الوقاحة من ابرز صفات عدونا الصهيوني. عدو تفنن منذ احتلاله لأرضنا في قتلنا ونهب اراضينا. بنى المستوطنات حتى بتنا نحن اهل الارض نسيطر على أقل من 20 في المئة من فلسطين! تسلى باعتقال شباننا وأطفالنا وحتى نسائنا .. مثلا اعتقل العدو اكتر من 500 فلسطيني من بينهم أطفال خلال العشرة أيام الماضية. واذا تناسينا، عن قصد او غير قصد، آلاف الأسرى الفلسطينيين الموجودين في السجون الاسرائيلية منذ سنوات عديدة بتهمة مقاومة العدو، فإننا لا نستطيع اغفال موضوع المعتقلين الإداريين الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية منذ أكثر من شهرين. هل يعلم أحد ماذا يحصل خلال شهرين من الإضراب عن الطعام؟ هل يدرك الناس ان وضع الأسرى الصحي بخطر حقيقي، و انهم يعانون من مشاكل في المعدة وآلام حادة في المفاصل، وضباب في الرؤية وعوارض صحية أخرى تؤدي الى الموت؟
لا يهتم العالم بالأسرى طالما أنهم فلسطينيون يواجهون اسرائيل، لم نرَ جمعية دولية تدافع عنهم ولا هيئة عالمية فاعلة تتضامن معهم.
لذلك كان لابدّ لنا من أن ننتفض، ان نثأر للأسير والشهيد والأرض والشجر والحجر!
وجاء نبأ اختطاف المستوطنين الثلاثة، فرح الشعب كله في فلسطين وفي مخيمات العائدين المشتتين في دولٍ عدة، زغردت النساء ابتهاجاً بالعملية التي أعادت لنا روح الانتفاضة، وحملنا-مجدداً- أرواحنا كسلاح واستعدينا للمواجهات. والعدو استعدّ ايضاً: هاجم كل شيء، قلب الدنيا رأساً على عقب ليجد مستوطنيه الثلاثة، والصور التي انتشرت في الجرائد وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تظهر وحشيتهم في تفتيش البيوت لدرجة انهم اقتلعوا «كرسي حمام»، لربما يجدون احد المستوطنين تحتها! ليس هذا للتفتيش، بل محاولة كسرِ روح الناس. ان تقلقهم وتصعب عليهم العيش وتقهر ايامهم حتى تحقق ما تريد، هذه هي سياسة الصهيوني، ان يتعبنا قدر ما يستطيع ويحزننا بشدة ويسلبنا كل أمل بالحياة، و لكنه يفشل دوماً.

نحن الفلسطينيون كـ«السايكلوب» نستطيع ان نرى كيف سنموت فقط
لم ينتهِ الأمرعند ذلك بل ازداد سوءاً عندما وجدوا جثث المستوطنين، فقد العدو عقله، وبدأت تصريحات السياسيين الإسرائيليين تمُهّد لحربٍ قاسية على غزة، قال نائب وزير خارجية الاحتلال تساحي هنيغبي» لا أعرف كم عدد قادة حماس الذين سيبقون على قيد الحياة بعد اليوم!». لم يعلق احد. شهدت ليلة الثلاثاء الماضية طائرات حربية قصفت غزة بالصواريخ، أكثر من اربعين غارة شُنّت على القطاع واستشهد العديد منهم يوسف ابو زاغة (21 سنة) والفتى محمد ابو خضير (15 سنة) من شعفاط التابعة لمدينة القدس، والذي اختطف من أمام دكان والده وقُتل حرقاً وهو حي على يد مستوطنين اسرائيليين فجر الأربعاء الماضي. غزة أشرقت صواريخ (كما غنتها فرقة الراب كتيبة 5: تشرق صواريخ، شباب جاهزة، أغصان يابسة، قطاع غزة). نتألم على الشهداء و يوجعنا مشهد الأمهات، كم من امرأة فلسطينية بكت مودعةً ابنها للأبد؟ كم من فلسطينية فقدت زوجها في الأسر؟ كم من مسنّ فلسطيني بكى بيته الذي هدمه العدو أمام مرأى عينه؟ أرقامٌ كثيرة، بات الإحصاءُ صعباً و ات اقتناعي أننا نحن الفلسطينيين كـ«السايكلوب» (مخلوق اسطوري اعور تخلى عن عينه الأخرى ليمتلك قدرة رؤية المستقبل، فلم يستطع أن يرى المستقبل الا لحظة موته. نحن مثله، نستطيع ان نرى كيف سنموت فقط؛ في فلسطين سنموت كما نفعل يومياً بمواجهة مباشرة مع العدو، بتنفيذ عملية ضد الاحتلال، بقصفٍ جوي على بيوتنا. اما خارج فلسطين، فإننا نموت صبراً وقهراً في المخيمات!
ت. ن.