حدد المجلس الوطني التأسيسي التونسي، أمس، موعدي الانتخابات التشريعية والرئاسية وفق ما اقترحته الهيئة المستقلة للانتخابات في ٢٦ تشرين الأول للانتخابات التشريعية و٢٣ تشرين الثاني للدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، أما موعد الدورة الثانية للانتخابات الئاسية فستحسمه هيئة الحوار الوطني والهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
تصديق المجلس الوطني التأسيسي بغالبية الحاضرين على موعدي الانتخابات جاء بعد يومين فقط من انطلاق عملية تسجيل الناخبين، وسيتواصل التسجيل حتى آخر شهر تموز القادم.
تساؤلات عدة تحيط بالاستحقاقين المقبلين، أولها عن نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة مقارنةً بالدورة السابقة في تشرين الأول 2011، حين شهدت مقاطعة 50% من الناخبين الذين لم يقوموا بالتسجيل في القائمات الانتخابية في مراكز التسجيل وفي البلديات.
وتعول الأحزاب السياسية على ارتفاع الإقبال هذه المرة. وخصوصاً أن الانتخابات الماضية، أوصلت «الائتلاف» الى السلطة، بعدما قادته حركة «النهضة» وتقاسمت بواسطته الحكم مع حزبي «التكتل من أجل العمل والحريات» «المؤتمر من أجل الجمهورية». حزب «التكتل» ترأس المجلس الوطني التأسيسي عبر أمينه العام مصطفى بن جعفر، وحزب «المؤتمر» أوصل أمينه العام منصف المرزوقي الى رئاسة الجمهورية، فيما لم يحصد سوى 7 آلاف صوت فقط.
تحديد موعد الانتخابات يُعدّ محطة مهمة جداً في مسيرة الانتقال الديموقراطي التي تعيشها البلاد منذ أربع سنوات تقريباً. ويمكن القول إن تونس نجحت، على الرغم من كل العثرات، في وضع دستور توافقي وفي إصدار قانون انتخابي توافقي لم يقصِ أنصار النظام السابق.
الى ذلك، تم إقرار هيئة عليا للقضاء العدلي وأخرى للإعلام وثالثة لـ«الحقيقة والكرامة» المكلفة النظر في تجاوزات نظامي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.

يعيش المواطن التونسي إحباطاً حيال «التغيير» وأحلام «الثورة»

ما جرى التوافق عليه، صباح أمس، عده رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر (الصورة)، خلال لقاء مع الصحافيين، «المحطة الأخيرة» في مسار عمل المجلس الوطني التأسيسي. ورأى بن جعفر أنه «لا يعقل أن يتأخر قانون مكافحة الإرهاب أكثر من ذلك». ويذكر أن هذا القانون أثار جدلاً كبيراً، إذ ترفض كتلة حركة «النهضة» وكتلة حركة «المؤتمر من أجل الجمهورية» وبعض النواب المستقلين إمرار هذا المشروع على اعتبار أنه يحوي «تعسفا»، وأنه «يذكر بقانون مقاومة الإرهاب» الذي كان معتمداً في عهد بن علي، والذي أُقرّ منذ ٢٠٠٣.
في السياق نفسه، انطلقت حملات الأحزاب لدعوة المواطنين الى التسجيل في القوائم الانتخابية، واتخذت أحزاب الترويكا الحاكمة، «النهضة» و«المؤتمر» و«التكتل» من «مكافحة الثورة المضادة» شعاراً لحملاتها الانتخابية. أما الأحزاب الأخرى، تحديداً الأحزاب الدستورية أو القريبة منها مثل «نداء تونس» فقد اعتمدت شعار «مقاومة الخراب» الذي تعيشه تونس منذ ثلاث سنوات ونصف، وخصوصاً منذ تولي الترويكا الحكم.
وبحسب المؤشرات الأولى، من المتوقع أن يكون الإقبال على الانتخابات أضعف من الانتخابات السابقة، إذ يعيش المواطن التونسي إحباطاً عاماً حيال «التغيير» وأحلام «الثورة».
هذا يعود الى تراجع مجالات كثيرة في يومياته، مثل الأمن والخدمات والقدرة الشرائية مع ارتفاع كبير في الأسعار وتفاقم البطالة وتجاهل العناية بالبيئة، وتراكم النفايات وانهيار السياحة، وتراجع قيمة الدينار. ويرى قسم كبير من التونسيين أن الثورة لم تحقق تغييرات كبيرة الا على صعيد حرية الاعلام والمشاركة السياسية، وهما مكسبان يخرجان الى حد بعيد عن اهتمامات الطبقات الفقيرة في البلاد. غير أن التونسيين يأملون أن يتجاوزوا المرحلة الانتقالية باتجاه مرحلة يسودها الأمن والاستقرار.