بغداد ــ الاخبارقلب إعلان أبو عمر البغدادي الخلافة الإسلامية، المعادلة السياسية في العراق، حيث أظهرت اتصالات الساعات الأخيرة أن الإصرار على تنحية نوري المالكي عن رئاسة الحكومة سوف يعدّ بمثابة انتصار للمشروع الآخر.

وقالت مصادر قريبة من مكتب المرجعية في النجف إن المرجع السيد علي السيستاني اقتنع بضرورة عدم إعطاء الفرصة لانتصار المشروع المضاد في العراق، وإنه تراجع عن تحفظه على بقاء المالكي، لكنه اشترط تغييراً شاملاً في طاقم رئاسة الحكومة والأجهزة القيادية في الدولة. ولم تقفل المرجعية الباب نهائياً أمام احتمال أن يكون مستشار المالكي طارق نجم هو المرشح البديل في حال الاتفاق على خروج المالكي من الحكم.
ويفترض، بحسب توصية سابقة للسيستاني، أن يتم الانتهاء من التفاهمات حول التشكيلة القيادية في العراق في موعد أقصاه مساء اليوم، تمهيداً لعرضها كاملة على البرلمان في الجلسة المقررة صباح الغد.
وتتوقع الأوساط السياسية العراقية إعلان قادة الكتل، هذه الليلة، الاتفاق النهائي على الرئاسات الثلاث، للدخول إلى البرلمان صباح يوم غد باتفاق مكتمل.
وتحاصر ساسة العراق توقيتات دستورية وأمنية، وإرادات إقليمية ودولية، وضغوط شعبية، وسط أزمة أمنية خانقة، تحتاج إلى حوار حكومي سريع يفصل بين «داعش» وأهل المحافظات التي ترزح تحت سيطرة المسلحين.
وتسرّب بعض المصادر السياسية الرفيعة أنباء عن الاتفاقات وأسماء التشكيلة الحكومية المقبلة، في وقت يجهل فيه النواب المنتخبون ما يدور في أروقة منازل القادة، وفي الاتصالات الساخنة بين القيادات السياسية والدينية من جانب، وبين القيادات وإيران وأميركا من جانب آخر.
وشكّل اجتماع التحالف الوطني ليل السبت الأحد صدمةً للمراقبين، بعد خروجهم ببيان شكلي ينص على التزام التحالف الوطني بترشيح رئيس للوزراء، من دون الإشارة إلى أي إجراءات تنفيذية تمهد للتشكيلة الحكومية.
القيادي في ائتلاف دولة القانون عباس البياتي قال لـ«الأخبار»، إن «المباحثات لا تزال مستمرة لإعلان مرشح التحالف الوطني لرئاسة الوزراء، ولم يتم الإعلان عن أي مرشح حتى اللحظة»، في وقت كشفت فيه مصادر رفيعة من داخل التحالف الوطني عن أن المباحثات كانت تتركز حتى صباح أمس على مرشحين اثنين، هما رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري، ونائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبد المهدي.
وبينت المصادر أن ائتلاف دولة القانون، باعتباره الكتلة الأكبر داخل التحالف، أصر على إقحام مرشحه طارق نجم، القيادي في حزب الدعوة الإسلامية ومستشار رئيس الوزراء نوري المالكي، ليتنافس مع المرشحين الآخرين.
اجتماع السبت لم يحضره التيار الصدري، بينما غادره المالكي بعد سبع دقائق فقط من انعقاده، في حين نشبت خلافات على طرح أسماء المرشحين، واتفقوا بعدها على إعادة الحياة لكتلة التحالف الوطني قبل كل شيء، ومن ثم نقل أجواء النقاشات إلى السيد السيستاني.
وأوضحت المصادر أن إقحام طارق نجم أدى إلى إنهاء اجتماع قادة مكونات التحالف الوطني من دون نتيجة، إلا أنهم اتفقوا من حيث المبدأ على القبول بمرشح الكتل السنية لرئاسة البرلمان سليم الجبوري، وهو قيادي سابق في القائمة العراقية التي تزعمها إياد علاوي في الدورة البرلمانية المنقضية، ورئيس كتلة «ديالى هويتنا» التي تمتلك ستة مقاعد فقط في البرلمان الجديد.
ويبدو أن بورصة الترشيحات لخلافة المالكي اختلّت بعض الشيء، لكن الجميع اتفقوا على حسم الأمر مساء اليوم الاثنين، في الاجتماع الحاسم المقرر لقادة التحالف الوطني، في وقت تجرى فيه اتصالات مكثفة بين جميع الأطراف لحسم التشكيلة الحكومية.
وفي هذا الإطار، رجّحت الحوزة العلمية في النجف الأشرف، تدخّل المرجعية الدينية لإنهاء الخلاف سريعاً، «من دون تدخّلها في اسم المرشح لقيادة البلد في هذه المرحلة العصيبة».
وتفيد التسريبات أيضاً بأنه تم الاتفاق على مرشح الأكراد القيادي في حزب الاتحاد الكردستاني برهم صالح، لتولي رئاسة الجمهورية.
وعلى الرغم من أن النائبة عن التحالف الكردستاني سوزان شهاب قالت لـ«الأخبار»، إن «التحالف الكردستاني لن يعلن مرشحه ما لم يطّلع على مرشح التحالف الوطني لرئاسة الوزراء»، مشيرةً إلى تمسّك «الكردستاني» بالاشتراك في الحكومة الجديدة، كجزء من العراق. إلا أن مصادر من داخل التحالف الوطني أكدت «تسمية التحالف الكردستاني برهم صالح لرئاسة الجمهورية».
وكان رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، قد تلقى اتصالاً هاتفياً ليل السبت من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في وقت انفضّ فيه اجتماع التحالف الوطني من دون الإعلان عن أي نتائج. وذكر بيان لحكومة إقليم كردستان أن كيري أطلع البرزاني على نتائج المباحثات التي أجراها في بروكسل وباريس، بشأن الوضع الراهن في العراق، وحثه على مشاركة الأكراد في العملية السياسية، وضمان تقديم كل الطوائف العراقية مقترحات بشأن المرشحين للمناصب العليا.
في غضون ذلك، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى، أول من أمس، إن الملك السعودي عبد الله تعهد خلال محادثات مع كيري، باستخدام نفوذه لتشجيع السنة على الانضمام الى حكومة جديدة في العراق، تضم مختلف الأطياف لمحاربة «داعش» بشكل أفضل .
وقال، للصحافيين في أعقاب المحادثات، «كان من الواضح تطابق وجهات نظر الاثنين بأن على جميع أطياف المجتمع العراقي المشاركة في وضع أساس عاجل لعملية سياسية تتيح لهم التقدم، وأن كلاً منهما سيطرح وجهة النظر هذه مباشرة خلال محادثات مع قادة عراقيين». وأضاف «ينبغي أن تجلس كل الطوائف على الطاولة وتطرح مرشحيها للمناصب الرئيسية. يمكنني القول إن الملك عبد الله وافق على ذلك بشكل كامل».