أربيل | يتعرض إقليم كردستان العراق، الذي ينعم منذ سنوات باستقرار اقتصادي وأمني وسياسي، لأزمة مالية خانقة، تتمثل في شح السيولة في البنوك، فضلاً عن انتكاسة في معنويات المواطنين. هذه الانتكاسة أتت نتيجة قرارات سياسية صدرت من بغداد منذ بداية عام 2014، قضت بقطع الميزانية ورواتب الموظفين عن الإقليم، لعدم اتفاق بغداد وأربيل على ملف النفط، بأوامر من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، فضلاً عن تدهور الأوضاع الأمنية في مدن قريبة من الإقليم، ونزوح الاف المواطنين اليها، ما تسبب بإرباك الوضع الاقتصادي وتدهور الأسواق وارتفاع الأسعار.
عضو اللجنة المالية في برلمان إقليم كردستان هيفا حاجي ميرخان، قالت لـ«لأخبار»، إن «95 % من ميزانية الإقليم كانت تأتي من بغداد، وهي مقطوعة منذ بداية العام الحالي»، ورجحت استمرار الأزمة حتى بداية 2015.
وأضافت «لدينا خطط للخروج من الأزمة المالية الموجودة، وهي الاهتمام الواسع بالواردات الداخلية واعتماد واسع على الضرائب، وقطاع الزراعة والصناعة والسياحة، فضلاً عن ذلك سنستمر في بيع النفط، وهنالك طلبات كثيرة تصلنا بذلك، وتحديداً من دولة تركيا، التي تشتري النفط باستمرار، مع أن واردات النفط لا تغطي حاجة الإقليم».
وتابعت ميرخان أن «المصاريف التي يدفعها الإقليم منذ بداية السنة، يُغطّى جزء منها من واردات النفط، والجزء الآخر من الإيرادات الداخلية، إضافة إلى ما لديها من أموال مخزّنة»، لافتةً إلى أن «أسباب أخرى أثّرت في إرباك الوضع الاقتصادي على نحو كبير، منها قطع الطرق، وبعض الحدود، نتيجة العمليات العسكرية، ودخول مجاميع مسلحة كـ«داعش» إلى مدن قريبة من الإقليم، ما أدى إلى نزوح الآلاف من المواطنين إلى الإقليم، ما سبّب ضغطاً كبيراً».
كذلك، اعترفت بوجود مشكلة أخرى، وهي «عدم وجود بنية تحتية اقتصادية قوية لدى الإقليم، لمواجهة تحديات مفاجئة كهذه، بكل تأكيد ما يجري من واقع اقتصادي يؤثر في المواطنين وفي الأسعار التي ترتفع وتنخفض، إضافة إلى وجود تجار استغلاليين، لكن في مجال الاقتصاد، هذا الواقع أمر طبيعي».
وخلصت ميرخان إلى القول، لقد «فقدنا الأمل مع بغداد، تحدثنا معهم كثيراً، تنازلنا مراراً، لكن المالكي قرر عدم إعطائنا ميزانيتنا، وهذا يُعدّ ظلما بحق الشعب الكردي».
يُذكر أن رواتب الموظفين في الإقليم، والأموال الخاصة بالمشاريع، المحددة ضمن ميزانية الإقليم، تأتي من بغداد، وبموجب هذه الميزانية، تضع الحكومة الأموال التي تأتي من بغداد داخل بنوك خاصة، وتقوم تلك البنوك بتوزيع الرواتب على الموظفين وإنجاز مشاريع.
وبحسب آخر إعلان لحكومة الإقليم، ذكرت أن لديها عجزا بمقدار 3 ملايين دولار، وُزّع على قوات البشمركة، كرواتب خلال هذه الفترة، وهذه المبالغ أتت من واردات النفط.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي مظفر حمزة لـ«لأخبار»، «إن الإقليم يواجه في المرحلة الحالية تحديات كبيرة، يجب معالجة الأمور بأسرع وقت ممكن»، لافتاً إلى «أننا نفتقر إلى بُعد اقتصادي يضمن المستقبل».
وتابع إنه «ما من شيء يسمّى 17 % من الميزانية (وهي حصة الإقليم من موازنة بغداد)، يجب على الإقليم البدء بمرحلة اقتصادية جديدة، وإبداء الشفافية لعبور هذه المرحلة، وعدم المراهنة على أي ملف، حيث لا يمكن العمل بالمنظور الاقتصادي السابق».
وأضاف أن «الإرباك والتدهور الاقتصادي الحاصل في الإقليم، كان لهما تأثير داخلي وخارجي، حيث إن عمليات الاستيراد والتجارة انخفضت بنسبة 50 %، وتأثرت الطلبات على المواد الاستهلاكية والعقارات، ما ولّد عدم ثقة بالمستقبل الاقتصادي في الإقليم، وعلى السلطة السياسية إصلاح الوضع».
من جانبه قال سوران عمر (50 عاماً) من مدينة أربيل لـ«الأخبار»، «نعيش في وضع اقتصادي مؤثر جداً، وهنالك خوف كبير من الآتي، وعلى الحكومة معالجة الأمور بطريقة ما».
وأضاف أن «الضغط الحاصل على محافظات الإقليم بسبب نزوح الآلاف من المواطنين إليها، أثّر في حياتنا الخاصة، نقف من أربع إلى ستّ ساعات للحصول على الوقود، الذي كان يكفينا سابقاً، فضلاً عن ارتفاع أسعار أنابيب الغاز، التي وصلت إلى 17 دولار تقريباً».
وقررت الحكومة المحلية في أربيل، منح الوقود للمواطنين بنظام الفردي والزوجي، كي يقل الزحام الحاصل على محطات الوقود.
وتأثرت محطات الوقود في الإقليم بعجز واضح عقب الأعمال المسلّحة في قضاء بيجي، تحديداً بالقرب من مصفاتها النفطية، التي تموّل أغلب المحافظات الغربية في العراق.