة لعملية الوهم المتبدد» التي أسرت خلالها الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من موقع عسكري جنوب قطاع غزة قبل ثمانية أعوام. وجاء كشف «القسام» هذه التفاصيل التي ستنشرها تباعاً بالتزامن مع ذكرى أسر شاليط، وذلك بعد أن تكتمت على تفاصيل العملية رغم مرور ما يزيد على عامين ونصف على إبرام صفقة التبادل.