لا يبدو أن بيدرسن سيتراجع عن فكرة استكمال الاجتماعات في جنيف
ولم تحقّق «الدستورية»، خلال جولاتها الثماني الماضية، أيّ خرقٍ حقيقي في المشهد السياسي السوري، بعدما تحوّلت تدريجياً، إلى إجراء بروتوكولي، على رغم التفاؤل الكبير الذي أبداه بيدرسن خلال الجولتَيْن الماضيتَين، بعدما قدّمت كل من موسكو وواشنطن دعماً لهذا المسار، وأجرت أنقرة مجموعة تغييرات على هيكلية المعارضة تضمّنت تخفيضاً لتمثيل جماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة في سوريا. وعلى رغم دوران المسار الأممي للحلّ في سوريا في حلقة مفرغة، فقد شكّل، منذ نشأته عام 2018، بوابةً للبحث عن مقاربة لحلّ الأزمة، وهو ما أعطاه زخماً سياسياً وإعلامياً، وخصوصاً أنه نتج من توافق بين الدول الثلاث الضامنة لـ«مسار أستانا» (روسيا وإيران وتركيا). من جهتها، تحاول واشنطن الالتفاف على هذا المسار عن طريق تهميش دور روسيا، عبر زيادة الضغوط الاقتصادية والسياسية على خلفية الحرب الأوكرانية. وخاض هذا المسار، منذ تأسيسه حتى الآن، سلسلة من التغيّرات والمنعرجات، آخرها المبادرة التي أطلقها بيدرسين «خطوة مقابل خطوة»، والتي فيها تعهّد، بعد موافقة واشنطن، بتخفيف القيود المفروضة على دمشق، في مقابل خطوات محدّدة من قِبَلها، الأمر الذي قوبِل برفض سوري وروسي، كونه يعطي شرعية للوجود الأميركي في سوريا.
في هذا الوقت، لا يبدو أن بيدرسن سيتراجع عن فكرة استكمال الاجتماعات في جنيف، وهو ما يهدّد بإنهاء هذا المسار بعد نحو أربعة أعوام على المراوحة. ويأتي التعثُّر الأممي بعد أقلّ من أسبوع على تعثّر مماثل تحت قبة مجلس الأمن، إثر خلاف على ملفّ المساعدات الإنسانية الذي حاولت الولايات المتحدة مواصلة استثماره عبر إدخال المساعدات إلى شمال غرب سوريا، من دون موافقة دمشق، قبل أن يرضخ المجلس للشروط الروسية التي تحاول الانتقال بالحرب السورية إلى مرحلة جديدة تتمّ خلالها إعادة الإعمار بشكل متوازن، ليُصار إلى الخروج بقرار نصّ في متنه على تقديم دعم لقطاع الكهرباء، وزيادة حصة المساعدات التي تدخل تحت إشراف الحكومة السورية.